أظهرت جمعية الأممالمتحدة عدم شرعية الخطوة الأمريكية بشأن القدس بعد أن أقرت بأغلبية 128 صوت، أن مسألة القدس من قضايا الوضع النهائي التي يتعين حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. على الرغم من فرض أمريكا لمنطق القوة في قرارها، إلا أن ردة الفعل الدولية هذه ستدخلها كما يرى الدكتور رابح لعروسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، في عزلة إقليمية ودولية وستعمق الفجوة بينها وبين حلفائها، معتبرا أن ما يتطلبه الأمر في الوقت الراهن هو تكاثف الجهود بمزيد من الضغط إلى حين إلغاء القرار الأمريكي والدفع بملف التسوية بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي، وفق الشرعية الدولية. - «الشعب»: كيف تقيّمون دور الأممالمتحدة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ الدكتور رابح لعروسي: يجب في البداية التنويه بالدور المحوري الذي تلعبه هيئة الأممالمتحدة في حل الصراعات المختلفة في العالم، سيما في الحروب والنزاعات،وذلك عبر مختلف هيئاتها مثل الجمعية العامة ومجالسها المختلفة، غير أنها عاجزة عن القيام بأي دور اتجاه قضايا تقرير المصير بصفة عامة والصراع الفلسطيني الإسرائيلي على وجه الخصوص. يكمن هذا العجز في إشكالية التصويت على مستوى مجلس الأمن والمتعلق أساسا بحق الفيتو والذي يعتبر أكبر انتهاك لأسس ومبادئ الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب، وعليه فالأممالمتحدة تجد نفسها رهينة ميثاقها من جهة ورهينة الممولين لنشاطات الهيئة على اعتبار أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أكبر ممول من حيث الاشتراك في ذات الهيئة. - ما تعليقكم على رفض الجمعية العامة الأممية لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بنقل سفارة واشنطن إلى القدس؟ يعتبر تصويت الجمعية العامة رسالة غالبية دول العالم ( 128 دولة ) ضد الغطرسة الأمريكية، وتمسك بالشرعية الدولية لرفض إحدى القضايا المرتبطة بالوضع النهائي والتي تحتاج لحل عن طريق التفاوض وفقا لقرارات هيئة الأممالمتحدة، كما يعد هذا التصويت، تمسك والتزام ودعم غالبية دول العالم لطبيعة المدينة المقدسية وذلك عملا بقرار مجلس الأمن رقم 478 الصادر سنة 1980، إذ لا يجوز الانقلاب عليه. -هل تملك قرارات الجمعية الأممية أي إلزامية؟ القرار الأمريكي هو في حد ذاته اعتداء صريح على حق الشعب الفلسطيني وعلى الأمة العربية وجميع المسلمين والمسيحيين، وهذا الانتهاك خطر على القانون الدولي الذي يقر بعدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة، ومن هذا الطرح ستجد أمريكا نفسها في عزلة دولية وإقليمية وسيزيد ذلك من تعميق الفجوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في المقام الأول وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها في المقام الثاني. - بماذا يفسر رفض عدد من الدول التي تتلقى دعما مباشرا من أمريكا الابتزاز الذي حاول ترامب ممارسته على المصوّتين؟ على الرغم من أن منطق العلاقات الدولية تحكمه المصلحة، إلا أن هذا الموقف يجعل مختلف الدول التي لها علاقات صداقة وتعاون ودعم من ومع الولاياتالمتحدةالأمريكية مضطرة إلى إعادة ترتيب أولوياتها ومصالحها بحيث لا تكون ورقة في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و حجرة عثر أمام أي مصلحة بينها، كما يمكن فهم خلفية هذا الرفض للمشهد السياسي الأمريكي الجديد مع مجيء ترامب للبيت الأبيض وحالة الهيستيريا التي وضع فيها صورة أمريكا أمام حلفائها وحالة الدهشة والتحفظ في مرات أخرى نتيجة القرارات المفاجئة أحيانا والغريبة أحيانا أخرى. - برؤية إستشرافية للأحداث، ما رد الفعل المتوقع من طرف أمريكا؟ تبقى القدس بوابة السلام وهي مفتاح الحرب والسلم في منطقة الشرق الأوسط ومع حجم التضامن الدولي مع القضية عامة وحساسية الموقف تجاه القدس على وجه الخصوص، فلا ننتظر رد فعل أمريكا، بل يتطلب الأمر تكاثف الجهود بمزيد من الضغط إلى حين إلغاء القرار الأمريكي والدفع بملف التسوية بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي وفق الشرعية الدولية.