يقول رجال الأمن أن هناك حاجز نفسي عند المواطن يمنعه من التبليع عن جرائم الإختطاف، و لا يمكن ان نستجيب للبلاغات حتى نتأكد منها و نأخذ إذن وكيل الجمهورية بالتفتيش. و يقول المواطنون أننا نخضع لإجراءات معقدة عند ابلاغ عن جريمة اختطاف، و هناك بلاغات لكن لا نلقى اجابات او اجراءات ردعية . على انغام "افتكروني كل سنة مرة" دعت مديرية الامن لولاية الجلفة الصحفيين لحضور اطوار مداهمة منظمة للتعريف بمهامها و للوقوف على مجهوداتها ، في وقت كانت مصالحها ترفض نفي أو تاكيد أي معلومة متعلقة بجرائم عادية رغم ذلك نجحت بعض الاقلام في الوصول الى معلومات بعد رحلات شاقة من اجل خدمة الرأي العام ، و بقت علاقة الصحافة بالاجهزة الامنية كعلاقة القط والفار على شاكلة ادارات الجلفة التي ترفع تقاريرها حصريا الى بلاط الوالي الممنوع على الصحافة منذ زمن طويل الا من رضي علية فخامة الوالي .هذا قدمت مصالح الامن حصيلتها السداسبة بلغة الارقام رغم الانتقادات الواسعة لدى المواطن الجلفاوي الذي صار ضحية جرائم دخيلة على المجتمع انطلاقا من الاختطاف الى القتل . بداية مسير الفوج الذي رافقته" الخبر حواث "كان من مقر الأمن الحضري الثالث بحي بن ربيح و قبل الانطلاق أوامر و تعليمات للافراد أملاها المحافظ ريان يوصيهم فيها " لا تسبوا مواطنا..لا تؤذوا أحدا..فتشوه بحذر و تحدثوا بلباقة رجل الامن ..لا تعطوا الامان، احموا انفسكم ..من أظهر بطاقة التعريف فهو آمن و من لم تجدوا عنده شيئا فهو آمن ...أحموا الصحافة فهم رفاقنا في المهمة ولكل عمله ان سألوكم أجيبوهم و ان تعرضوا للخطر فاحموهم ..." لما امتطينا السيارات الامنية كان اهتمامنا الاول معرفة النقاط التي تشملها الجولة الاستطلاعية و كيف يتم تحديدها مسبقا ؟ فعادت حكاية "النقاط السوداء" لتكون الاجابة الأمنية دائما التي نتلقاها كلما تحدثنا عن الجريمة في الجلفة ..نقاط يقصد بها الامنيون أحياءا و اماكنا يفضلها المجرمون واللصوص لارتكاب جرائمهم معروفة عند المواطن و رجل الامن لكن بقت لسنوات "هي هي " لم تستسلم للبياض .
في هذا يقول الملازم رضوان "نحن نقوم دائما بعمليات مداهمة لهذه الاماكن و نعرف انها مكان تجمع للمجرمين و مهمتنا هذه اليوم نموذج لكن لا يعني انها غائبة في اجندتنا اليومية فأفرادنا متواجدون كلما دعت الضرورة ..." و يضيف "هناك اماكن صارت آمنة بالفعل بعدما كانت مساحة إجرام كبيرة بفضل المداهمات التي يقوم بها أفرادنا من وقت الى آخر .." و رغم ما صرح به الملازم الا ان المواطن لا يزال يرى في مهمة رجل الامن غائبة خاصة بعد تسجيل حوادث اجرامية رهيبة في وضح النهار خصوصا في النقاط السوداء و امام مرأى الجميع تعكس الإطمئنان الكبير الذي يتمتع به المجرمين و تأكدهم من غياب المراقبة الامنية في هذه الاماكن .
