صورة لوسط مدينة الجلفة لا يمكن الحديث عن واقع الصحة بولاية الجلفة بشكل عام من دون إعادة بعث حادثة هلاك 13 رضيعا التي شغلت الرأي العام الوطني قبل حوالي خمس سنوات ...... لا يمكن الحديث عن واقع الصحة بولاية الجلفة بشكل عام من دون إعادة بعث حادثة هلاك 13 رضيعا التي شغلت الرأي العام الوطني قبل حوالي خمس سنوات وكانت سببا حينها في تحرك الأرض من تحت أقدام وزيرا الصحة "رجيمي" ولجان تحقيقه التي حلقت طويلا في سماء الولاية ليتم اختزال قضية الإهمال في ثلاث رضع فقط ومسح " الموس " في مدير القطاع الصحي وطي الملف بصفة نهائية ليختزل النقاش من قضية الإهمال بحد ذاتها إلى عدد الضحايا وكأن هناك فرقا بين أن يكون العدد ثلاثة عشر أو ثلاثة. اليوم ونحن على بعد خمس سنوات كاملة من هذه الفضيحة نعيد طرح مجموعة من الإستفهامات الكبيرة أهمها ماذا تغير منذ تلك الفضيحة.؟؟.. وهل نحن لآن نعيش واقعا صحيا غير الذي كان.؟؟. وهل حقيقة أن الأرقام المقدمة حاليا تعكس القفزة الكبيرة في التكفل بالمواطن الجلفاوي في الجانب الصحي.؟؟ . أسئلة كثيرة تحاول " صوت الأحرار " الإجابة عليها من خلال هذه الورقة السريعة ،والبداية تكون من أرقام مديرية الصحة والسكان المتحصل عليها حيث تشير بعض المعطيات " الرقمية " المتوفرة بأن نسبة التغطية الصحية بالولاية حاليا عرفت قفزة نوعية من حيث وجود حاليا 04 مؤسسات عمومية إستشفائية و 05 مؤسسات للصحة الجوارية و 35 عيادة متعددة الخدمات إضافة إلى 85 قاعة علاج وأن حاليا هناك معدل طبيب أخصائي لكل 12800 مواطن بعدما كان المعدل أخصائي لكل 44000 مواطن إضافة إلى تدعيم القطاع ب 62 طبيبا عاما جديدا ليصل العدد الإجمالي إلى 232 طبيبا عاما ويصل عدد الأطباء الأخصائيين إلى 75 طبيبا أخصائيا ، في مقابل توفر 61 طبيب أسنان و 130 قابلة ووصول عدد الممرضين إلى 1413 ممرضا ، وتؤكد أرقام رسمية تحصلت عليها " صوت الأحرار " بأن نسبة توظيف الأطباء الاختصاصيين عرفت زيادة ب 400 % مقارنة بالسنوات التي سبقت 2005 وما قبلها . التيفوئيد والحمى المالطية الأكثر حضورا .. المشكلة بولاية الجلفة مطروحة دائما على مستوى الأرقام حيث يكون الفرق بين الرقم الرسمي وغير الرسمي كالفرق بين السماء والأرض وغالبا ما يكون التناقض باديا جدا في نقل عدد الإصابات بمختلف الأمراض ونحن هنا لسنا لتكذيب الأرقام الرسمية ولكن لنقل مشاهد عاشتها الولاية على المباشر ونبدأ من حيث وجود أكبر الأمراض انتشارا الذي مس مختلف فئات المجتمع الجلفاوي والمتعلق بالتيفوئيد حيث عرفت ولاية الجلفة هزات كبيرة خلال العامين الفارطين بالتسجيل ما يقارب 150 حالة إصابة خلال سنة 2006 في العديد من الأحياء ودخلت حينها جميع المصالح في حرب ضد الزمن بعد الفشل في تحديد السبب الحقيقي الذي يكون من وراء هذا الوباء الأمر الذي جعل التعامل قائما مع جميع الاحتمالات بداية من مياه الحنفيات ومياه الصهاريج ليتم حجز العشرات من الجرارات وردم أكثر من 09 آبار محفورة بشكل عشوائي وكذا التعامل مع المادة الغذائية المعروفة بالخس والتي قادت الجهات المعنية حربا ضروسا ضدها بسحبها من الأسواق ومنع استهلاكها وكذا إتلاف أكثر من 50 هكتار كانت مزروعة على مستوى قرية " الزينة " بعد الاشتباه في كونها مسقية بالمياه القذرة ، وأكد التعامل مع كافة الاحتمالات فشل الهيئات المعنية حينها في تحديد الأسباب الحقيقية التي كانت من وراء تسجيل هذه