وجهت السلطات للولاة الجدد الذين سينصبون في الولايات الحدودية والجنوبية تعليمات صارمة للتعامل مع تلك المناطق بجدية لأن التأخر في التنمية باد كثيرا وكل المخططات التي برمجت بقيت بعيدة نوعا ما عن التطلعات والدليل أن اختناق مدن الشمال ووجود أكثر من 80 بالمائة من السكان في 15 بالمائة من مساحة البلد أمر بات يشكل خطرا على السيادة الوطنية في ظل التحولات التي عرفتها العلاقات الدولية وبروز شبكات المافيا والتهريب والإرهاب على المناطق الحدودية مع الجزائر التي باتت مصدر قلق كبير لا يجب التقاعس معه. ولم تخف الداخلية رغبتها في إعطاء دفع جديد لتلك المناطق من خلال التركيز على التنمية المستدامة وتوفير السكن والمرافق العامة للوصول إلى توازن جهوي حقيقي يشجع الكفاءات والإطارات على العمل والاستقرار في الجنوبالجزائري لوقف نزيف الهجرة نحو الهضاب العليا والشمال حيث باتت المدينة مرادفا للمشاكل والانحراف وأزمات السكن والبطالة وبات الجنوب مهجورا ومسرحا للتهريب والإرهاب خاصة بعد التطورات التي عرفتها منطقة الساحل والحديث عن مناورات لجر الشباب من التوارق للالتحاق بالجماعات الإرهابية التي باتت تستغل الواقع المزري للشباب من أجل جرهم للالتحاق بالإرهاب. ويدخل توفير العمل ونشر ثقافة المقاولة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع النشاط السياحي في ولايات جنوب محور عمل الولاة لاستقطاب الشباب البطال ومكافحة الفراغ الذي يجر الشباب لانخراط مع المهربين واحتراف مجال الكسب السريع والتجارة الموازية التي أصبحت مرتبطة بشكل كبير بتمويل النشاطات الإرهابية. ويدخل تعيين ولاة جدد بالجنوب في سياق إعطاء دفع لهذه المناطق خاصة ولايات تمنراست واليزي حيث تملك حدودا شاسعة وأهمية إستراتيجية كبيرة كم أنها معنية مباشرة بالحدود مع دول الساحل التي تعرف تحركا مشبوها لقوى خارجية التي تناور لاستغلال نشاط بعض الجماعات الإجرامية للتدخل في المنطقة. كما سيكون الولاة الجدد مدعوين لتنشيط الحركة السياحية من خلال استغلال الإمكانيات الكبيرة في هذا الجانب لخلق مناصب العمل والمساهمة في تحقيق التنمية الجهوية من خلال تحريك القطاع الزراعي والصناعي والخدماتي واستقطاب الاستثمارات نحو الجنوب. وتعول السلطات على حركة التغيير في سلك الولاة إلى رد الاعتبار للولايات الحدودية وجعلها مناطق للتنمية والاستقطاب الصناعي و تخليصها من آفات التهريب والانحراف حيث باتت ولايات تبسة وسوق أهراس والطارف مرادفا للتجارة غير الشرعية والتهريب الأعمى وتهديد الأمن القومي من خلال دخول تجارة المخدرات والسلاح المجال وكل هذه الظواهر السلبية تعود لضعف التنمية وعدم التكفل بانشغالات المواطن حيث تدفعه الأوضاع المعيشية الصعبة لركوب مخاطر الآفات والتهريب وهو الملف الذي بات يقلق السلطة التنفيذية في ظل الانتشار الرهيب للعنف الاجتماعي واتساع الهوة بين الإدارة والمواطن ما ساهم في إذكاء الظواهر السلبية خاصة انتشار الرشوة والمحسوبية والمحاباة. وتزامنت النظرة الجديدة للولايات الجنوبية والحدودية في ظل التهديدات الكبرى التي تمس السيادة الوطنية حيث يكمن الحل في التنمية المستدامة وتحسين معيشة المواطنين في تلك المناطق من خلال تقسيم الثروة بشكل عادل وتغيير الذهنيات التي تنظر للمناطق الداخلية والصحراوية على أنها مناطق مهجورة وغير قابلة للتكيف. وكانت تعليمات الرئيس بوتفليقة في هذا الجانب صارمة وهو ما نقله وزير الداخلية والجماعات المحلية للولاة الجدد من خلال أخذ الأمور بجدية والتركيز على تحسيس المواطن بقرب الإدارة منه حتى لا يتجه لطرق أخرى تكلفنا الكثير من الجهد والمال وقد تنتج أمور أخرى تجعلنا نضاعف المجهودات والمصاريف وحينها يكون الوقت قد فات.