المهم أن الجولة انطلقت على الساعة الرابعة و النصف مساءا و أول نقطة زرناها تقع بوسط المدينة يؤكد عناصر الامن انها موقع لبيع المشروبات الكحولية يستغله البعض على أساس أنه موقف للسيارات يقع بجانب دار البارود ، نزلنا رفقة أفرا الامن الذين بدأوا في تفتيش السيارات و الافراد لكن لا خمر و لا لصوص عدا بعض الشباب أقتيدوا بسبب عدم اظهار بطاقة الهوية لسبب أو لآخر ، و في هذا يقول مفتش الشرطة الذي رافقنا في الجولة أن "عدم حمل بطاقة الهوية كثيرا ما يشكل عائقا كبيرا في تحديد هوية الاشخاص ما يضطرنا لنقلهم الى مقر الامن للتاكد و لمعرفة ان كانوا من الاشخاص المطلوبين" . السوق المغطاة للملابس محلات مهملة تحولت الى وكر للجريمة و الخمر (.!!) اتجهنا الى سوق الخضار وسط المدينة للبحث عما تبقى من لصوص لم يتنبهوا لوجود مداهمة أمنية لكن بدى لنا أن العملية أخذت الطابع الاستعراضي فسألنا أحد الأفراد من جدوى المداهمة إن كانت الامور تتم بهذه الطريقة.. لأننا لا نتوقع ان يتم القضاء على الجريمة والنقاط السوداء ؟ فأجاب " اننا لا نتوقع شيئا من هذا لأن العنوان الحقيقي للجولة "..نحن هنا .." على الاقل تواجدنا يمنع لساعات وقوع جريمة و ادخال الطمأنينة للمواطن " و بالفعل كانت الامور تتجه نحو هذا العنوان من خلال حديثنا مع المواطنين الذين استغربوا التواجد الامني المكثف على غير العادة بدليل توافد شباب و شيوخ نحو السيارات الامنية يبلغون عن سرقات وقعوا ضحاياها فمن ضحية سرقة هاتفه الى مصروف عائلته ، واكد المواطنون ان الامر حدث بالقوة لكن لا منقذ و لا امان .
امام هذه المشاهد استغلينا الفرصة التي "لا تعوض" لنسأل عن الأفراد المتواجدين بالزي المدني في هذه الاماكن وعن عدم تدخلهم في مثل هذه المواقف عندما يستنجد المواطن بهم لكن تفاجأنا بقصة العراقيل التي يتلقونها في أداء مهامهم من طرف المواطنين و أفراد العصابات حيث يقول أحد الافراد " احيانا نجد صعوبة في التدخل بسبب عدم استيعاب المواطن و صعوبة تعرفه علينا !!و احيانا افراد العصابات يبداون بالصياح لتختلط الامور و تسهل عملية فرارهم "، في وقت أرجع الملازم رضوان ذلك الى إجراءات قانونية تحول دون التدخل مالم يستنجد المواطن و يقوم بشكوى رسمية لدى مصالحنا !!..في الجهة المقابلة لنا تم القبض على شابين دون بطاقة هوية و عند التفتيش تبين أن احدهم يحمل هاتف نقال لا يعرف أي شريحة تحتويه.
من وسط المدينة الى السوق المغطاة للملابس أو مايعرف بسوق النساء اتجهنا رفقة العناصر الامنية حيث يعد النقطة المفضلة للسارقين غير ان المفاجاة التي كانت بانتظارنا هي مجموعة المحلات المرقمة الواقعة على محاذاة السوق التي تحولت الى وكر للجريمة و الخمر بشهاة أفراد الأمن ، رغم أن الشباب أدلوا لنا أنهم لا يعرفون من يؤجرها و انهم قصدوا السلطات المحلية عديد المرات من اجل استغلالها لكن يبدو ان القائمين عليها لم يدركوا بعد ان المحلات صارت أوكارا للدعارة والخمر ومأوى اللصوص بمباركتهم، و مباركة المؤجرين للمحلات على الورق طبعا ، و في هذا يؤكد الملازم رضوان " منذ مدة و نحن نلقي القبض على اشخاص يستغلون هذه المحلات كمأوى و مفترق طرق يتربص فيه المجرمين و نحن نجهل لماذا تترك الهيئات المختصة هذه المحلات على هذه الحالة ؟..." الاغرب في الجلفة أمام وجود عشرات المحلات مغلقة يجهل مؤجريها هو تجار الارصفة الذين يملؤون الشوارع من اجل الاسترزاق و يبحثون عن اماكن للممارسة نشاطهم دون جدوى ، فضلوا حر الشمس و المعاكسات اليومية كالقط والفأر بينهم وبين رجال الامن على أن يستسلموا للبطالة ، حيث يؤكد المحافظ ريان " نحن نعرف حالاتهم الاجتماعية و نضطر احيانا غض البصر لكن عندما تصل الامور الى خطر يمس المواطن فاننا مجبرين على طردهم حفاظا على الامن العام اما ان نناقش الاسباب فهذا ليس من اختصاصنا بل من اختصاص هيئات اخرى " لكن الهيئات التي تحدث عنها المحافظ لا تزال في سباتها العميق !! و هذا ماكان فتيل غضب في ولايات اخرى أشعل الشارع لذلك بدى التعامل حذرا مع هؤلاء الشباب الى ان يستفيق اهل المسؤولية. قاصرة تهدد رجل امن..و بلاغات مواطنين تنتظر مباركة وكيل الجمهورية. في حدود السابعة والنصف اتجهنا نحو حي قناني من اجل مداهمة منزل مشبوه يرجح أن يكون وكرا الدعارة، و يقول الملازم رضوان ان التفتيش جاء بناءا على بلاغات تلقتها مصالحه حول فتاة تقوم باستقبال زبائنها في المنزل ، بعد عشر دقائق من محاصرة المنزل أعطيت الأوامر بالمداهمة وعند دخولنا تبين ان أصحاب المنزل كانوا ينتظرون قدوم زبائن حين وجدنا فتاة في 18 من عمرها تتهيأ بملابس شبه عارية و تضع زينتها لكن لم تسفر المداهمة على نتيجة واضحة أو حالة تلبس واضحة تؤكد أن المنزل فعلا وكرا للدعارة ، في هذا يقول المحافظ ريان أن ملابسات المداهمة ورد فعل العجوز يؤكد أن المنزل مشبوه و في هذه الحالات يضيف سنتأكد من هوية الفتاة ان كانت معروفة لدى مصالح الأمن او متابعة في قضايا أخرى .
