يروقك منظر الاستعجالات الطبية الجراحية بمدينة الجلفة في هندستها المعمارية وشكلها الجميل، لكن حين تقف على ما تسجله من نقائص في التجهيز والتأطير تدرك ساعتها أن الشكل لا يدل على المضمون والمظهر الخارجي ليس بالضرورة صورة صادقة لما هو بالداخل. هذا هو واقع الاستعجالات الطبية الجراحية في مدينة الجلفة بحي الحدائق الذي استلم خلال السنة الماضية في شكل هندسي ملفت للانتباه، تسيطر على واجهته جدران زجاجية سميكة وتمتد على نحو هكتار كامل، أنفقت عليه عشرات الملايير بناء وتجهيزا. وحين باشر هذا المرفق أشغاله قيل ساعتها بأن مستشفى عاصمة الولاية قد استراح نهائيا من الحالات الاستعجالية التي كانت ترد إليه من مختلف بلديات الولاية فتختلط الأمور على أطبائه وممرضيه، فلا يستطيعون تغطية الحالات التي تصل إليهم أو التي تقيم لديهم. لكن ذلك لم يحدث باعتبار أن الاستعجالات الطبية تحتاج في حد ذاتها إلى حلول استعجالية لتأدية مهامها على أكمل وجه. ولعل أبرز ما يلفت انتباه زوارها هو تعطل الكثير من وسائلها وتجهيزاتها الضرورية على رأسها المصعد الكهربائي، مما يعقد من عملية صعود المصابين الذين يأتون في حالة كارثية فيضطرون إلى استعمال السلالم العادية بصعوبة كبيرة. وثاني الأمور افتقار المقر للمياه الصالحة للشرب، إذ لا يزال يعتمد على جلب المياه بالصهاريج لملء خزاناته، ما يتعارض وقواعد الصحة والنظافة، وثالث الأمور انعدام أجهزة التنفس الاصطناعي التي تعتبر من أولى الأولويات في الحالات الاستعجالية، حيث يتم في كثير من الأحيان حمل المصاب إلى المستشفى على متن سيارة الإسعاف التابعة للمصلحة هي الوحيدة. وفي هذا الشأن أيضا يطرح إشكال، حيث تتوزع هذه السيارة بين عدة خدمات من جلب الأطباء المختصين والجراحين من المستشفى لأن المصلحة ليس لديها أطباء من هذا النوع، وبين حمل المصابين وجلب الأدوية وما إلى ذلك من الخدمات، فلا تتوقف السيارة لحظة. وفي كثير من الأحيان ينتظر المرضى بالساعات السيارة أثناء تأدية مهمة من مهامها الكثيرة. وأما الطاقم البشري فيسجل هو الآخر نقصا فادحا؛ إذ لا يتجاوز عدد الأطباء الثلاثة والممرضين ثلاثة فرق لا يتعدى عدد أفراد الفريق الواحد الأربعة، يعملون بنظام المداومة التناوبي. وهذا العدد المتواضع لا يسد احتياجات مئات الحالات التي تأتي من مختلف بلديات الولاية، فضلا عن عشرات الحوادث التي تسجلها طرق المنطقة فتصل في المتوسط إلى نحو 300 حالة يوميا وكل مريض إلا ومعه مرافقون، ولنا أن نتصور حالة الزحام والاضطراب والفوضى المسجلة كل ساعة خاصة في الليل. وكثيرة هي المشادات والخصومات التي تقع داخل المصلحة، خصوصا إذا تعلق الأمر بالوافدين من ضحايا العنف الليلي مثلما حدثنا بعض الزائرين، وأكثر من هذا الضيق الملاحظ في بعض الأجنحة والغرف كتلك التي يجبرون فيها العظام