ودعت دوريس ليسنغ البريطانية صاحبة أكثر من 50 عملا روائيا، والفائزة بجائزة نوبل للآدب عام 2007، الحياة عن 94 عامًا. بعد أن كانت قد رفضت تسليم جائزة "امرأة الإمبراطورية البريطانية عام 1999".. وتعد دوريس من أهم كتاب اللغة الانجليزية ومن الروائيات الأكثر تأثيرا في القرن الماضي. وتناولت "ليسنغ" في كتاباتها قضايا العرق والأيديولوجيا والسياسات المبنية على النوع وأعمال النفس في الحياة المهنية المنتجة والمتمردة على التقاليد. وفازت بجائزة نوبل للآداب في 2007، لتصبح المرأة ال11، التي تفوز بها، وقال وكيل أعمالها جوناثان كلوز: "كانت كاتبة رائعة ذات ذهن آسر ومبدع، لقد كان العمل لها شرفًا وسنفتقدها جدًّا". ولدت ليسنغ في مدينة كرمانشاه في إيران يوم 22 أكتوبر 1919م ، حيث عمل أبوها هناك كموظف في البنك الفارسي الملكي. انتقلت العائلة بعد ذلك إلى مستعمرة بريطانية في روديشيا الجنوبية (زيمبابوي حالياً)، حيث امتلكت مزرعة، إلا أنها لم تدر أرباحاً بعكس توقعات العائلة. إرتادت ليسينغ مدرسة دومينيكان كوفينت الثانوية حتى بلغت الثالثة عشرة من العمر، حيث أكملت تعليمها بنفسها بعد ذلك. ولما بلغت الخامسة عشر من عمرها، استقلت عن منزل أسرتها وعملت كممرضة، وبدأت من ذلك الوقت قراءاتها في مجالي السياسة وعلم الاجتماع، وكان ذلك أيضا حين بدأت أول محاولاتها في الكتابة. في عام 1937 انتقلت ليسينغ إلى مدينة سايسبوري، حيث اشتغلت كعاملة تليفونات، وسرعان ما تزوجت للمرة الأولى، وكان ذلك من فرانك وسدوم، الذي انجبت منه طفلين، قبل أن تنتهي تلك الزيجة عام 1943. انضمت ليسينغ بعد طلاقها إلى نادي كتب اليسار، وهو أحد نوادي الكتب الشيوعية، والذي تعرفت فيه على جوتفريد ليسينغ، والذي سرعان ما أصبح زوجها الثاني بمجرد التحاقها بالمجموعة، وأنجبت منه طفلا واحدا قبل أن تنتهي تلك الزيجة أيضا، وذلك في 1949. اتجهت ليسينغ من فورها إلى لندن، ساعية وراء أحلامها الشيوعية ومشوارها الأدبي. وقد تركت طفليها الأولين من زواجها الأول مع أبيهما في جنوب إفريقيا واصطحبت معها الابن الأصغر. ولقد علقت ليسينغ على ذلك فيما بعد بأن قالت أنها شعرت في ذلك الوقت بأنه لا خيار أمامها، كما قالت: "لطالما ظننت أن ما فعلته هو أمر في غاية الشجاعة. فلا شيء أكثر إملالا لامرأة مثقفة من أن تقضي وقتها بلا نهاية مع أطفال صغار. فلقد شعرت أني لست أصلح الناس لتربيتهم، وأني لو كنت قد استمررت، لانتهى بي الأمر كمدمنة للخمر أو كإنسانة محبطة مثلما حدث لأمي". نتيجة للتنوع الحضاري الذي تعرضت إليه ليسنغ خلال حياتها، فقد تمكنت من استخدامه بفعالية في كتاباتها، والتي كانت تتحدث في الغالب عن المشاكل والأحداث في تلك الفترة الزمنية. ونددت القصص والروايات الأولى، التي ألفتها "ليسنغ" في إفريقيا ونشرت خلال الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي، بقيام المستعمرين البيض بانتزاع أملاك الأفارقة السود، مما جعلها شخصًا محظورًا دخوله في جنوب إفريقيا، التي كان يحكمها البيض. وفيما يخص تجربتها النسائية فلقد استطاعت بتحليلاتها العميقة إبراز "ملحمة التجربة النسائية". وكانت توصف بالكاتبة النسوية، صفة كانت ترفضها، حيث تعتبر كتاباتها كتحليل نفسي للكائن البشري بصفة عامة. دوريس معروفة بنقدها للمجتمع ولمسألة الهوية في الثقافات الأجنبية. وتعد رواية "الدفتر المذهب" من أشهر كتبها. في هذا المؤلف تقوم بتحليل للشخصية وللإبداع النسائي. ليتحول بعد ذلك إلى رمز من رموز الإمبراطورية البريطانية في الآدب. وفي روايتها (حلم عذب) تلخص تجربتها مع الحزب الشيوعي وما استجد في قناعاتها حيث تقول خلال هذه الرواية: إنها تجازوت الرؤى الطوباوية. وفي دراسة بعنوان "ليسنغ تكتب الكلمة الأخيرة عن الحب في روايتها (الحب ثانية)"، كتبت الباحثة هيذر ماليك: تعد دوريس ليسنغ أعظم كاتبة بالإنكليزية، وهي ربما من أفضل أولئك الكتّاب على الإطلاق، وأنا عاجزة عن تصوّر كيف تصدر لتلك المرأة العجوز المعطاء المتألّقة الرواية تلو الأخرى بصورة متلاحقة. إن ما يثير الدهشة حول روايتها "الحب، ثانية" Love, Agian (1996) أن صاحبتها تكبّدت مشقة أن ترينا "ليسنغ في نسختها الجديدة"، وأنها ما تزال قادرة على تحقيق النجاح في ذلك. إنها أي الرواية أفضل ما كتبته منذ "مذكرات جين سمرز"Diaries of jane Somers"، وتكاد ترقى إلى جودة روايتها التي بخست حقها : "الصيف الذي يسبق الظلام" "The Summer Before the Dark"، والرواية في ظني تضاهي كثيراً أشهر رواياتها، وأنزعها الى التجريب: "المفكرة الذهبية" "The Golden Notebook". ينبغي أن تثق بليسنغ عندما تأخذ على عاتقها مهمة الحديث عن الحب، تلك القضية الأهم، هي والموت طبعاً، ففي مكنة أي شخص أن يكتب عن الحب، لكن وحدها ليسنغ من تملك الشجاعة على استلال ذلك المفهوم مستقلاً، وإعادته ثانية إلى سياقاته بطريقتها الخاصة. هذه الرواية واحدة من أفضل ما صادفت من روايات الأفكار، على الرغم من أن كثيراً من المراجعين قد كرهوها، ربما لعمق أفكارها، ناعتين حبكتها بالمنصّة التي تسبغ عليها ليسنغ نظرياتها. وعليّ أن أسأل ثانية أولئك الأشخاص: أفليست تلك منصة جيدة، أفلا تحمل أفكاراً جديرة بالاهتمام؟ ألا تلامس قلوبكم وعقولكم؟ ولماذا تمتهنون نقد الأدب إن كنتم بهذه الصرامة؟ وركزت "ليسنغ" في أعمالها، التي بلغت نحو 55 رواية ومجموعة قصصية قصيرة وفي مقالاتها، على دور الأسرة والفرد في المجتمع، وغامرت بالدخول إلى عالم الخيال العلمي.