هل اتخذت الجزائر التدابير اللازمة لحماية منتوجها الصناعي والفكري وتأمينه من عمليات السطو والقرصنة التي تفشت بشكل مدهش موظفة التكنولوجيا المتطورة للغاية؟. وإلى أي مدى تحمي الآليات المعتمدة والتشريعات العلامات التجارية المسجلة في زمن عولمة المعرفة والاقتصاد قاهر الحواجز غير معترف بها عدا حواجز النوعية والجودة؟. وأين موقع الجزائر في خارطة أنظمة حماية الملكية الفكرية التي لا تقبل غش العلامات الأصلية وتفرض عقوبات صارمة ضد كل متلاعب بالاسم والأصل؟. إنها إشكالية طرحتها ندوة نقاش نظمها محمد صغير باباس، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي «كناس»، ونشطها فرنسيس غوري المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، أمس، بإقامة الميثاق بحضور ممثلي المؤسسات الوطنية وأرباب العمل ومسئولي الجامعات ومراكز البحث. وعرفت الندوة نقاش مستفيض حول أهمية الملكية الفكرية للجزائر التي وضعت برنامجا وطنيا للتأهيل المؤسساتي رصد له 3,5 مليار اورو. وضعت مخططا خماسيا ممول ب 286 مليار دولار، يحتل فيه ترقية البحث والموارد البشرية أولوية واستعجالا. وطرحت أسئلة واستفسارات حول أي الطرق انسب للمؤسسة الجزائرية في اللجوء إلى حماية منتوجها وهي تغرق في مشاكل وأزمات ولا تقوى على دفع مستحقات عمالها؟. وهل تقبل الدول التي تقدمت كثيرا في هذا الحقل المعرفي وحققت الريادة في النمو والتطور بتحويل التكنولوجيا والسماح للآخرين اللحاق بالركب وتقاسم الفوائد والنفوذ؟. عن هذا الإشكال الذي طرحته " الشعب" على هامش الندوة، أجاب محمد الصغير باباس، بالقول أن مسؤولية تجاوز هذه الحلقة المفرغة واقع على عاتق الطرف الجزائري الذي يتوجب عليه قبول روح التغيير والتكيف مع التجديد بتطوير آليات الحماية والمواصفات دون البقاء أسير الجمود والتردد، في زمن عولمة زاحفة لا تعترف بالضعيف والتقوقع على الذات. وذكر رئيس ال«كناس» في هذا المقام، أن الجزائر اتخذت التدابير من اجل الاندماج في المحيط الدولي السريع التغيير. وهي لم تكتشف تدابير حماية الملكية الفكرية الآن وتتفطن لمزاياها وخطرها، لكن عليها مضاعفة الجهد في سبيل الذهاب إلى الأبعد في حماية المنتوج الوطني وعلاماته المسجلة دون السماح بأي اختراق أو سطو عليه. ودعم هذا الطرح مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية بالتأكيد الصريح، أن السياسة الجزائرية تعطي عناية خاصة للبحث العلمي جريا وراء بلوغ اقتصاد المعرفة، الذي تسقط أمامه الممنوعات والحواجز. وهو اقتصاد يبنى على الموارد البشرية المؤهلة الذي يتأتى عبر العلاقة الجدلية بين الجامعة ومراكز البحث والمؤسسة، بعيدا عن عقلية " أنا الكل في الكل"، أو أنا وحدي محرك التطور والإقلاع. واعترف نايت عبد العزيز، رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين بجدوى الملكية الفكرية التي تفرض مزيدا من الاستثمار والدعم، وقال أنها سلاحا ذو حدين توظفه القوى المتقدمة من أجل الضغط على الآخرين ومنعهم التطور واللحاق بالركب عبر محظورات، وتستعمل من قوى أخرى من اجل كسر الفوارق واحتلال موقع متميز في خارطة العلامات المسجلة، وهي علامات تحدد موطن الضعف والقوة لكل طرف، وتعطي مؤشرا على حالة الوحدات وتصنيفها على أساس ناشئة ومتقدمة. وشدّد نايت على تطهير محيط الاعتماد وتسجيل العلامات وبراءة الاختراع، الذي تتحكم فيه بيروقراطية ثقيلة معرقلة، كثيرا ما تؤدي بالجزائريين إلى طرق أبواب الخارج لجلب أنظمة المقاييس وبراءة الاختراع من هناك. وهي مسألة اهتم بها مدير المعهد الجزائري للتقييس محمد عيساوي، بالقول الحاسم أن الجزائر مجبرة على التجاوب مع روح التغيير واعتماد أنظمة المواصفات والملكية الفكرية، وانه لا بد من الاندماج في هذه الصيرورة وكسر حالة التردد والمقاومة التي كلفتنا الشيء الكثير وعطلتنا على الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.