فقدت الساحة الفنية الجزائرية صبيحة البارحة، الفنان التشكيلي لزهر حكار عن عمر ناهز ال 68 سنة، بالعاصمة. ابن خنشلة وخريج مدرسة الفنون الجميلة، كان في أوج عطائه الإبداعي، في رصيده مئات الأعمال التي تروي ذاكرته الشخصية وتاريخ الجزائر محور رسوماته كلها. بمقبرة سيدي يحيى بالعاصمة، ودع أهل وأصدقاء وزملاء لزهر حكار، الرجل إلى مثواه الأخير، بعد أن قطع شوطا من الحياة مزينة بألوان الوطن. ابن خنشلة الوفي لمسقط رأسه (1945) انطفأت شمعته وهو يرسم لنفسه مناهج لاكتشاف ما لم يتوصل إليه بعد. رحل حكار دون أن يجد التقنية المثالية التي تساعده على رسم تاريخ الجزائر وجمال الجزائر: "كل أعمالي تدور حول الجزائر وتاريخها. التقنية وحدها تتغير. وأنا أبحث باستمرار عن تقنية تساعدني لإيجاد المادة التي تناسب تاريخي. ولم أعثر عليها بعد. أعتقد أني توصلت إلى بعض الأشياء، ولكنها ليست الغاية. علي أن أجد مادة تقول وتروي قوة الجزائري"، بهذا الرد كان الفنان التشكيلي يشرح أفكاره، وكأنه بالكلمات يشكل حالة فكرية، سرعان ما يتصورها المستمع ويفهم مقاصدها. تعرف عليه الجمهور آخر مرة في المعرض الذي نظمه المتحف الوطني للفن المعاصر والحديث (الماما) من ال 17 نوفمبر 2012 إلى ال 10 فيفري 2013، قدم فيه زهاء 300 لوحة فنية، لا تشكل حسبه سوى ثلث ما رسم وحفر على اللوح. فحياته مليئة بالتجارب وجديرة بالحكي، ولا تكفي لوحة واحدة لاختزال ما يدور في أفكاره، لهذا ظل يطلق العنان لريشته وأدواته، تنير بعض زوايا ذاكرته المكتظة. لوحاته المعلقة طيلة المعرض كان قد فكر في موضوعها أربع سنوات من قبل، قبل أن يستقر على أن يكون الفضاء رحلة في الذاكرة، حديث عن شخوص طبعوا ذاكرته الشخصية والجماعية، عن حيزية المرأة الجميلة المعشوقة والمفقودة في لحظة ألم سرمدي. رڤان أيضا حاضرة في ألوانه المتأرجحة بين الأزرق السماوي والأصفر الرملي، وطين بيوتها يقهر الصمت المفروض في أرجاء لوحته، ليكون البني لمسة حنونة على بياض مجحف. وباب الوادي كانت موجودة وستظل أيضا في ذاكرة حكار الراحل، وهو الذي خلد فيضانها بسيل من الألوان القوية، يكتب الفجيعة على طريقته. خلال معرضه عبّر حكار عن سعادته برد فعل الجمهور، خاصة الشباب منهم، حينما التمس منهم حالة من الفهم واستيعاب رسالته التي يرى أنها من واجب الفنان أن يوصلها إلى المتلقى وليست لغزا أو شفرة يتوصل إليها بعد جهد ذهني أو فضول متكرر. كان يقول إن "الرسم هو طريقة للتعبير وليس حالة فضول".