أذكر، إن أول من استعمل مصطلح (الشيتة) بحمولته السياسية كمرادف للتملق والتزلف والخصي والرشوة السياسية هو الرئيس الراحل أحمد بن بلة رحمه الله، كان ذلك على قناة التلفزة الوطنية في عصرها الذهبي الذي لم يدم طويلا، عصر عبدو ب الله يرحمه. ومن يومها، أصبح هذا المصطلح قوي الحضور، له دلالات في قاموس الخطاب السياسي والإعلامي الجزائري، جاء مفهوم (الشيتة) ليغطي حاجة الخطاب السياسي لتوصيف واقع إجتماعي مختل وغير نظيف، حيث الولاء قبل التفكير، حيث الطاعة قبل النقاش، وبسرعة استطاعت (الشيتة) كمفهوم أن تدخل الخطاب بالعربية وبالفرنسية وبالأمازيغية على حد سواء. حين التفكير في مفهوم (الشيتة)، علينا أن نفرق ما بين سلوك المواطن البسيط الذي قد يهلل ويصفق دون إدراك لفعله، وهذا ناتج عن حالة هيمنة الوعي الزائف الغالب في المجتمع والقادم من المدرسة ومن الدين السياسي، وسلوك المثقف (الشيتوي) الذي يمارس هذا الفعل مع سبق الإصرار و الترصد. وعلينا أيضا، أن نفرق ما بين الولاء لفلسفة ما والذي هو مغامرة فكرية قابلة للنقد والمراجعات باستمرار والولاء للأشخاص، الذي هو حالة مرضية وعبودية جديدة. في الجزائر، ثلاثة أنواع من الشيتات، وهي ماركات وطنية مسجلة، وكل شيتة لها مواصفاتها ولها ثمنها، ولها أسلوبها وأتحدث هنا عن شيتة المثقف: أولا: شيتا المثقف المعرب: وهو الذي ظل يشيتي منذ الإستقلال ولا يزال يشيتي ومآله التهميش الدائم أو أطراف الولائم وقد ورث ثقافة الشيتة من التراث العربي الذي مركزه علاقة السلطان بالمثقف المتمثل في صورة الشاعر، حيث غالبية الشعراء كانوا شياتين للملوك والأمراء، منذ الإبتدائي لا يقرأ التلميذ من الشعر العربي إلا قصائد المدح في الخلفاء والملوك والأمراء وهذا الحال المريض ثقافيا أنتج مصالحة داخلية مع ثقافة المدح لدى المثقف المعرب، ومع ذلك فالشيات المعرب في بلادنا يشبه (بيرو عراب) Bureau Arabe في الزمن الكولونيالي، والشيات المثقف المعرب هو بورصة بئيسة من الدرجة الثانية في سوق الإدارة و السياسة. ثانيا: شيتا المثقف الفرنكفوني: وهما نوعان الشياتون الذين يعيشون بالخارج والشياتون الذين يقيمون بالداخل الخارجي، والعمل بينهما على ما يظهر عليه من تناقض، إلا أنه منسجم ومتناسق ومتكامل، وهي شيتة ببورصة عالية القيمة، بورصة باليورو، وذات فعالية في المردود الإعلامي والمؤسساتي، ويراهن عليها الحكام كثيرا، وعليها طلب كثير، والشيات المثقف الفرنكوفوني شيات محتشم. ثالثا: شيتا المثقف الأمازيغي: وهي شيتة جديدة الظهور في بلادنا، برزت مع طغيان نظام الريع وارتفاع سعر البترول، ودخول الثقافة واللغة الأمازيغية في اللعبة السياسية ونظام الحكم، وبالمقابل، هي شيتة قليلة ومحتشمة ولذلك فهي مطلوبة بشكل جنوني، وقد بدأت في السنوات الأخيرة تتراكم في السوق الوطنية الثقافية، وبدأ الشياتون يتكاثرون بشكل غريب ومريب. ومع كل ذلك، يجب أن أقول حتى لا أتهم بالتعميم: إن هناك بعض بقايا الفحولة في بعض ما تبقى من المثقف المعرب وهناك بقايا قلاع الحصانة من المفرنسين الذين لم يفقدوا وصايا كاتب ياسين وهناك أيضا مثقفو المقاومة من الأمازيغ الشرفاء من لا يزال على درب محمد أركون والدا المولود معمري. كان الجمهور العباسي، هذا الخميس، على الساعة الخامسة مساء، على موعد مع العرض المسرحي صواعد، والذي كان بمثابة العرض العام لمسرحية من إنتاج المسرح الجهوي لمعسكر بقاعة المسرح الجهوي سيدي بلعباس، والتي بدت قبلة يتوافد عليها -إلى جانب الجمهور العباسي- نخبة لا يستهان بها من الفنانين من كافة أنحاء الوطن..