لقد ظلّت الجزائر بمدنها ومناطقها وقبائلها ذاهلة عن تاريخها وموروثها الثقافي والفكري لأسباب قد ترجع الى ذاك الخمول الذي تشهده أقلام النخب من ابنائها، لا سيما في نقل ارثها الشفوي واستقصاء مصادره و تنقيح مراجعه، ومن ثمّ ترجمة مادّته الخام وتصفيتها وابرازها كتابة امام الاجيال المتلاحقة، ولعمري كم سررت حين هاتفني الاستاذ الشيخ قارة مبروك بن صالح، زافًا إليّ نتاجه الجديد الذي نحت له عنوانا" تاريخ مدن وقبائل الجزائر، التركيبة الاجتماعية النسب والانتساب)، وقد حاول المؤلّف من خلاله الخوض في أحد العلوم التي عرّف بها العرب واشتهروا، وهو "علم الانساب" الذي لا يمكن الخوض فيه الا بالتنقيح في المراجع والكتب والمخطوطات و التقصي في التلقي من المشايخ والنُسّابِ وبذل الجهد والمال، وهو ما جعل الكاتب مشكورا يشدّ الرحال الى كل من الاغواط، الجلفة، البيض، بلديات المسيلة، الادريسية، حاسي بحبح، مجدل، سليم، مسعد، القرارة، تقرت، تماسين، وميلة ، بالإضافة الى موريتانيا –بواسطة الباحث اخذاري محمد- والمغرب بواسطة – الدكتور بيرم كمال- باحثا عن الحقيقة متمسكا بها. وقد برّر الشيخ مبروك تعبه وشقاؤه في التنقيب عمّا يمكن تداركه من موروثنا القيّم واهتمامه المفرط بتقصي خيوط النسب الشريف، لما صار من تمزّقٍ للامة على كثرتها وتفرقها واختلاط الانساب فيها وما افرزه الواقع من ذوبان النسب بالانتساب الى نسب اخر بالمناطق المبحوثة، بدليل انّ الشرع يوصي بالاحتفاظ بالنسب الاصيل حتى لا تذوب شخصياتنا في بوتقة الامم الاخرى. ويتمحور موضوع الكتاب الذي جاء من القطع المتوسط في 208 صفحة، حول تسليط الضوء على تاريخ المدن ومختلف القبائل الموجودة في الجزائر وكشف النقاب للجوانب الاجتماعية لمناقب ومآثر وقيم وأنساب تاريخ مختلف الاعراش وقبائل الجزائر وهذا من خلال المراحل التي عايشوها واحتكوا بها، وقد قسّم المؤلف دراسته الأنثروبولوجيا الى خمس فصول بملاحقها، تناول في الفصل الاوّل أصول القبائل العربية المتفرعة في المغرب العربي وتاريخ دخولها للمنطقة، وأهمّ مراحل دخول بني هلال من المشرق والعرب من المغرب، بالإضافة الى سرد واقع امتزاج العرب بالبربر وتاريخ البربر وأسماء الفينيقيين الرومان والبربر، ليختتم الفصل بتاريخ دخول بني هلال للحضنة وبسكرة ووادي ريغ. أمّا الفصل الثاني فكان عرضا سخيًّا لمراحل الخلافة الاسلامية وتواجدها : منها الدولة الادريسية وحضارة بني زيان بتلمسان والحضارة الرستمية، بالإضافة الى تناول للعلاقات بين الاعراش والعوامل التاريخية لتواجد أولاد زيد بالزيبان وعلاقتهم بأولاد صالح وتاريخ الارباع، ليختتمه بالبعد التاريخي لقبيلة اولاد نائل. في حين جاء الفصل الثالث، كتابا لتاريخ اعراش أولاد نائل وتاريخ العبازيز واعراش الحضنة وتاريخ المسيلة من خلال حاضرة الحضنة دولة بني حماد، واختتم قسمه الثاني منه باولاد دراج السوامع . ليعود الكاتب في الفصل الخامس مظهرا في قسمه الاول اعراش الحضنة الغربية (سدي عيسى، سيدي هجرس، اولاد سيدي ابراهيم) بوسعادة، الصحاري والبوازيد ويختم قسمه الثاني من الفصل الخامس بأعراش الحضنة الشرقية (بريكة، مقرة، برهوم وبيطام). وللإضافة ، فقد قام الشيخ مبروك بجمع واعداد وطبع شجرة كل من اولاد نائل، شجرة العبازيز، وشجرة اولاد ام هاني (احد عروش اولاد نائل)، وشجرة اولاد زيد. شجرة اولاد نائل شجرة سيدي عبد العزيز الحاج شجرة اولاد زيد وللمؤلف عدّة اصدارات عن دار النشر المؤسسة الصحفية بالمسيلة منها: 1- كتاب الموروث الثقافي والحضاري لمنطقة المسيلة، الطبعة الاولى، 2001. 2- كتاب تاريخ واعلام المسيلة وبني حماد، الطبعة الاولى، 2011. 3- سلسلة الوصايا الذهبية (سلسلة فصلية)، الطبعة الاولى، 2012. 4- كتاب دليل المواكب والمراسيم (مخطوط). 5- الميسر في الدروس وخطب المنبر بترخيص من وزارة الشؤون الدينية (مخطوط). 6- كتاب من اقوال الشعراء: التباري الثقافي (قيد الطبع). وعن دار الخلدونية صدر له كتاب (اولاد زيد: تاريخ واحفاد اشراف وامجاد)، الطبعة الأولى ، 2009. المؤلّف الاستاذ قارة مبروك بن صالح في سطور: الاستاذ قارة مبروك بن صالح بن العربي من مواليد 1950/09/18 بالمسيلة من فرقة اولاد الجيلالي بن زيد، من عائلة محافظة تنحدر من اشراف اولاد زيد الآتون من السوس الاقصى بالمغرب، تلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة القرآنية في اولاد ماضي ثم بمدرسة الرجاء بالمسيلة سنة 1964م ثم انتقل لطلب العلم بمعهد بوسعادة للتعليم الاصلي و تحصل على شهادة العلوم الاسلامية سنة 1970 ثم اشتغل بالتدريس لمدة خمس سنوات ثم كاتبا بمديرية الشؤون الدينية بالمسيلة سنة 1977 الى سنة 1981، تكوّن بسكيكدة في تخصص الادارة و المالية تخرج برتبة مفتش رئيسي للخزينة، و عين بخزينة ولاية المسيلة و اسندت له مهمة رئيس مصلحة الموظفين و التكوين لمدة عشرون سنة، وفي 2001 تفرغ للدعوة بالترخيص في اعطاء الدروس في الوعظ و التوجيه الديني 1988م ,اسندت له مهمة نائب رئيس جمعية مسجد النصر المركزي بالمسيلة في الفترة 1993-1998م. حاليا عضو ب: - اتحاد الكتاب الجزائريين UEA. - اتحاد المؤلفين ONDA. - جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.