أقدم الأسبوع الماضي شاب على مشارف الثلاثين على ضرب نفسه بخنجر بعدما فقد الأمل في مقابلة والي الجلفة لطرح مشكلته ، و في نفس اليوم نصب عضو مجلس بلدية عين معبد خيمة معلنا إضرابا عن الطعام بعد توقيفه عن عمله ، و شهدت سهرة هذا اليوم إشراف والي الجلفة على تدشين برجين لأسدين في مدخل المركز الثقافي الإسلامي مقابل القصر الولائي و تتحدث مصادر على أن البرجين بقيمة 5 ملايير سنتيم. الشاب القادم من بلدية عين وسارة أقدم على محاولة الانتحار بعد فشله في مقابلة الوالي طيلة أسبوعين من رحلة الذهاب والإياب ، من أجل شكوى و طلب النجدة و التدخل لإنصافه في قضية تتعلق بالشبكة الاجتماعية ، و هو يبحث عن عمل، لكنه وجد الأبواب موصدة فكان الحل لإسماع صوته ضربة خنجر في بطنه جعلته يتصدر الحدث و ينقل على جناح السرعة الى مستشفى الجلفة لتلقي العلاج ، و تفيد مصادر للخبر حوادث أن الشاب عاش حالة نفسية مأساوية بعد إحساسه بالقهر و الحقرة . و على بعد 20 كم من مقر الولاية صنع عضو المجلس الشعبي لبلدية عين معبد " هبري الحاج " حدثا كاد أن يأخذ منحى خطيرا بعد محاولة شباب لقطع الطريق الوطني رقم واحد على خلفية صدور قرار توقيف العضو من عمله كمتعاقد ببلدية عين معبد بعد سلسلة الغيابات المتكررة ، و فسرت القضية على أنها انتقام من رئيس المجلس الشعبي على الموظف الذي يعد العضو المعارض أيضا في المجلس محسوب على حزب" لويزة " ، و وجه العضو رسالته من الخيمة المنتصبة بمقر البلدية جاء فيها أن " المير يقوم بابتزازه و تهديده من أجل التنازل على قضية الضرب و الشتم التي رفعها لحفظ كرامته " داعيا السلطات الولائية للتدخل ، و هو الذي حدث عندما نزل المسؤولون الولائيون من برجهم العاجي للتحكم في الوضع وعقد اجتماعات لامتصاص الغضب الشباني ، و استقبل الوالي رسل المتخاصمين في مقر الولاية . القضية توسعت فمن قرار التوقيف الى قضية إزاحة "المير" لأسباب مجهولة عنوانها اختلاسات و تبديد و بيروقراطية لم تكشفها لجنة التحقيق الولائية و باتت مجرد اتهامات تتداولها ألسنة الغاضبين ، و الوالي وجد نفسه أمام شباب غاضب على منحة التشغيل و فئة مساندة لانجازات" المير" لم يلمسها سكان البلدية ، وتم رفع الاجتماع ليأخذ القانون مجراه في مسألة الإخلال بالنظام العام الذي سيذهب ضحيته شباب غضب من أجل المطالبة بحقه فوجد نفسه أمام قضية تجمهر و تحريض ومحاولة غلق طريق ، وهي "تهم "حجمها أكبر من حجم طلب ادماجهم من أجل منحة 300 دينار . و قبل أسابيع قام ثمانية مواطنين باقتحام مقر دائرة الجلفة و اعتلوا سطحه و احتلوا المكان، ورفعوا صوت الانتحار لأنهم حرموا من الاستفادة من سكن ، و وجهوا وابل الاتهامات للمسؤولين عنوانه الرشوة لمن أراد سكنا في الجلفة ، لكن التحقيقات و ردود السادة المسؤولين تؤكد على مصداقية القائمة رغم أن الكثير من المستفيدين في قوائم سابقة تنازلوا عن سكناتهم بعد أقل شهرين من دخولها فهل من تحقيق يجيب عن محروم يبيع سكنا انتظره طويلا ؟ شاب آخر وجدوه جثة هامدة في منزله ببلدية عين معبد، الاسبوع الماضي ، عمره 28 سنة وخلصت التحقيقات الى أن السبب هو الانتحار و تفيد المعطيات أن الشاب وضع حدا لحياته بعد مشاكل مادية و تعرضه للسرقة و التهديد كانت موضوع قضية في العدالة فصلت فيها بالبراءة للمتهمين بسرقته . كل هذه المعطيات ليست من أجل أن نحكيها ،لكنها اشارات خطيرة في مجتمع كان يعرف بالمحافظ ، مفادها لماذا صار الانتحار لغة يلجأ اليها هؤلاء ، و لماذا يضرب عضو مجلس بلدي له من قنوات إيصال مشاكله القانونية ما يسمح له بالتعبير و ممارسة حقه في الاتهام و المعارضة على حد تعبيره ، و هل الابواب أغلقت في وجه المواطن حتى وصلت الى وضع حد لحياته و الخروج الى الشارع لايصال صوته ؟ كل هذا يحدث و نحن نرى في ذات اليوم والي الولاية يحضر مراسيم وصول "تماثيل الأسود" المنتصبة في مركز ثقافي اسلامي في انتظار انعاشها بفوارة مائية تقدر بالملايير ؟ و في ليلة باردة لم تمنع الكل من تفويت الحدث ؟ فأين المشكل في بلد ترفع شعار العزة والكرامة ويحظى فيها الأسد بكل هذا الاهتمام ، و يموت فيها شباب بالقنطة و الانتحار ؟ هي لغة جديدة منذ اليوم .