صورة لطوابير بريد الجزائر بالجلفة منذ ما قبل عيد الفطر للسنة الماضية اندلعت أزمة نقص السيولة النقدية على المستوى الوطني ، و منذ ذلك الوقت و المواطن في معاناة يومية مستمرة ، و الحكومة صامتة و منسحبة و كأن هذه الأزمة تخص وزارة المالية وحدها أو وزارة المواصلات و البريد ، بينما جميع الأجراء من موظفين و عمال و إطارات فرضت عليهم هذه العقوبة و سلط عليهم عذاب الطابور الذي هو إبداع جزائري خالص لا يمكن لأي جنس بشري أن ينافسنا فيه ، لأن الجزائريين قد حصلوا بجدارة عن الملكية الحضارية لهذه الماركة المسجلة و المحمية بقوة السبق و الإصرار ، حتى أصبح الطابور ( لا شين) مكون ثقافي مؤثر في مجتمعنا و لا يمكن الاستغناء عنه... أما أسباب أزمة نقص السيولة فهي غير معروفة لحد الساعة ، فهناك من يقول أن السبب هو عملية واسعة لتزوير العملة الوطنية مست كتلة نقدية هائلة يصعب مراقبتها ، و بالتالي فإن مصالح قطاع المالية هي المسئولة عن سحب هذه الكتلة النقدية من التداول و هي إذن مصدر الأزمة ، أما آخرون فيقولون أن السبب هو إجراءات بيروقراطية و غير مدروسة اتخذت من طرف مصالح البريد نتج عنها سحب الخواص لأموالهم من الحسابات البنكية و الحساب الجاري البريدي ، أما نحن فنقول بإمكانية تعمد جهات من الحكومة و من خارجها اختلاق هذه الأزمة التي لم يسبق لها مثيل منذ الاستقلال ، و ذلك لأغراض قد تكون سياسية لعرقلة حركة الأموال بالداخل من أجل إفشال عمليات الإصلاح و الإجراءات المتخذة في إطار برنامج رئيس الجمهورية ، و يفسر هذا الطرح معارضة بعض التكتلات المالية و التجارية و السياسية لبرنامج الرئيس ، إذ أن عصرنة قطاع البنوك و صناديق الدفع بإدخال التكنولوجيات الحديثة في التعاملات ستجعل الجميع تحت المراقبة الرقمية ، و هو ما يشكل خطرا على عمليات تبييض الأموال و مصادرها و حركتها و حجمها ، و الدليل على جدية هذا الطرح كذلك هو دوام الأزمة لما يقارب السنة دون السعي لإيجاد حلول لها ، و هناك سبب مضحك برر به رئيس الحكومة أزمة السيولة حين قال أن الزيادات في أجور العمال هي السبب. أما قضية ورقة ال 200 دج فهي تصف بوضوح أن أعضاء الحكومة و المسئولين السامين لا يستعملون الدينار الجزائري إطلاقا ، و إلا فإنه من غير المعقول الاستمرار في تداول ورقة نقدية أكل عليها الدهر و شرب و غسل يديه ، و أتصور هذه الورقة تصرخ و تنادي : يا ناس .. بدلوني .. رحمة على الوالدين.. أدوني للمتحف ، إنها قضية تعبر فعلا أن احترام دولتنا لنفسها و لشعبها غير وارد و غير ممكن ، أما الزيادات في الأجور وفق نظام التقطير فإنها تسببت في زيادات طوفانية للأسعار ، و بالتالي فإن المطلوب الآن هو تسقيف هذه الأسعار خاصة فيما يتعلق بالمواد الاستهلاكية الأساسية. عشرين الف مقلوبة على راسها كوضع البلاد