وزير الثروة الزراعية لسلطنة عمان يشيد بتجربة الجزائر "الرائدة" في تحقيق الأمن الغذائي    الأكاديمي والباحث عبد الفتاح بلعروسي:التفجيرات النووية جريمة دولة لا تسقط بالتقادم    خبراء وحقوقيون:فرنسا مطالبة بتسليم خرائط التفجيرات النووية    ورقلة.. إبرام اتفاقية تعاون بين جامعة قاصدي مرباح وشركة "سيترام"    موانئ: سعيود يحث المسؤولين على الاستغلال الأمثل للإمكانات المادية والبشرية والعمل بنظام 24/24ساعة    هومل: اجتماع الجزائر مرحلة جديدة لتفعيل إنجاز"مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء"وتذليل العقبات    وهران..انطلاق الطبعة ال7 للصالون الدولي للاستثمار في الصناعة والبناء والطاقة والتصدير    المقاومة تتخذ تدابير جديدة تحسبا ليوم السبت..الاحتلال يخرق التهدئة بالقصف الجوي..    وكالة الأنباء الجزائرية ترد على هلوسة المخرن.. اختلاقات المغرب لا حدود لها …    توقرت..انطلاق قافلة مساعدات نحو قطاع غزة    وزير الصحة يستمع لانشغالاتهم..النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة تطالب بنظام تعويضي خاص    باتنة: انطلاق الطبعة التاسعة للمهرجان الوطني الجامعي للفيلم القصير    السيد عطاف يجري بأديس أبابا محادثات ثنائية مع عدد من نظرائه الأفارقة    تحضيرات إحياء اليوم الوطني للذاكرة وعروض تتعلق بملفات أخرى على طاولة الحكومة    دراجات/طواف الجزائر 2025: الجزائري ياسين حمزة يحقق الفوز الرابع تواليا ويحتفظ بالقميص الأصفر لرائد الترتيب العام    المعرض الوطني للكتاب بوهران: صناعة الكتاب بالجزائر تشهد حركية بفضل دعم وزارة الثقافة و الفنون    كرة القدم /كأس افريقيا للأمم 2026/ سيدات: المنتخب الوطني يكثف من تحضيراته    تخصيص 10 ملايير دينار لإنجاز مشاريع تنموية ببرج بوعريريج    أمطار رعدية مرتقبة بولايات الوسط غدا الخميس    ربيقة يستقبل وفداً برلمانياً    كرة القدم (الجمعية الانتخابية للاتحادية الجزائرية): وليد صادي المرشح الوحيد لخلافة نفسه    التحديات الأمنية تقتضي تعزيز التعاون    علاقة تاريخية بين سوناطراك ومجمع إيطالي    بوغالي يشيد بالدور الرّيادي للدولة    جريمة عنصرية ضد أستاذ جزائري بفرنسا    المخزن يتمادى في التطبيع العسكري مع الصهاينة    خطة تهجير الفلسطينيين من غزة "جريمة حرب" بموجب اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي    ملتقى وطني حول التشغيل والمقاولاتية في الجزائر    الاحتلال الصهيوني يمارس سياسة الإرهاب بحق المحررين وعائلاتهم ضمن صفقات التبادل    وزير الصحة يلتقي بأعضاء النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة للصحة العمومية    وزارة الفلاحة تطرح أسعار الخضر والفواكه واللحوم    الجامعة ساهمت في دعم انخراط المتخرجين في الحياة المهنية    مرسوم رئاسي يخص التأهيل الطبي للخدمة في الجيش    ؟!.. فرنسا لم تخرج طواعية    81 دراجا عند خط انطلاق المرحلة الثالثة من سطيف    ضمان وفرة السلع بأسعار معقولة خدمة للموطن    وزير الداخلية يشارك في منتدى إقليمي عربي للحدّ من مخاطر الكوارث    الجزائر ترفض المشاريع الوهمية للعبث بمصير الفلسطينيين    "الباهية" تواصل إزالة التوسعات العشوائية    لن أعمل مع رونالدو ورحيل نيمار يزعجني    الدفاع هاجس بيتكوفيتش والهجوم سلاح "الخضر"    دعوة لتأسيس نقابة حقيقية وجادة    معلول يودع اتحاد الجزائر بتأهل صعب أمام مقرة    مكتتبو "الترقوي" بغليزان يطالبون بسكناتهم    ياسين حمزة يفوز بالسرعة النهائية    إيليزي: أكثر من 20 مشاركا في تظاهرة الفن التشكيلي "آزجر"    ديوان الحج يُحذّر    وزير الصحة يلتقي بأعضاء النقابة الوطنية الجزائرية للنفسانيين    كتاب جديد عن جرائم فرنسا في الجزائر    الإعلان عن ترتيبات موسم الحج حصريا عبر المصادر الرسمية الموثوقة للديوان الوطني للحج والعمرة    نسخة مترجمة لكتاب الحكومة المؤقتة    فرسٌ تَعثّر فنهض    البروفيسور بلعقروز ينتزع جائزة الدولة للكتاب العربي 2025    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''صوفية السياسي''