الإصابات بذلك الشكل المريب وبعد أن دخلت الولاية في شبه " حرب مفتوحة " تم اكتشاف الخلل الذي دوخ الجميع لعدة أسابيع وتعلق الأمر باختلاط المياه الصالحة للشرب بالمياه القذرة في العديد من النقاط خاصة على مستوى حي بن جرمة وحي 05 جويلية أين تم تسجيل أكبر نسبة من الإصابات . نفس حالة التشنج عاشتها الولاية الصيف الماضي في بلدية سيدي لعجال بعد أن ضرب المنطقة مرض فشل الأطباء في البداية في تصنيفه وتحديده ومس العشرات من الأفراد ومن مختلف الأعمار ليضحى مستشفى عين وسارة قبلة للمرضى ويتم تطويق المصابين بتوفير جناح خاص وإعلان حالة الطوارئ التامة ليتضاعف عدد المصابين بشكل كبير ووصوله إلى عتبة 200 حالة تم عيادتها ليتم في الأخير اكتشاف هذا المرض وتشخيصه على أساس أنه حمى التيفوئيد فقط ليتم تكذيب الرقم المشار إليه والتقليل من التهويل القائم عبر تقديم رقم 51 حالة إصابة فقط ودائما تكون المياه هي المتهم الأول عبر اختلاط الصالح للشرب منها بالمياه القذرة والصرف الصحي. هذا الأمر يؤكد الوضعية المهترئة لشبكات التوصيل بصفة عامة التي تشهد العديد من النقاط السوداء التي يجهل موقعها وهو ما ذهب إليه مدير وحدة التطهير لولاية الجلفة في تصريح سابق ل " صوت الأحرار " حينما أكد هذا الأمر مشيرا إلى أن تغيير وإصلاح شبكات توصيل ضرورة قصوى حتى يتم التقليل من مختلف الأمراض المتنقلة عن طريق المياه . في سياق آخر تعتبر الحمى المالطية من بين الأمراض المنتشرة بشكل لافت أيضا ويسجل حضورها بشكل دوري حيث تشير إحصائيات رسمية إلى تسجيل أكثر من 1798 إصابة مؤكدة خلال السنة الماضية فقط وما يسجل بولاية الجلفة أن الحمى المالطية كانت سببا في تسجيل العديد من الوفيات كان آخرها حالة أستاذ بمدينة مسعد في الأربعينات من عمره قبل حوالي شهر بعد أن صارع المرض لأكثر من أربعة أشهر بمستشفى المدينة ليتوفى في مستشفى البليدة بعد نقله على جناح السرعة وخلال نفس الفترة تم تسجيل أكثر من 187 حالة مؤكدة من مرض الشمانيا الجلدية على مستوى الولاية . السرطان حكاية أرقام مهربة وتكذيب رسمي .. الحديث عن مرض السرطان بولاية الجلفة مقرون دائما بالجانب السياسي باعتبار أن جهات كثيرا تربطه بوجود المفاعل النووي المتواجد ببلدية البيرين بعين وسارة وبين الأرقام المهربة والمتداولة بشكل كبير وفي العديد من الأوساط وبين الأرقام الرسمية التي تم الكشف عنها مؤخرا فقط حقيقة مرض لا يزال ينهش أجسام الكثيرين في ظل عدم وجود سياسة واضحة ومسطرة بشكل جدي في التكفل بحالات الإصابة على مستوى ولاية الجلفة . 1200 حالة هو الرقم الذي قيل بشأنه الكثير وقيل بأنه مهرب من مركز محاربة السرطان بولاية البليدة في حين أن مدير الصحة والسكان لولاية الجلفة كذب هذا الرقم مؤكدا على أن الرقم الحقيقي الذي تم إمداده به من قبل نظيره بولاية البليدة لا يتعدى 250 حالة مؤكدة تابعت العلاج على مستوى مركز ولاية البليدة . الثابت في قضية السرطان أن الأمر تحول من قضية التفكير في توفير سبل أحسن للفئة المتضررة إلى قضية تضارب في الأرقام ونفي وتأكيد ، وتشير أرقام متوفرة لدى جمعيات مهتمة بتقديم المساعدات للمتضررين بأن الرقم المكشف عنه يبقى بعيدا عن الواقع بكثير باعتبار أن هناك العشرات من الحالات تبقى غير محصية بشكل رسمي وحالات تجهل الإصابة بالمرض من الأساس أو التي تتوفى دون سابق إنذار، وما يعزز أن الرقم المقدم لا يعكس الواقع هو