المداهمة التي دامت حوالي نصف ساعة لم تخلو من مشاهد مثيرة خاصة حين قامت الفتاة بتهديد أحد أعوان الأمن على مرأى الجميع بدفع الثمن غاليا مؤكدة له ان انتقامها لن يطول بعدما أكدت انها على ذمة رجل ، و الغريب ان المنزل المفتش كان يقابل مسجدا إضافة الى تفاجأ الجيران من التواجد الأمني المكثف و عدم علمهم بالقضية عدا بعض الشباب الذين اتهموا الأم و حملوها سبب انحراف ابنتها ، ويؤكد الشباب ان مسالة الدعارة هي حكاية نافذون يحمونها لأنهم كرهوا من البلاغات المتتالية دون جدوى . اهتمام نقلناه الى المحافظ ريان الذي لم ينف عدم الاستجابة الفورية بسبب إجراءات ضرورية في مثل هذه الحالات منها التأكد من صحة البلاغات و انتظار إذن وكيل الجمهورية في التفتيش و لم ينف ان مصالحه تتلقى بلاغات يومية تشتكي من الظاهرة !الا إننا مضطرين الى انتظار الإذن حتى تتم العملية بصورة قانونية . وحول مسألة البلاغات يقول الملازم رضوان أن المواطن أحيانا يعتقد أن الإجراءات التي نقوم بها هي إجراءات ردعية تجاه المواطن المبلغ لكنها في الحقيقة هي إجراءات عادية خاصة المتعلقة بالاختطاف فمن الضروري ان نحرر محضرا للشكوى لكن المواطن يعتقد انه تورط عندما يبلغ عن طفل ضائع و هذا راجع الى حاجز نفسي بين المواطن والهيئات الأمنية خلفته بعض الاشاعات من طرف البعض الذي لا يفهم طبيعة العمل الأمني . حصيلة المداهمة بلغة الارقام هل هي انجاز يقضي على الجريمة؟ انتهت الجولة الاستطلاعية بحصيلة رقمية قدمتها المصالح الامنية حيث تم توقيف 39 شخصا من بينهم 31 بسبب تحديد الهوية في حين تم توقيف الاخرين بسبب أوامر بالقبض و جرائم متعلقة بحمل السلاح والمشروبات ، لكن السؤال الذي بدور في مخيلتنا هل اخضاع الجريمة للغة الارقام هو اجراء منطقي بجعلنا نتحدث عن القضاء عن الجريمة ؟ وهل تتصور الاجهزة الامنية أن عدد الرقاب المقبوض عنها يفسر عمل الأجهزة الأمنية و دورها أم ان الردع في مفهوم أصحاب الحل و العقد عمليات مداهمة و استعراض ؟ خاصة لما نعلم ان معظم المقبوض عنهم يستفيدون من البراءة بسبب خلل في التحريات و الإجراءات و التهاون على إجراء معين .
هكذا كانت جولة الصحافة مع رجال الأمن في الجلفة جولة أرادت المديرية ان تكون عهدا جديدا مع أصحاب مهنة المتاعب لكن بقي مجرد كلام و عادة سنوية في وقت كانت ترفض ان تؤكد او تنفي معلومة امنية لان في قاموسها كل جرائم الجلفة جرائم امن دولة او جرائم خاضعة للسرية حسب دستور جمهورية الجلفة الذي اعتادت عليه الصحافة مع كل الإدارات رغم ذلك الصحافة في الجلفة تجاهد و حققت جهاد الوصول الى المعلومة رغم الأبواب الموصدة الا من رضي عنهم بلاط الوالي.