قال عمارة بن يونس رئيس الحركة الشعبية الجزائرية وأحد أبرز حلفاء الرئيس بوتفليقة "إن الوقت لا يكفي لتعديل الدستور، وأعتقد أن ذلك سيكون بعد الرئاسيات"، التصريح الذي يؤكد الشرخ بين حلفاء الرئيس بوتفليقة بشكل غير مسبوق، طوال سنوات حكمه. هل هذا التصريح عبارة عن تحليل أو معلومة أو معلومة معلّبة بالتحليل؟ بالنسبة لعمارة بن يونس رئيس الحركة الشعبية الجزائرية "إنه تحليل شخصي وليست معلومات"، إذ هذا ما قاله لقناة فرانس 24 على هامش زيارته الرسمية إلى فرنسا كوزير للتنمية الصناعية والاستثمار، حيث اطلع هنالك على مشاريع استثمارية للمصنّع العالمي للسيارات "رونو". وقال عمارة بن يونس إنه لا يعتقد بأن "الوقت كافٍ لتعديل الدستور، وعلى الأرجح سيكون ذلك بعد الانتخابات الرئاسية". تصريح من هذا النوع يضع عمارة بن يونس كحليف سياسي "استراتيجي" للرئيس بوتفليقة بعد زوال التحالف الرئاسي، وجها لوجه مع عمار سعيداني، حيث طالب بالجناح الذي يقوده داخل جبهة التحرير الوطني بتعجيل تعديل الدستور قبل الرئاسيات، وكان قبلها سعيداني قد أعلن صراحة بأن التعديل سيحصل قبل الاستحقاق الرئاسي في 2014، وهو الموقف الذي قرأته الطبقة السياسية بأنه إيذان لسعيداني بتمهيد وتحضير الرأي العام لإعلان تعديل دستوري وشيك. وبالرغم أن عمارة بن يونس قد أوضح بأن تصريحه القائل "بتعديل دستوري بعدي" عبارة عن تحليل وليس معلومة، إلا أن السياق السياسي الذي جاء فيه، لا يسمح له بطرح مسألة سياسية بالغة الحساسية وعلى مقربة من موعد مصيري، في شكل تحليل "خاطئ أو يحتمل الخطأ"، خاصة وأنه يجر وراءه مصداقية حزب بأكمله مندمج في استراتيجية العهدة الرابعة. فتوقيت التصريح وموقعه (فرنسا) يمثلان عاملين مهمين وأساسيين في إعلان المواقف والإدلاء بالتصريحات، وهذه أبجديات لا يمكن أن تخفى عن رجل ناضل طويلا في السياسة. كما يحيل تصريح عمارة بن يونس على قراءة أخرى قد تفيد بأن الأمور لا تزال غير محسومة بعد، لتعزز أكثر مسألة أن مسودة الدستور كما يريده الرئيس بوتفليقة "لا تلقى إجماعا تاما"، خاصة وأن بعض الأخبار تتحدث على أن المشكلة التي يتم التجاذب بشأنها في مضمون الدستور هي منصب نائب الرئيس وصلاحياته وطريقة تعيّينه وبدرجة أقل شكل العهدات الرئاسية. وإذا كان من المقبول للبعض أن يقرأ في تصريح عمارة بن يونس بأنه بداية تمرد، فإن الأخير يكون قد أغلق الباب أمام هذه القراءة بتأكيده أن الرئيس "على أحسن ما يرام صحيا وأنه تعافى بشكل كبير". جدير بالذكر أن عبد المالك سلال الوزير الأول كان قد أعلن بأن توقيت تعديل الدستور لن يقرره سوى الرئيس لأنها صلاحيات حصرية لرئيس الجمهورية.