أنه يتوافق مع ما هو مسجل لدى العديد من الجمعيات المهتمة وبالتالي فإن غير المسجلين ضمن القوائم يبقى غير محصي وأن الكثير من المصابين يجهلون بوجود جمعيات مهتمة بتقديم المساعدة لهم لتبقى إصابتهم بالمرض حبيسة الدوائر التي يعيشون فيها فقط . هذا إضافة إلى أن الرقم المصرح به حمل فقط الإحصائيات المقدمة من قبل مركز محاربة السرطان المتواجد بولاية البليدة ليبقى التساؤل مطروحا عن عدد الحالات التي تقصد مراكز أخرى للعلاج غير هذا المركز ، وتشير معطيات متوفرة بأن العشرات من الحالات تزاول علاجها بمركز العاصمة الذي يقصده الكثيرين على غرار مركز ولاية البليدة . مرض السرطان الذي ينهش الكثير من أجساد أبناء الجلفة منذ سنوات عديدة تحول إلى قضية رأي عام ووصلت فصوله إلى البرلمان الجزائري عبر ممثلي الولاية وكان محل تساؤل شفوي قدمه نائب حركة حمس "محمودي محمد " فيما تم طرحه في العديد من اللقاءات الرسمية كما أن نواب برلمانيين آخرين طرحوا المشكلة أيضا في لقاءات عابرة مع وزير الصحة والسكان ، والثابت في قضية مرض السرطان بولاية الجلفة بأن الاختلاف في إحصاء عدد الحالات المصابة لا ينف استيطان المرض ومعاناة هذه الشريحة مع التنقلات الدورية للمراكز المتواجدة بالشمال من أجل إجراء ما يعرف ب " سكانير " خاصة بعد أن تم إسقاط ولاية الجلفة من إنشاء مركز لمحاربة السرطان حسب ما تم تداوله لتستفيد منه ولاية الأغواط الأمر الذي بعث تذمر واسع وكبير وسط الفئات المتضررة التي كانت تتطلع إلى إنشاء المركز بولاية الجلفة باعتبارها ولاية متضررة أكثر من غيرها مع العلم بأن مدير الصحة والسكان كان قد صرح ل " صوت الأحرار " بأن مسألة وجود المركز بالولاية لم تكن مطروحة من الأساس وذلك في منتدى الجلفة الذي نظمته جريدة " لا نوفال ريبيبلك " والسؤال المطروح في الأخير هل تعكس الأرقام الرسمية التي تم الكشف عنها مؤخرا بعد ارتفاع وتيرة الجدال ووصولها إلى أكثر من مستوى رسمي خارطة الإصابة الحقيقية بولاية الجلفة؟؟ أرقام وإنجازات قائمة لا أحد ينكر بأن واقع الصحة بولاية الجلفة يختلف كثيرا عما كان ،سواء من حيث الهياكل المنجزة أو التي لا تزال قيد الإنجاز أو من حيث إمداد الولاية بمختصين في عديد من الاختصاصات وهو ما أكده مدير الصحة والسكان الدكتور " خالد شيبان " في تصريح سابق بأن ولاية الجلفة عرفت قفزة نوعية من حيث الاهتمام بصحة مواطني الولاية والسعي إلى برمجة مشاريع جديدة في مختلف البرامج المستقبلية ، ولا أحد ينكر بأن السكان بالقدر الذي كانوا يتطلعون فيه إلى مزيدا من هذه الإنجازات بالقدر الذي لا زالوا يتعايشون فيه مع كثير من الأوبئة والأمراض المتنقلة كالتفوئيد والحمى المالطية التي لا تزال تدلو بدلوها في أجسام الخلق والسكان ولأن قضية ثلاثة عشر رضيعا أو ثلاثة رضع لا فرق ما دام الأمر يتعلق بالحياة والوجود ستبقى وصمة " فضيحة " بكل المقاييس في جبين قطاع الصحة بولاية الجلفة خاصة في ظل النقائص التي لا زال تتخبط فيها مصلحة طب الأطفال فإن المطلوب هو السعي إلى تغيير ذهنية التسيير القائم والعمل على إعادة "رسكلة" التنظيمات والقوانين وأن يكون الفرد المناسب في المكان المناسب ونختم تحقيقنا بواقعة عاشتها " صوت الأحرار " مؤخرا وعلى المباشر حينما وقفت على ممرض بمصلحة طب الأطفال يستنشق سيجارة بنهم كبير داخل ذات المصلحة في قفز غير مفهوم على ما تشكله من أخطار على صحة الرضع والصغار .