قام الآلاف من أفراد الشرطة البرازيلية امس الأربعاء بتنفيذ إضراب عن العمل لمدة يوم واحد في 14 ولاية على الأقل وذلك احتجاجا على تدني الأجور. وذكرت مصادر إخبارية أن اضراب الشرطة يأتي إثر سلسلة من الإضرابات العمالية الهادفة الى الضغط على الحكومة من اجل رفع الاجور في الوقت الذي لم يتبق سوى أقل من شهر على بدء بطولة كأس العالم لكرة القدم التي من المقرر أن تستضيفها البرازيل في 12 جوان المقبل". وتستغل المعارضة اهتمام العالم، بالبطولة لتلفت النظر الى الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي، فضلا عن أنها تسعى الى كسب معركة الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في اكتوبر القادم . وأشارت مصادر إخبارية متطابقة إلى أن "المشاركين فى الإضراب الأخير يطالبون بزيادة الأجور بنسبة تصل إلى 80 %". ومع اقتراب موعد كأس العالم بدأت تتصاعد ظاهرة الإضرابات القطاعية والمظاهرات الاجتماعية فى البرازيل وكان آخرها الخميس الماضي الذي شهد أعمال عنف واشتباكات بين رجال الأمن ومتظاهرين في عدة مدن . ونقلت مصادر إخبارية ان إضراب الشرطة اثر بشكل كبير في انتشار الفوضى في البلاد التي تستعد لاستقبال عشرات الآلاف من الأجانب بعد ثلاث أسابيع قادمة، حيث هاجم عدد من المواطنين مناطق تخزين الغذاء المجهز لكأس العالم، وبددوا الكثير منه، فيما نشطت مجموعات مختلفة في عمليات السطو استهدف أساسا موقعا حكوميا ومواقع أخرى خاصة مستغلة غياب الشرطة . ولم تكن مظاهرات الشركة سوى حلقة من سلسلة. الاحتجاجات الفئوية التي تشهدها البلاد خلال الأسابيع الماضية، حيث عاشت مدن برازيلية الخميس الماضي يوما عاصفا بالاحتجاجات وأعمال العنف خلال مظاهرات شارك فيها الآلاف من مناهضي تنظيم كأس العالم ضمن ما أطلق عليه "اليوم العالمي لمكافحة المونديال" احتجاجا على النفقات العالية على تنظيم العرس العالمي على حساب الخدمات العامة للمواطنين . وعصفت الاحتجاجات في المقام الأول بمدينة ساو باولو الأكبر في البلاد والتي تستضيف في 12 جوان المقبل مباراة افتتاح المونديال بين البرازيل وكرواتيا، حيث هاجمت مجموعات يفترض انتماؤها لحركة "بلاك بلوك" مقر شركة هيونداي الكورية الجنوبية - وهي من رعاة مونديال 2014- ودمرت واجهتها الزجاجية فضلا عن عدد من السيارات. كما أضرم متظاهرون النار في أكياس وحاويات للقمامة ردا على رجال الشرطة الذين أطلقوا الرصاص المطاطي والغازات المدمعة. وبحسب موقع صحيفة "أو غلوبو"، أصيب أربعة أشخاص على الأقل خلال المواجهات، بينهم ضابط في الشرطة العسكرية، واعتقل ما يزيد على عشرين من أعضاء "بلاك بلوك". وفي ريو دي جانيرو -التي تستضيف نهائي المونديال في 12 جويلية وقعت اشتباكات عنيفة بين الشرطة ونحو ألف متظاهر كانوا يهتفون ضد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، كما شهدت مدينة ريسيفي (شمال شرق) - التي تستضيف خمس مباريات مونديالية- موجة من الجرائم بدأت منذ الأربعاء وانتهت ليل الخميس، بسبب إضراب الشرطة العسكرية. وانتشرت في البلاد عمليات سرقة وسطو في اكثر من مدينة، حيث شهدت عاصمة ولاية بيرنامبوكو موجة من السرقات الجماعية والسطو على المتاجر أجبرت مدارس وجامعات وهيئات عامة على غلق أبوابها، كما اضطر الاتحاد البرازيلي لكرة القدم إلى تأجيل مبارتين في الدوري المحلي كانتا مقررتين خلال اليومين المقبلين في ريسيفي . ورغم توقع محللين أن تكون أحداث الأسبوع الماضي مؤشرا على موجة جديدة من الاحتجاجات خلال المونديال، أكد الأمين العام للرئاسة جيلبرتو كارفاليو أن المظاهرات لا تخيف الحكومة، قائلا: "لا يوجد احتجاج يخيفنا، ما يقلقنا هو اللجوء إلى العنف، سواء من قبل الشرطة أومن قبل المتظاهرين". ووصف كارفاليو تبرير الاحتجاجات بأن الحكومة أسرفت في الإنفاق على البطولة دون أن تهتم برفع مستوى خدمات عامة للمواطنين بأنه "عبثي"، مؤكدا "أن الصحة والتعليم لم يتضررا جراء البطولة. على العكس، الكأس ستزيد عائدات الضرائب كي نتمكن من زيادة الاستثمار في الصحة والتعليم، البطولة لم تنتزع سنتا واحدا من الإنفاق على هذه القطاعات. من جهتها، وعدت رئيسة البرازيل ديلما روسيف ب«تأمين كامل" للمنتخبات والمسؤولين والسياح الأجانب الذين سيزورون بلادها خلال المونديال، وذلك خلال عشاء جمعها مع الصحفيين الرياضيين بوسائل الإعلام الرئيسية في البرازيل. وعندما سئلت عن الاحتجاجات - التي تبقى أخف بكثير مما حدث خلال كأس القارات في جوان 2013- قالت روسيف "أؤكد لكم أنه ما من أحد سيقترب من المنتخبات، لن يمس أحد اللاعبين عند وصولهم أو وهم في طريقهم إلى الملاعب مثلما حدث في كأس القارات عندما حاصر متظاهرون حافلة منتخب إيطاليا ". وفي ذات السياق قال أسطورة كرة القدم البرازيلية الشهير بيليه، إن الاحتجاجات في بلاده وتأخر أعمال البناء في الاستادات يمثل تهديدا لكأس العالم ويبعد السائحين عن البطولة. وأجاب بيليه حين سئل إن كانت الاحتجاجات في البرازيل تمثل تهديدا لكأس العالم - خلال مؤتمر صحفي في مكسيكو سيتي - قائلا: " نعم لأني أعلم بإلغاء 25 بالمائة من الأجانب لرحلاتهم بالفعل الى البلاد.. فالبطولة مهددة " وأضاف بيليه "هذه إحدى المشكلات التي أشرت اليها قبل ست سنوات. نعلم ان البرازيل نالت حق استضافة النهائيات والآن وقبل شهر على انطلاق البطولة لا تزال أعمال بناء الاستادات مستمرة وتوجد الكثير من المشكلات وهذا أمر مؤسف". وأشار بيليه أيضا الى ان توقيت المظاهرات لا يساعد البرازيل في ظل هذه الظروف. وقال بيليه (73 عاما) "كان يجب على الناس الاحتجاج عند اختيار البرازيل لتنظيم كأس العالم ونحن قريبون بشدة من النهائيات". وأضاف "لم يفكر أي شخص ان البرازيل أمامها ثلاثة أحداث رياضية هامة هي كأس القارات وكأس العالم والأولمبياد من أجل إظهار قدرات البلاد وجذب عملة أجنبية وسائحين".