عندما سُئل عبد الله جاب الله في أوت ,2005 أي بعد عام ونيّف من الانتخابات الرئاسية ل 2004 التي حل فيها ثالثا، إذا ما كان يهدف من خلال مشواره الدعوي السياسي إلى قلب نظام الحكم، قال بأن هدفه البعيد مع أبناء المجاهدين والشهداء من الجزائريين هو إقامة الدولة الإسلامية، وقال بأنه الممثل الأول للإخوان المسلمين في الجزائر قبل نحناح لأن هذا الأخير أعلنها فقط مع بداية الثمانينيات· ويعترف جاب الله في أحد حواراته الشهيرة في قناة ''الجزيرة'' بأنه كان يقدم خدمات للسلطة بوساطاته لها مع قادة الفيس، حتى أصبح لدى هؤلاء القادة من الحزب المحل بالون اختبار لجس نبض نوايا النظام تجاههم، ''إذ قال جاب الله في أحد تصريحاته أن عباسي مدني أراد يوما معرفة موقف السلطة من خلالي يوم كنت أزوره في السجن''، وقال أيضا بأنه كان بإمكانه ''اعتلاء أي منصب أردته لما عرض علي، لكني أريد أن أبلغ من خلال رئاستي للحزب ما هو أعلى··· الجنة''· ورغم هذا التاريخ، ظل جاب الله يسوق نفسه للجزائريين على أنه المعارض الأزلي للسلطة ولا يزول بزوال أحزابه التي أسسها· جاب الله في اعتقاده رجل معارض شرس للرئيس بوتفليقة، وبالتالي للسلطة والنظام الذي يتجلى في رمزيته، ويعتبر نفسه أيضا من أشد المعارضين للأحزاب العلمانية··· بهذه المواقف المتأرجحة بين ''السمع والطاعة'' للنظام، وبين حلم الدولة الإسلامية عن طريق المعارضة البعيدة تماما عن الصدامية مع المؤسسة العسكرية التي لم يُعرف عنه يوما اتهامه لها علنية وبصراحة في قضايا السياسة حتى يوم ''كانت'' في قلب المشهد، يكون سعد عبد الله جاب الله يريد العودة من جديد في ثوب حزبي حتى دون اعتماده·· وتعود هذه القناعة الجديدة للرجل الذي زاوج بين ربطة العنق الغربية والطاقية الإسلامية، بعد فشله في استمالة السلطة لمنحه اعتمادا ينشط بموجبه، وفشل ذريع في إقناع كامل الأطراف داخل ''نهضته السابقة''، بالعودة إلى حضنها وتزكيته شريكا جديدا يتبوأ فيها مقعدا·بعد تأسيس جمعية النهضة الخيرية في خضم التعددية الحزبية بعد أحداث أكتوبر 88، قام عبد الله جاب الله بتحويلها إلى حزب سياسي جاهز للاستحقاقات السياسية، لكن طبيعة الأحداث الأمنية التي جاء الرئيس اليامين زروال في أوجها، ونظرا للدور الذي لعبه جاب الله من حيث وساطته بين زروال وقادة الفيس، وتوطد العلاقة بينهما جعلته يعزف على الترشح منافسا له إلى جانب الراحل محفوظ نحناح ونور الدين بوكروح وسعيد سعدي، لكنه نال في المقابل في انتخابات البرلمان سنة 97، مكانة هامة في الخارطة السياسية، حيث حصد 34 مقعدا، لكنه لم ينضم إلى الحكومة، ومع تردد أنباء حول مجيء بوتفليقة نهاية 98، قرر جاب الله الترشح ضد بوتفليقة حرا بالموازاة مع الزوبعة التي اندلعت في النهضة، فعاقبته قياداتها بعد ذلك بسحب البساط من تحت أرجله في حركة تصحيحية تزعمها الحبيب آدمي· لم ينكسر جاب الله، بل أسس حركة الإصلاح الوطني، ولكن لم تدم تجربته معها إلى الأمد المأمول من قبله، حيث اندلعت من جديد حربا داخلية قادها جهيد يونسي ومحمد بولحية· وتستمر المعركة القضائية بينهما إلى اليوم، حيث لا يزال جاب الله بمقر الإصلاح الأصلي في بئر مراد رايس، يجتمع بمناضليه، بينما تعتبر حركة الإصلاح نفسها هي الشرعية، والدليل ترشح جهيد يونسي لأكبر استحقاق في البلاد وهو الرئاسيات، فأي عودة هذه، التي يريد جاب الله أن يعودها رغم تلقيه إشارات إدارية تقول بإقالته سياسيا·