صورة لمجاهدي الولاية السادسة تضم الولاية السادسة التاريخية الجزء الأكبر من النجود العليا والأطلس الصحراوي ،وعمق الصحراء. و شكلت هذه الولاية منذ الشهور الأولى لسنة 1955 مجالا لنشاط الطلائع الاولى للثورة التي انطلقت من الأوراس الأشم بهدف تعميم الكفاح المسلح. ووجد المجاهدون فيها تربة خصبة ومناخا مناسبا فأقبل أبناء الولاية السادسة يلتحقون بصفوف الثورة ويشدون أزرها ، وما ذلك الا تعبير عن تقاليد وخصائص نضالية مترسخة في أبناءها من حب للحرية وتعلق بالكرامة وغيرة على الدين والوطن والعروبة. كما اشتهرت بمقاومتها للاحتلال الفرنسي التي تجلت من خلال الانتفاضات الشعبية المتعددة والمتتالية من أقصاها الى اقصاها، فضلا عن أنها كانت دوما حقلا للنضال السياسي. و نتيجة لذلك تعرضت الى صنوف العذاب والقمع والتعسف من طرف الاحتلال، حيث كان أغلبها يخضع للنظام العسكري المباشر ،وقد نبغ من ابناءها رجال ساهموا في قيادة النضال السياسي والعسكري وخاضوا غمار الثورة التحريرية ودخلوا سجل الخالدين واليوم اذ نستذكر أحد الذين قال فيهم الله تعالى ( و لاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) الشهيد نائل علي ولد سنة 1929 بدارالشيوخ ولاية الجلفة من أبوين "مسعود" و "أم الخير". نشأ و ترعرع في البادية و كان مولعا بالصيد و تربية المواشي. عاش في شبابه فقيرا . و نظرا للظروف الاجتماعية المزرية التي كان يحياها الشعب الجزائري في عهد الاستعمار، فقد قرر الشاب أن يقتحم الحياة العسكرية مع الجيشالفرنسي في بداية الخمسينات، و شارك في حروب "الهند الصينية" مع العديد من أقرانه الجزائريين. و بعد معركة "ديان بيان فو" الشهيرة بالفيتنام و عودة الجيوش الفرنسية المرابطة هناك إلى ثكنة "القنيطرية" بالمغرب، تصادفت ذلك مع اندلاع ثورة التحرير المباركة و انتشار المد الثوري ليشمل كل ربوع الوطن مع مطلع سنة 1956 . و في شهر مارس سنة 1956 قرر المجاهد "نائل علي" مع مجموعة من رفاقه الفرار من خدمة العدو الفرنسي و الالتحاق بصفوف الثورة. و بعد اتصالهم بقيادة الولاية الخامسة بالحدود المغربية الجزائرية، تم إرسالهم إلى المنطقة الثامنة تحت إشراف الضابط "نوار البشير" ومن بعده الضابط "لطفي". و في هذه المنطقة بدأ نائل علي نشاطه العسكري بجبال "العمور"، "قعدة القمامتة" إلى جانب بعض رفاقه نذكر من بينهم الشهيد "ابن عمران ثامر، زرزي احمد، قاسم لخضر، الطيب برحايل، رقاب قويدري، زكريا المدني" و غيرهم . و قد شارك أغلب المجاهدين المذكورين آنفا في معركة "الشوابير" الشهيرة ب"قعدة القمامتة" بالقرب من آفلو حيث كبدوا العدو الفرنسي خسائر كبيرة في العتاد و الأرواح و إلى جانب ذلك فقد ساهم نائل علي في تدريب فرق المجاهدين على استعمال السلاح و نصب الكمائن، و توضيب خبرته و تجربته في فنون الحرب و القتال . كما شارك في العديد من الاشتباكات والعمليات بالولاية الخامسة نذكر منها عملية تخريب و تدمير مجمع للكهرباء بالأغواط ومشاركته الفعالة في معركة "خناق عبد الرحمان" جنوب آفلو. و بعد استحداث منطقة جديدة تابعة للولاية الخامسة تسمى بمنطقة العمليات