شكّل موضوع هندسة الأمن الجهوي: حالة الساحل.. موضوع ملتقى وطني، نُظم أمس الاثنين بالمدرسة العليا للعلوم السياسية بالعاصمة، وبحضور أساتذة ودكاترة باحثين. حيث تخلّلت اليوم الأول من الملتقى أيضا مناقشات تمحورت حول موضوع الملتقى، فضلا عن المداخلات المقدمة. وأكد إدريس عطية الأستاذ في العلوم السياسية بجامعة تبسة، على أهمية أن يكون التنسيق الإفريقي أداة لتحقيق أمن مستدام، فضلا عن هندسة هذا الأمن في المنطقة، حيث أشار إلى وجود عدة ارتكازات لذلك على غرار "النيباد" وهي مبادرة إنشاء الشراكة الجديدة من أجل التنمية في إفريقيا، من خلال تفعليها على "أساس تنموي". وأكد ذات المتحدث على ضرورة توافر التضامن البيني في إفريقيا وذلك بشقيه "المادي والمعنوي" خلال تدخله في هذا الملتقى الذي عرف خلال اليوم الأول من الأشغال، استعراض عدة مقاربات بخصوص الأمن الجهوي شملت المقاربات الأسياوية والإفريقية والخليجية، حيث أكد المشاركون على أهمية استعراض مجمل هذه المقاربات من أجل الاستفادة منها في أفق تشريح هندسة الأمن الجهوي في الساحل. وتم التأكيد خلال النقاش من جانب بعض المشاركين على كون مبادرة "النيباد"، التي كانت وراءها ثلاث دول هي الجزائر ونيجيريا وجنوب إفريقيا، قد وجدت من أجل جلب انتباه الدول العظمى في الجانب الاقتصادي، حيث تم التساؤل حول ما إذا لم يكن بالإمكان التأسيس لمشروع "مارشال" اقتصادي حقيقي في إفريقيا، فضلا عن الألية التي يمكن اعتمادها من أجل التأسيس لإطار سياسي من شأنه حل الأزمات في إفريقيا. كما طرحت أيضا أسئلة أخرى في غاية الأهمية، في سياق تأثير النزعة الجهوية في إفريقيا على بناء أمن جهوي وكذا إمكانية بناء أمن جهوي في ظل وجود دولتين منهارتين من الساحل، في إشارة ضمنية من أحد المشاركين إلى كل من ليبيا ومالي. ولوحظ خلال المداخلات أن المشاركين حاولوا توسيع مفاهيم المقاربات الأمنية بشكل يتجاوز طابعها الأمني الخالص إلى جوانبها الاقتصادية. وقد تحدث الدكتور سمير عياد، وهو أستاذ علوم سياسية بجامعة تلمسان، أن المدخل الاقتصادي هو أول مدخل في مرتكزات الأمن الجهوي، حيث أعطى مثالا في سياق حديثه عن هذا الجانب، عن الحروب العالمية وما حدث بعدها في أورويا من ناحية ربط الاقتصادين الألماني والفرنسي ببعضهما البعض قبل أن تلتحق باقي الاقتصاديات الأوروبية وفق ذات المتحدث الذي أشار أيضا إلى مداخل وجوانب أخرى ضمن مرتكزات الأمن الجهوي على غرار الوقاية. كما أكد المشاركون أيضا أنه من أجل بناء مركب أمني في منطقة الساحل فإنه لا بد من التحاور مع الحركات المطلبية فضلا عن استعمال ما يعرف ب "الأمن الصلب" ضد الجماعات الإرهابية، فضلا عن كون مرتكزات تصور إفريقي في هذا المجال هي مسألة تطلب توفر كل من الإرادة والثقة. وعرفت مداخلات ونقاشات اليوم الأول من الملتقى عموما، التركيز على أهمية مبادرة إنشاء الشراكة الجديدة من أجل التنمية في إفريقيا "نيباد" وكذا أهمية الجوانب الاقتصادية عموما في هندسة الأمن الجهوي. للإشارة، فقد برمجت في هذا الملتقى، الذي يدوم يومين، عدة مداخلات يلقيها أساتذة وباحثون وضباط متقاعدون على غرار مداخلات حول "تجارة المخدرات والجرائم ذات الصلة في الساحل" وكذا "مكافحة التطرف في الساحل" وذلك فضلا عن تنظيم ورشات على غرار ورشة متعلقة بالتهديدات الأمنية في الساحل الإفريقي وورشة أخرى تتعلق بالتداعيات الإقليمية لأزمات الساحل. واستفيد من الأوساط المنظمة للملتقى، أن هذا الأخير يأتي تنظيمه بالنظر لما تعرفه منطقة الساحل من تحديات تفكيكية للدول وتهديدات إرهابية، إضافة إلى الجريمة المنظمة والمخدرات والأسلحة، مما يقتضي حسب المنظمين من الدول الموجودة في هذا المجال الجيوأمني بناء تصور تكاملي لمجابهة التحديات والتهديدات التي تواجهها. مع الإشارة إلى كون الجزائر تربطها حدود تمتد على آلاف الكيلومترات مع بعض دول الساحل في إفريقيا.