غادر، أمس، أكثر من 6300 محبوس مؤسسات إعادة التربية بعد أن استفادوا من العفو الذي أقره رئيس الجمهورية، وقد شملت إجراءات العفو كل الأشخاص المحبوسين الذين تابعوا تعليما وتكوينا، وأولئك الذين نجحوا خلال فترة حبسهم في امتحانات أطوار المتوسط والثانوي والجامعي وفي مختلف تخصصات التكوين المهني، كما شمل العفو المحبوسين الذين صدرت في حقهم أحكام نهائية· عجّت، أمس، مختلف المداخل والشوارع المحاذية للمؤسسات العقابية عبر الوطن بذوي عائلات المحبوسين الذين جاءوا لانتظار خروج أبنائهم دون إعطائهم أي تفاصيل عن الأشخاص الذين سيفرج عنهم، كما رفض أعوان الحراسة السماح لهم بالاقتراب من إدارة السجون للاستفسار عن أبنائهم وعما إذا كانت ستمسهم إجراءات العفو· وبالقرب من سجن سركاجي بباب جديد بالعاصمة، اصطفت العشرات من أمهات المحبوسين ينتظرن ساعة الإفراج عن ذويهن وأبنائهن، وفي كل مرة تطأ أقدام أحد المحبوسين باب الشارع الرئيسي بباب جديد، تتعالى الزغاريد، فيما انتشر بعض أعوان الأمن بهذا الشارع قصد تنظيم حركة المرور، خاصة وأن الشارع عرف زحمة سير كبيرة، كما توقفت بعض سيارات الشرطة بمدخل القصبة العليا أي بحي سيدي رمضان· اقتربنا من بعض الأمهات والأولياء لنسألهم عن الأشخاص المعنيين بإجراءات العفو، فأكد لنا عدد منهم أنهم يجهلون الأمر، وأكدت سيدة من باب الوادي جاءت لتنتظر خروج ابنها المحكوم عليه بعامين حبسا نافذا وقضى مدة عام في السجن، أنها سمعت أمس في نشرة الثامنة بيان الرئاسة فيما يخص العفو، وفي الصباح الباكر جاءت لباب جديد تنتظر خروج ابنها، ولم نكمل حديثنا معها حتى خرج ابنها فتركتنا، بعد أن شاهدت ابنها يغادر السجن، إذ راحت تصرخ ''رمضان خرج··· رمضان خرج''، كما كانت تطلق زغاريد رفقة نساء أخريات جئن معها، أما ''مهدي'' الذي غادر السجن، فقد أكد لنا بعد خروجه أن هناك طابورا كبيرا من المحبوسين ينتظر الخروج، كما أوضح لنا أنه قضى في الحبس ستة أشهر كاملة من أصل حكم قضائي ب 18 شهرا، لكنه استفاد من العفو كونه يزاول دروسا في التكوين المهني· أما شاب آخر يدعى ''بلقاسم''، وهو من ولاية المسيلة، فقد أكد لنا أنه قضى مدة عام كامل في سجن سركاجي، وقد صدر في حقه حكم بعامين سجنا في قضية تتعلق بالسرقة، وعبر لنا عن سعادته بقرار العفو، كما أضاف أنه سيسافر إلى المسيلة مباشرة· ما شد انتباهنا أيضا هو العدد الهائل من العائلات والأطفال الذين اصطفوا أمام السور المقابل للسجن وهم ينتظرون خروج المساجين دون تزويدهم بأي تفاصيل عمن ستمسهم إجراءات العفو، في حين كان الشباب يصنعون الفرحة بمجرد مغادرة أي محبوس باب السجن، وهم يرددون بعض الشعارات والهتافات التشجيعية المألوفة في ملاعب كرة القدم· هذا السيناريو تكرر أيضا في سجن الحراش الذي عج بالمئات من ذوي وأفراد عائلات المحبوسين الذين كانوا ينتظرون ساعة خروج أبنائهم·