نشر في الجزائر نيوز يوم 23 - 12 - 2009

هو من الأشخاص الذين يوازنوننا في جدوى حياتنا، بعد أن نكتشف شيئاً فشيئاً كلما تفتحت علينا مسامُّ أبصارنا كم هي الأرضُ رخوةٌ تحتنا، وكم هي الجدران مائلة وكم هي العدالة هشة والنفوس أنانية، والظلم من شيم النفوس، هو من أولئك الذين يعادلون فكرةً ما نتعلق بها، حين نغلق أعيننا لعلنا نرى شيئاً أجمل مما تراه عيوننا المفتوحة على مشهد التدافع الإنساني، فهو قد تماهى مع الفكرة حتى أصبح هو، فقد أنكر ذاته حتى لم نعد نعرف اسمه الأول، ولم يعد يعني في الوعي الجمعي إلا تنسكه فيه، فلا يُذكر إلا للدلالة على تلك الكيمياء التي كانت تتفاعل في الزمان الذي أمسكه ذات مكان وغمسه بروحه فانسلت الألوان·
لم يمر عليه التاريخ، وإنما هو مرَّ على التاريخ، وأمسك به وقبض عليه، هزَّه بيديه، وغيَّرَ مجراه، وعندما رحلَ وقف التاريخُ برهةً مشدوهاً قبل أن ينتبه أنه استفاق، فإذا الرجل الذي كان رحل ما زال هاهنا، حاضراً فينا وبيننا، فهو ما غاب لكنما فقط ''قضى نحبه''، وما زالت ''حضرته'' وروحه ونبضه تتموج وتتردّد ولا تخمد فهي تقتات من التعب، تعب الناس الذي لا ينضب·
لم يكن غريباً وهو يطوي مشروعه في ضلوعه، ويكابد تنسكه في آلام أمته أن يستلهم ويسند روحه إلى ضمير عمقه وأغوار جذوره، فكان ال ''هواري'' وال ''بومدين'' إثنين من الأولياء في الغرب الجزائري، أصدقَ ما يُحبُّ أن يذوبا في روحه ويصبحا ''هواري بومدين''، نافياً بذلك ذاته عن ذاته، ليولد هو فيه، فكرةً ومعنى وتجردا·
هو ابن المدرسة الكتانية ''الثانوية الدينية''، التي تركها عندما عرف أنّ السلطات الفرنسية سترغمه على التجنيد الإجباري، وهو ابن الأزهر الشريف، وهو الذي فتح عينيه على أبيه المزارع المنغمس بالأرض ويتلون وجدانه بجزائرَ مستعمَرةٍ أسيرةٍ معذَّبة، كيف يمكن أن يتشكّل وعي الفتى ذي الثلاثة عشر وهو يشهدُ عمليات القمع الاستعماري البشع في الثامن من ماي لعام خمسة وأربعين من القرن الماضي، في منطقته قالمة، ثم كيف وهو في القاهرة يكابد الإحباط جرّاء هزيمة ثمانية وأربعين واغتصاب فلسطين، فينهمك في محاول إدراك أسبابها وأدوائها·
هذا الطفل الفتى الشاب الذي غرق في المكابدة الصامتة والمتابعة المتأمِّلة دون ضجيج، ربما كان يخبِّئُ بين ضلوعه حلمه ومشروعه وتصوره، وعقد عزمه عليه، وطوى روحه على روحه، ومضى بلا أضواء ولا ضجيج، مما حيَّرَ أعداءه الذين سمَّوه لاحقاً الرجل الغامض، والرجل اللغز، لمجرد أنّه لم يمنح نفسه إلا لأمته ولم يبُح إلا لشعبه ولم يضعف إلا أمام أهله، فهو ليس مديناً لفرنسا بشيء كما قال، مما حرّره من الإحساس بالأسر للغرب، فقد نشأ وتكوَّنَ عربياً إسلاميّاً من قسنطينة إلى أعرق جامعات العالم، وقضى نحبه دون أن يزور بلداً غربياً واحدا·
حاملاً همَّ أمّته خرقةً على ظهره، متنسّكاً في الدرب إلى الانعتاق والحرية والعدالة والمساواة والمجد، كان يعبر ويعبّدُ الطريق، يصوغها حرفاً حرفاً، وشجرةً شجرةً، واصلاً آخر الليل بأوّلِ النهار، ككل الناسكين القائمين على أوجاع الناس وأشواق المضطهَدين، صوفياً سياسياً مؤمناً، فلا عجب أن يوازن أرواحنا في الركام، شاهداً على إمكانية تحقق فكرة الإنسان، فقد أصبح نهجاً وقطباً وصاحب طريق، للمُريد والمكلوم، والظمآن والمظلوم، من أوّل الحبِّ حتى فلسطين·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.