فرنسا الاستعمارية توفد يومي 19 و 20 من ديسمبر الجاري إلى بلد المليون ونصف المليون شهيد رئيسها "فرنسوا هولاند" من اجل مستقبل العلاقات بين البلدين، ولعل أهم ملف سيكون بادرة انفتاح بين البلدين هو تمكن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من انتزاع اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية -وهذا طبعا من المستحيلات- طلية قرن وزيادة... أما فرنسا فقد جاءت محملة بمطالب مهمة اقتصادية في المقام الأول إضافة إلى أن رئيسها سيسعى جاهدا لانتزاع قرار من الجزائر يسمح بتعويض مادي لممتلكات الحركى، وربما سيكون هذا ممكنا خاصة وان السلطات الجزائرية أمرت بإحصاء كامل لهذه الممتلكات التي ستكون قيمتها المالية باهظة إذا ما علمنا أن القيمة التي ستحسب بها هي بسعر اليوم وليست بسعر عام 1962، ففرنسا و الحركى يعلمون أن الخزينة الجزائرية مليئة بريع البترول وأموال الزوالية... أما بالحديث عن اعتراف فرنسا بجرائمها فنرى أن هناك خطى حثيثة حاولت من خلالها فرنسا أن تكسب ود الجزائريين منها اعتراف الرئيس الفرنسي بأحداث 17 أكتوبر 1961 ، فقد زار نهر السين ووضع باقات الزهور، ويعد هذا تحضيرا لهذه الزيارة وتكتيكا سياسيا ومحاولة من اجل إعطاء انطباع أفضل لرسم العلاقات بين البلدين ..." العراقيل التي ربما ستكون حجر عثر لفتح مثل هذه الملفات هي مقتل الرهبان في تبحرين بالمدية ف"فرونسوا هولاند" وعد بفتح هذا الملف مع بوتفليقة لكن يا ترى هل يستطيع الرئيس الجزائري مواجهة هذا الموقف بموقف آخر وهو المطالبة بالاعتراف بالجرائم إضافة إلى أن قانون تمجيد الاستعمار الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي يوم 23 فيفري 2005 لن يكون في طي النسيان، ضف إلى ذلك اعتبار يوم 19 مارس من كل سنة يوما وطنيا لفرنسا من اجل تخليد ذكرى المدنيين والعسكريين الذي لقوا حتفهم في حرب الجزائر... ويعد اختيار هذا التاريخ ردا على الجزائر التي تعتبر 19 مارس انتصارا على فرنسا الاستعمارية... كل هذه التواريخ هل يضعها الرئيس الجزائري في الحسبان ويستذكر تاريخ الشهداء ويدرك أن عام 2012 هو الذكرى 50 للاستقلال فيطالب فرنسا باعتراف صريح لجرائمها الاستعمارية أم أن دار لقمان ستبقى على حالها ومن المؤكد أن الرئيس الفرنسي لن يتوانى في فتح ملف الذاكرة التاريخية وسيطالب الجزائريين بأملاك الحركى و لربما سيطالب بالجزائر ككيان تابع لفرنسا ... الرئيس الجزائري إذا ما امتلك الشجاعة سيطالب هو الأخر بالاستقلال عن فرنسا و إنهاء التبعية التي مازالت لغاية اليوم لكن المشكل الراهن في الجزائر أن كوادر الدولة وساستها خاصة البرلمانيين ليسوا على قدر كبير من المسؤولية فمنذ أن قام البرلمان الفرنسي بالتصويت على قانون العار الممجد للاستعمار كان من المفترض أن يقوم برلمانيو الجزائر بإصدار قانون مماثل له لكنهم للأسف لم يحركوا ساكنا رغم أن القضية قضية مليون ونصف مليون شهيد جزائري ... وباعتبار أن الرئيس الفرنسي سيلقي خطابا أمام نواب البرلمان الجزائري في جامعة "ابوبكر بلقايد" في تلمسان من اجل توجيه رسالة معينة للبرلمانيين وذلك لمنعهم من إعادة إحياء مشروع تجريم الاستعمار الذي طرح في العهدة المنقضية، فخطاب "فرنسوا هولاند" هذه المرة سيكون هدفه فتح صفحة جديدة مع الجزائر في ظل التدخل الأمريكي في الشؤون المغاربية ومحاولتها استمالة الطرف الجزائري خاصة من الجانب الاقتصادي الذي جاء بالرئيس الفرنسي إلى الجزائر من اجل جلب المكاسب لفرنسا واثبات انه الأقدر خاصة وانه يمثل الحزب الاشتراكي الذي انتصر على "ساركوزي ".. فلذلك إذا استطاع "هولاند" أن ينجح في مهمته سيكون مثل الكونت "دي بورمون" الذي احتل الجزائر ...