تعتبر جمعية "الإصلاح والإرشاد" جمعية وطنية ذات طابع اجتماعي وتربوي وثقافي، وهي من الجمعيات الناشطة في الجزائر وفي ولاية الجلفة على الخصوص، فهي تساهم بشكل جلي وبخطى متفاوتة في تنمية الشخصية الدينية والوطنية وتعمل على الوصول إلى عمق مشكلات المواطن كي تحاول حل ما تستطيع من خلال مبدئها في "فعل الخير"، ومن خلال تصريحات رئيس المكتب الولائي الأستاذ لخضر حاجي فإن الجمعية تقف على عمق الحدث الفاعل وتشارك بكل مصداقية ومحبة في فعل الخير بجوانبه المتعددة الثقافية والتربوية والاجتماعية، حيث دعا المؤسسات والسلطات والأفراد إلى دعم الجمعية كي تتكاتف الجهود وتتسع رقعة فعل الخير. ومن هنا تقربت جريدة "الجلفة أنفو" من رئيس اللجنة الوطنية لتحضير الجمعية العامة الوطنية السيد "توفيق الديب" خلال زيارته للجلفة و ترأسه للندوة الولائية التي عقدها تحضيرا للجمعية العامة ومناقشة دور الجمعية وآفاقها في ولاية الجلفة مع رئيس مكتبها الأستاذ لخضر حاجي ومع الأعضاء الفاعلين فيها، فكان لنا معه هذا اللقاء. - جمعية "الإصلاح والإرشاد" غنية عن التعريف في مدينة الجلفة، حدثنا في البداية عن أهداف الجمعية؟ نشكر أولا جريدة "الجلفة انفو" الإلكترونية على استضافتها لنا مع هذا الحدث المهم الذي يجري في ولاية الجلفة وهو الجمعية العامة الولائية لتحضير مؤتمر الجمعية، اما بالنسبة لأهداف الجمعية، نصت عليها الوثيقة الصادرة عن الجمعية وهي 30 هدفا تتمحور حول العمل الخيري والاجتماعي والتعليمي يهدف إلى حب الوطن والدين إلى غير ذلك من الأعمال الخيرية والثقافية والرياضية ما يكون من خلاله حصنا لهذه الفئات والشعب الجزائري عموما، فهدف الجمعية في شعارها "رفيقكم في فعل الخير" وفعل الخير ليس فقط هو ذلك الفعل الذي تستعمل فيه اليد، بل هو سلوك حضاري يغرس من خلاله الاتحاد والتآلف بين أفراد الأمة الواحدة، مع التكافل والتعاون مثلما كانت الجزائر إبان الثورة التحريرية، فكان التعاون من أقوى الأسلحة التي مكنت الشعب الجزائري من الحفاظ على هويته، وعلى مواجهة الاستعمار.. فيجب ألا نتخلى عن هذا العمل "فعل الخير" الذي يحث عليه ديننا وتحث عليه الأعراف الدولية والإنسانية، لا نتخلى عنه بل نربي أنفسنا وأبناءنا والشباب على هذا السلوك الحضاري، فجمعية الإصلاح والإرشاد هي من أكبر الجمعيات التي عملت في هذا المجال مدة 20 سنة، وهذه مرحلة جديدة تعود إليها بثوب جديد. - كيف ترون تحقيق هذه الأهداف في عمل المكتب الولائي بالجلفة، وكيف تصلكم أصداء هذه النشاطات؟ بالنسبة للمكتب الولائي بالجلفة هو مشكور على مجهوداته عطاء وإحسانا، فهم محسنون ومساعدون ومؤيدون، بالإضافة إلى أن هذا المكتب يتسع وينتشر عبر 14 بلدية، كما يتم خلال هذه الفترة تأسيس فروع له في بلديات أخرى، وهذا ما نعتبره من أعمال السبيل نظرا للظروف الصعبة وغياب السلوكيات التي تشجع مثل هذه المبادرات، فنجد ان جمعية الإصلاح والإرشاد بالرغم من المراحل التي مرت بها الجزائر خاصة في زمن