يصنع قانون المرور الجديد الحدث والأحاديث، هذه الأيام، عبر الوطن بصورة عامة وفي ولاية الجلفة على وجه الخصوص، باعتبار أن نقطة أثيرت في هذا القانون تمس باللباس الأصلي للسكان ويتمثل في الجلابة أو ما هو معروف لدى الجميع باسم ''القشابية'' والتي أسالت حبرا كبيرا وأفرزت نقاشات حادة. الكل يعرف أن القشابية لباس أكثر من ضرورة لسكان ولاية الجلفة وما جاورها من ولايات سهبية وعلى مستوى الهضاب العليا، نظرا للطقس البارد جدا، حيث تنزل درجة الحرارة تحت الصفر، إلى جانب العصّابة التي توضع على الرأس أو ما يعرف ب ''اللحفاية'' ومعها أيضا العباءة الطويلة المسماة ''الفندورة''، هي ألبسة ظلت راسخة مع مرور الأزمنة والعصور، والأكيد أن الطابع الجغرافي وتضاريس المنطقة وبرودة الطقس كونت للسكان لباسا خاصا. ورغم التغيرات الحاصلة على مستوى اللباس ونمط الحياة إلا أن هذا لم يؤثر كثيرا في الانسلاخ الكلي من الأصالة في الألبسة، وظلت الجلابة قائمة في حياة الناس بولاية الجلفة وولايات الوسط ككل من المدية إلى تيارت والأغواط وتيسمسيلت والشلف والبيض وحتى في البويرة وما جاورها، بل إن كثيرا من الناس يتنافسون في اقتناء الأغلى والأجود من أنواعها. غير أن الإجراءات الجديدة لقانون المرور أثارت العديد من النقاط ومن بينها تساؤلات السائقين حول الجلابة والعباءة التي يدخلها الكثير من أعوان الأمن أو الدرك ضمن خانة ''السياقة المحرجة''. لكن تفسير السياقة المحرجة وتأويلاتها المختلفة من دركي إلى آخر ومن حاجز إلى آخر هي التي أحدثت فوضى واضطرابات في بداية تطبيق القانون الجديد، وهو ما أدى إلى مناوشات واصطدام بين السائقين وبعض رجال الدرك الوطني أو الشرطة، حيث تحدث لنا بعض السائقين عن رفضهم التام والمطلق لهذه المادة إن كانت موجودة بشكل صريح، رغم أن الطرفين من الأمن أو السائقين يجمع على أن المادة القانونية المتعلقة بالجلابة غير مذكورة بشكل صريح واضح وإنما يشار إليها باسم السياقة المحرجة. وتقاس على ذلك أشياء كثيرة منها الحذاء الصيفي ''البليغة'' والعباءة والجلابة والعصابة وهذا في مفهوم بعض الحواجز دون حواجز أخرى على مستوى الطرقات، مما يجعل السائقين يدخلون في مناوشات كلامية وفي بعض الأحيان تصل إلى المشادات مع عناصر الأمن حين يطلب منهم نزع الجلابة أو العباءة، لأن هذا المطلب أو القانون لم يطبق عليهم في حاجز آخر ربما في نفس الولاية أو حتى في ولايات أخرى. وهذه الوقائع ذكرها لنا عدد كبير من السائقين الذين التقينا بهم وفي بعض الأحيان طبقت عليهم عقوبات وغرامات، في الوقت الذي وضحت لنا مجموعة الدرك الوطني بالجلفة، من خلال اتصال هاتفي أجريناه معها، أنها تراعي الجانب الأصلي للمنطقة ولا ترى مانعا في لباس الجلابة، وإذا حدثت أمور فهي فردية وكانت في بداية تطبيق الإجراءات الجديدة وقد أوضحت للسائقين هذا من خلال برنامج في الإذاعة الجهوية بالجلفة. ومع هذا فإن معظم السائقين بولاية الجلفة يصرون على ضرورة وضع النقاط على الحروف في القانون الجديد بتعديلات وتوضيحات ترسل إلى مختلف السلطات الأمنية على المستوى الوطني، تبعد كل تأويل لهذه المادة، معتبرين أنه من المهزلة أن يعاقب الإنسان حين يتمسك بأصالته.