رقم (09) و التي تغطي جزءا كبيرا منتراب ولاية الجلفة الحالية، نقل المجاهد نائل علي نشاطه العسكري إلى هذه المنطقة وأصبح إطارا من إطاراتها برتبة ملازم أول عسكري و شارك في أغلب معارك و اشتباكات المنطقة إلى جانب "عمر إدريس" وذلك سنة 1958 ضد الخونة من جيش بلونيس و قوات الاستعمارالفرنسي نذكر منها : معركة الزعفرانية بجبل أمساعد في شهر فيفري سنة 1958، معركة المهرية بجبل مناعة في 09/07/1958، معركة قلتة الرمال بمناعة في 01 أوت 1958، معركة العريعير في 13/10/1958، بالإضافة إلى مشاركته في حملة التطهير ضد الخونة في خريف 1958 بقعيقع و بحرارة . كما شارك أيضا في معركة "جبل سردون" بالقرب من الادريسية في 19/02/1959 التي هي محور موضوعنا اليوم خاصة وانها تصادفت مع الذكرى ال 54 لحدوثها. معركة سردون 19/02/1959 عززت قوات جيش التحرير الوطني مع مطلع 1959 ناحية "جبل سردون" بكتيبة نظرا لأهميتها الاستراتيجية. حيث كانت المنطقة تحت قيادة مسؤول الناحية "ثامر بن عمران" الذي عينه "عمر ادريس" في ديسمبر 1958 على رأس الناحية الثانية ومساعده الملازم الأول الشهيد "الطيب برحايل" قائد عسكري للكتيبة والملازم الأول "لزهاري بن شهرة" المكلف بالاتصال والأخبار بالإضافة الى مسؤولين بارزين أمثال بشيري ميلود وبن صولة محمد ، ونايل علي وحنيشي عبد الحميد. و كانت مهمتهم تتمثل في مطاردة بقايا فلول بلونيس من المنطقة وكذا توعية المواطنين وتحسيسهم بخطورة مخططات العدو وتثبيت التواجد الدائم لجيش التحرير بالمنطقة. فبعد وصول معلومات تفيد بتمركز عناصر من أتباع بلونيس، قام ثامر بن عمران بتقسيم الكتيبة الى أفواج تسهيلا لعملية التنقل وسرعة التخفي وبسط النفوذ على جميع تراب الناحية ، لتبدأ عملية مطاردة الخونة و معها يبدأ الهجوم المسلح بين الطرفين. هذه المواجهة كانت سببا مباشرا في تدخل القوات الفرنسية المتمركزة بالقرب من "جبل سردون"، حيث وقع الهجوم الأول على فوج يقوده "بن صولة محمد" وذلك يوم 19 فيفري 1959 على الساعة الثانية زوالا واستشهد اغلب عناصره فاضطر الفوج الثاني الذي يقوده "الطيب برحايل" و "بشيري الميلود" الى التحصن ب "جبل سردون" ونصب كمين لقوات العدو التي كانت تقوم بعملية مطاردة ومسح تمشيطي. بعدما اقترب العدو من الكتيبة قام أفرادها بإطلاق النار على القوات الفرنسية التي كانت غير بعيدة عن مكان تواجدهم، وتمكنوا من قتل أكثر من ثمانين جنديا فرنسيا، بعدها وصل المدد الفرنسي من مدفعية ومدرعات وطائرات كثفت من القصف على المنطقة مما أدى الى انهاء المعركة بخسائر مادية وعسكرية معتبرة للعدو ،و استشهاد 40 مجاهدا وجرح حوالي 25 آخرين. بعد هذه المعركة، عين "نايل علي" كملازم عسكري من طرف الرائد "عمر إدريس" بالناحية الثانية المنطقة الثانية الولاية السادسة إثر إعادة هيكلة الولاية السادسة تحت قيادة "سي الحواس" في آفريل 1958. وفي أواخر جويلية من سنة 1959 تعرضت المنطقة الثانية منالولاية السادسة إلى حوادث مؤلمة راح ضحيتها بعض إطارات المنطقة بناحية جبل قعيقع و كان من بينهم الشهيد الملازم نائل علي رحمه الله و أسكنه فسيح جنانه .