الإرهاب وما بعده واتساع رقعة الفقر، واتساع وكثرة مشاكل الناس ونسبة الأمية وغير ذلك من هذه المشاكل الإجتماعية، نجد أن المكتب الولائي على مستوى ولاية الجلفة عمل على مشاريع مهمة وغير متوقفة وما يزال كذلك، إلا أنه يجب أن أذكر بأن هذا العمل هو عمل الجميع خاصة أهل الجلفة الذين نشكرهم على تكاتفهم الشكر الجزيل. - باعتبار أن الجمعية اجتماعية وتربوية وثقافية، هل ترون من استجابة للعمل الجمعوي خاصة وأن هناك انتقادات كثيرة للجمعيات المتراكمة التي فقدت مصداقيتها، فبعضها يقوم بنشاطات فولكلورية تقليدية لا تأتي بأي جديد، وهل هناك فعلا تواصلا اجتماعيا تحققه الجمعية وهل من عراقيل تواجه هذا العمل؟ العمل الجمعوي لا يتضمن سلبيات، فالجمعوية هي التفاف الناس من أجل عمل عام، ففي قصة ذو القرنين حين قال تعالى "آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ"، أراد أن يجمع الناس من أجل التعاون وفعل الخير، فيكون هدفنا اليد في اليد لمساعدة الفقراء والأرامل واليتامى وتعليم القرآن ودروس التقوية والرياضة ومحاربة الآفات الاجتماعية من مخدرات أو اختطاف الأطفال وغير ذلك، وهذا كله يندرج ضمن العمل الجماعي الهادف. أما العراقيل فهي موجودة فعلا، ولا أتكلم عن العراقيل الإدارية والبيروقراطية، ولكن أظن أن أكبر عائق هو عدم قيام السلطات في بلادنا بتوعية الناس وبإعطاء قيمة لهذا العمل الجمعوي، لأننا لو نذهب إلى أوربا أو أمريكا والبلدان المتقدمة وحتى في المشرق نجد أن العمل الجمعوي له ما له من حرية وتسهيلات، مما يجعل من هذا المجال وهذا النوع من المؤسسات لها دور مهم جدا، حتى وصل بالكثير من الجمعيات الأوربية أن تشارك في سن القوانين، وهذا غير معمول به عندنا، لأن الجمعيات هي الأقرب إلى الوسط والمحيط الشعبي وتتوغل إلى العمق، ويمكنها أن تعرف مشاكل الناس ومشكلات الشباب، فلماذا لا تستشار في قرارات وآراء تخدم الوطن؟ زد على ذلك أن وسائل الإعلام لم تعمل على توعية الناس بأهمية العمل الجمعوي لجعلهم ينخرطون أكثر فأكثر، ويشاركون ويساهمون هم والسلطات في رفع الغبن عن الحالات المحتاجة والفقيرة، وبالتالي أظن أن هذه هي أكبر المعيقات، ومن خلالها ستزول العوائق الأخرى من بيروقراطية وغيرها، فتوعية الناس مهمة، لأنهم هم من يحكمون حياتهم ويتصرفون بها، وإذا طغت الأنانية يتفكك المجتمع ولا ينتج، لتجد في المقابل جمعيات شعارية فقط، وتجد عزوفا متناميا عن المشاركة نتيجة الزمن الإرهابي الذي خلق نوعا من الناس أنانيين وماديين. وعلى السلطة أن تعي أن العمل الجمعوي مفيد جدا، لذلك لا بد أن تشرك وسائل الإعلام وتدعم الجمعيات الفاعلة. ونحن كجمعية فاعلة يهمنا هذا الدعم. - بالنسبة للمجال الثقافي، ما هو دور الجمعية ثقافيا؟ الجمعية تعمل في مجال النشاط الثقافي، وهو من بين ركائزها التي أسست عليها، وهو يختلف من ولاية إلى أخرى، لكن قد ترى أن الجانب الاجتماعي ركزت عليه الجمعية باعتباره مجالا متسعا تتوغل فيه الكثير من الحالات التي تحتاج إلى المساعدة ومد يد العون، فتجد أن أغلب النشاطات هي نشاطات اجتماعية وكل المجهودات مسخرة لذلك، لكن تجد أيضا العمل الثقافي حاضرا باعتباره أحد الروافد في تكوين الشخصية، فنحن نهتم بالتعليم والتقوية ومحو الأمية كما نهتم بتعليم القرآن ومشاركة الكثير في حفلات إنشادية تقوم بها المكاتب الولائية، ومؤخرا استضافت الجمعية في عدد من مكاتبها الباحث الإسلامي السوري ماهر الشلال وعددا أيضا من شخصيات لها وزنها الثقافي الوطني والعربي. كما نقوم بتفعيل نشاطاتنا من خلال بعض المناسبات الدينية والوطنية ونقدم برامج وجوائز وهدايا ونتفاعل من أجل رفع مستوى الوعي الثقافي بقضايانا. - هل تتدخل الجمعية انطلاقا من خبرتها الميدانية في تقديم مشاريع ودراسات توجهها للسلطات العليا، من أجل المساهمة في توعية الرأي العام ومن أجل التعاون مع السلطة في كشف حجم ما وصلت إليه حاجات المجتمع؟ بلى، قد قدمنا مشاريع في هذا الصدد منها ما هو اجتماعي ومنها ما هو ثقافي ديني، ومؤخرا قدمنا مشروعا حول ظاهرة التنصير في منطقة القبائل وفي عدة مناطق، كما قدمنا مشاريع في جانبها الاجتماعي عن كيفيات القضاء على العنوسة والفقر والتقليص منه، ونجد بالفعل آذانا صاغية، لكن ليس هناك تتبعا فعليا لهذا الأمر، وهذا شيء مؤسف، فالجزائر للجميع والجميع يهتمون بها ويريدون الخير لها، خاصة من أولئك الذين يعملون في الميدان، ونحن بدورنا نمد أيدينا للجميع ونتعاون مع الجميع، ولا نحتكر العمل الجمعوي لأنفسنا، ولا نقول أن الخير من عندنا فقط وليس من غيرنا، بل بالعكس هناك جمعيات كثيرة لها نشاطات مختلفة ومؤثرة، والدولة تقوم بأعمال خيرية أيضا لكنها غير كافية فقط. وأدعو إلى التعاون سواء من طرف الجمعيات فيما بينها وكذا مع الدولة ليكون الصالح العام هو مبتغانا. - في الأخير نود أن نعرف من خلال تجربتك الشخصية المهمة مدى تفاعلك مع هذه الجمعية، وكيف استطعت أن تنمي شعور التعاون داخل فضاءاتها ليستفيد الجميع من نتائج العمل الجمعوي سواء تحت ظلال جمعية "الإصلاح والإرشاد" أو تحت ظلال هادفة أخرى؟ الحقيقة أن هناك الكثير الكثير من النتائج الإيجابية التي زرعها داخلي فعل الخير، بدأ من محبة الناس التي أورثها لنا الشيخ محمد بوسليماني –رحمه الله- والشيخ محفوظ نحناح –رحمه الله- وكانت كلمة طيبة كشجرة طيبة، وهي أن نحب الناس ونفكر فيهم قبل التفكير في أنفسنا، وهذا هو العاصم للأمة عندما يكون التفكير في الناس قبل الذات، فالعمل الخيري في حقيقته يعطينا يوميا دروسا وعبر يحققان ذلك التواصل الذي نحتاجه دائما، ندخل الفرحة والسرور إلى الناس وما أعظمهما من نتيجة نسعى إليها في كل حين. وأشكر جريدة "الجلفة انفو" على هذا الحوار الشيق، ومن منبرها أشكر أهل الجلفة الكرماء بإحسانهم وكلامهم الطيب.. وأشكرهم على حسن الضيافة والاستقبال، وسنكون من متابعي هذا المنبر الذي أرى أنه متميز بطاقمه وبمحبيه.
أثناء الندوة الولائية لتحضير الجمعية العامة الوطنية بمقر مكتب الجلفة