على حد قول المطربة فيروز "زروني كل سنة مرة " ، يتم تنظيم حفل غنائي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة كل سنة بدار الثقافة لولاية الجلفة ، أما ابن رشد الذي تحمل اسمه دار الثقافة فيتفق عنوان كتابه الشهير "تهافت التهافت" مع منظر مئات من النسوة و هن يتهافتن جماعات و فرادى متجهات إلى قاعة الحفل ، و مع أن المرأة لها كل الحق في الترويح عن نفسها إلا أن هذه المناسبة الغريبة أصلا عن مجتمعنا و التي ترمز في المجتمعات الغربية إلى تحرر المرأة من سطوة المجتمع ، قد تحولت من يوم تعبر فيه المرأة عن مشاكلها و عن معاناتها قي الواقع و تطالب بالحلول إلى يوم للرقص العبثي الفارغ من كل دلالة حقوقية أو اجتماعية ، أما الجهة التي كانت معنية بقضايا و شؤون المرأة في سنوات السبعينيات و هي الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات فقد أصابها ما أصاب جميع المنظمات الشعبية من أمراض السياسة و المصلحية و المناسباتية ، بل لقد تحولت هذه المنظمات إلى وسائل للتنويم الاجتماعي ، و التغطية عن المطالب الحقيقية للفئات التي تمثلها ، هل المرأة في أيامنا هذه هي بحاجة إلى الغناء و الرقص ؟ ، هل حلت جميع مشاكل المرأة حتى تحتفل بهذا الشكل الهيستري ؟ إنها ظاهرة يمكن دراستها من طرف الباحثين في علم الاجتماع ، كيف للمهمش و المسلوب و المهان أن يحتفل سرورا بما يحدث له ؟ ، هذا التعبير المعكوس و المناقض لرد الفعل الطبيعي يشكل موضوعا جديرا بالدراسة و يوحي بالمرحلة الخطيرة التي تمر بها المرأة ، و كأن هذه المرأة تتلذذ و تستمتع بواقعها الذي يكشف بأروقة المحاكم في شكل ألاف قضايا الطلاق و النزاع العائلي ، و يقال أن هناك وزارة لشؤون الأسرة ببلادنا على رأسها امرأة ، بينما لا يوجد أي أثر لهذه الوزارة في واقع المرأة ، هذا المواطن الذي تم تمييع حقوقه الأصيلة و التهويل من هامش الحريات الذي منح له صوريا ، ماذا يعني أن تشتغل المرأة كشرطية مرور أو سائقة سيارة أجرة ؟ ، هل هذا مكسب حقيقي أم حملة إشهارية يراد بها إعطاء صورة مزيفة للمرأة في بلادنا ؟ ، ليس هناك حريات إنسانية تتعارض مع الكرامة و عزة النفس ، و يحدث أن تقدم صورة المرأة في البيت و هي تربي أولادها على أنها واقع متخلف و أن المرأة ضحية في هذا الواقع ، فهل صورة الآلاف من النساء العوانس التي تجوب الشوارع هي الصورة الأمثل ؟ لا يمكن تبرير تحويل مهام المرأة الطبيعية إلى مهام شكلية مزيفة بالحداثة و العصرنة و الديمقراطية و المساواة ، لأن كل هذه القيم تنشد ترقية وضع المرأة في المجتمع و ليس العكس ، لقد تم تنميط نموذج عام و مصطنع للمرأة العصرية خالي من المحمولات الثقافية و الاجتماعية و يتم منذ سنوات عديدة الترويج لهذا النمودج بكل الوسائل ، حقا إن المرأة اليوم بحاجة إلى أن تعود إلى المطالبة بالكرامة و المعرفة قبل كل شيء ، فمن هذه النقطة يتم الانطلاق إلى المطالب الأخرى دون خشية تحريفها أو التلاعب بها ، إن معركة المرأة في بلادنا هي من أهم المعارك التي يجب كسبها بأي ثمن ، و يوم تنتصر المرأة في هذه المعركة يحق لها أن ترقص و يرقص معها الزوج و الأخ و الإبن.