بمعدل عرضين في اليوم، وبحضور جماهيري جدّ معتبر، تتواصل العروض المسرحية المتنافسة في إطار المهرجان الوطني للمسرح المحترف. وقد شهد مسرح محيي الدين باشتارزي أمس عرض مسرحيتي «ريح الحرور» لمسرح تيزي وزو، و»الإشاعة» لمسرح أم البواقي. فيما عرف أول أمس الثلاثاء عرض كل من «كشرودة» لمسرح سوق أهراس، و»أوميرتا» للمسرح الوطني الجزائري. اقترح علينا مسرح تيزي وزو الجهوي، أمس الأربعاء، مسرحية بالأمازيغية من تأليف مولود معمري، عنوانها «ريح الحرور» أو «أجبواني». تتطرق المسرحية، التي أخرجها الفنان القدير أحمد بن عيسى، وتمّ إنتاجها احتفاءً بمئوية مولود معمري، إلى مرحلة حاسمة من ثورة نوفمبر المباركة، وترسم لوحة للنزاع القائم بين الشهيد عبان رمضان، أحد أبرز قادة الثورة، بتصميمه على التخلص من المستعمر ومواجهته على الساحة الدولية، وبين بروديو وهو معمّر يمتلك من الأراضي وحقول كروم العنب بالمتيجة ما يخوّله فرض سلطته على كل المنطقة، خاصة وأنه محافظها. وفي 1957، السنة التي تدور فيها أحداث المسرحية، يحاول طارق، المساعد الأساسي لعبان، اغتيال المعمّر الفرنسي، وهذا الأخير كان يعلم ذلك، فتمكن من القبض على طارق الذي لم ينطق بكلمة أو اعتراف رغم بشاعة التعذيب الذي تعرّض له. قام باقتباس النص وترجمته نور الدين آيت سليمان ورابح بوستة، أما السينوغرافيا فكانت لمراد بوشهير، والموسيقى لإيدير موحيا. وقد كان في دور طارق الممثل مالك فلاق، وإلى جانبه نجد حسين آيت قني سعيد (بروديو)، نور الدين كريم (بالداشي)، نصيرة بن يوسف (بريجيت)، كنزة طالبي (عيني)، حياة تاجر (زهرة)، ديهيا غمور (جيوفانا)، نور الدين علي حمدان (عمر)، أمين ساليم (الأعمى)، يزيد قروي (لونيس)، والطفل يونس حموم. تجدر الإشارة إلى أن المخرج أحمد بن عيسى، سبق له وأن شارك في المسرحية في نسختها الأولى سنة 1966، ولم يكن يتعدى عمره حينها 19 سنة. وشاءت الأقدار أن يكون اليوم مُخرج نسختها باللغة الأمازيغية. وفي سهرة أمس، كان الموعد مع مسرحية «الإشاعة» الممثلة لمسرح أم البواقي الجهوي، وهي اقتباس قام به علي جبارة عن مسرحية «روفيزور» للمسرحي العالمي نيكولاي غوغول. أخرج المسرحية أحمد خودي، وأشرف على السينوغرافيا موسى نون، وعلى الموسيقى عبد العظيم خوري. تدور المسرحية حول رسالة تلقاها حاكم ومسؤولو بلدة صغيرة، تنذرهم بزيارة مفتش عام ترسله الحكومة في مهمة تفقدية وسرية لهذه البلدة. هذا المفتش قد يأتي متخفيا من أجل التحقيق في شؤون التسيير السيئة. وأدّت هذه الرسالة إلى ذعر المسؤولين، الذين يحاولون إخفاء تجاوزاتهم واكتشاف المفتش المجهول، وصادف ذلك مجيء شاب موظف بالعاصمة توقف بفندق المدينة وفقد كل أمواله في القمار ووجد نفسه عالقا ومهددا بالسجن، فيما كان الحاكم المحلي وأتباعه يعتقدون أنه هو المفتش المتخفي. قام بأداء الأدوار كل من مرزوق لوصيف، قاسي خطاب، فارس بركاني، يونس جواني، أمينة فرياك، ياسمين فرياك وآخرون. كما شهد أول أمس الثلاثاء عرض مسرحية «كشرودة» من إخراج وتأليف أحمد رزاق وإنتاج مسرح سوق أهراس الجهوي. استطاعت «كشرودة»، التي تتطرق إلى مجتمع ما بعد البترول، الاحتذاء بالعمل السابق لرزاق «طرشاقة» وجلب جمع غفير من جمهور المسرح، مؤكدة بذلك القدرة الهائلة التي يتمتع بها ما يُعرف بمسرح الفرجة في إعادة محبي الفن الرابع إلى القاعات. عادت السينوغرافيا لرمزي باجي، والموسيقى لعادل لعمامرة، وشارك في العرض نخبة من الممثلين، هم لبنى نوي، صبرينة قريشي، رياض جفافلية، علي عشي، زهير عتروس، هشام قرقاح، طارق بوروينة، والعربي محمد بهلول. أما عرض السهرة فكان «أوميرتا» أي الصمت، من إخراج إبراهيم شرقي وإنتاج المسرح الوطني الجزائري. تروي المسرحية صراعا بين ملك متسلط يرمز إلى الأوليغارشية، ولديه فيلة مستبدة دمرت البلاد وأهلكت العباد، وفي يدها كل الصلاحيات لتقهر وتستبد بالناس، وسط ما بات أشبه بقانون الغاب، أين يأكل القوي الضعيف. ويبدو أن المسرحية تعبر عن واقع العالم اليوم، الذي تسيطر فيه قوة عظى على مصائر شعوب، وسط صمت خانق مفروض أكثر من كونه اختياريا. كتب نص المسرحية ميسوم مجهري، وألف موسيقاها محمد زامي، وعالجها دراميا وسينوغرافيا المخرج إبراهيم شرقي، الذي مثّل في المسرحية إلى جانب فايزة أمل، ياسين زايدي، نبيلة إبراهيم، فؤاد زاهد، الطاهر لاني، وماسيليا آيت علي. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المسرحية مهداة لروح الفقيد حميد رمّاس.