الصّحراء الغربية آخر مستعمرة إفريقية لابد من تصفية ملفّها كانت القارّة السّمراء فضاءً لنشاط دبلوماسي مكثّف للخارجية الجزائرية، كما أن هذه الأخيرة شكّلت محورا أساسيا إبان الثورة والعشريتين اللتين تلتها، وبالتالي أكسبتها مكانة الريادة والزعامة على دول العالم الثالث وقوة لها وزنها على الساحة الدولية، وبفضل النضال التحرري الجزائري الذي وظّفته في رسم معالم سياستها الخارجية، استطاعت أن تلعب دورا بارزا في العلاقات الدولية، وفي تحرير الشعوب من كل أشكال السيطرة باسم حق الشعوب في تقرير مصيرها. هذا ما أكّده الأساتذة أمس في مداخلات قيّمة خلال الملتقى الوطني الذي نظّمه المجلس العلمي لمخبر الدراسات الإفريقية بعنوان: “الجزائر: دبلوماسية في خدمة تحرير إفريقيا”، بحضور سفير الجمهورية العربية الصحراوية. أوضح مدير مخبر الدراسات الإفريقية بكاي بكير، أن تنظيم المخبر لهذا الملتقى الوطني الهام، هو إبراز مسيرة الكفاح المشترك بين الجزائر ودول القارة الإفريقية، كما يهدف لإشراك طلبة الدكتوراه في تخصص إفريقيا جنوب الصحراء، في مثل هذه الملتقيات العلمية للاستفادة من الخبرات ومداخلات الأساتذة من مختلف جامعات الوطن، من خلال المحاور التي تبرز البعد الإفريقي للثورة الجزائرية، والدور الذي لعبته الجزائر في مساندة مختلف حركات التحرر الإفريقية جنوب الصحراء، لاسيما تلك التي كانت خاضعة لأقليات البيض العنصرية في المستعمرات البرتغالية أو جنوب إفريقيا وزمبابوي. وأشار مدير مخبر الدراسات الإفريقية، إلى أنّ أهم المحاور التي يتناولها الملتقى هو المحور المخصّص للقضية الصّحراوية، باعتبارها قضية حق وقضية تصفية استعمار، حسب ما نصّت عليه اللّوائح الأممية ولوائح منظمة الاتحاد الإفريقي، وكذلك الدور الذي لعبته لجنة تحرير إفريقيا في مساندة هذه القضايا التحررية. في هذا السياق، أضاف الدكتور بكاي أنّ المخبر ارتأى تسليط الضوء على المحور المتعلق بالقضية الصحراوية التي ما فتئت تحقّق مكاسب دبلوماسية وسياسية، من الجذور إلى التطورات التي تعرفها الساحة الدولية، مؤكّدا أنّ الصّحراء الغربية هي أرض مستعمرة مازالت تعاني من سيطرة الاستعمار المغربي. وقال أيضا أنّ من أهم المحاور التي تناولها الملتقى هو دور الدبلوماسية الجزائرية في تحرير إفريقيا اقتصاديا، والمبادرات الأولى للحوار بين الشمال والجنوب التي أرسى دعائمها الرئيس الراحل هواري بومدين، مرورا بما يعرف بالنيباد أي الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا، مشيرا إلى أنّ هذا دليل على أن الدبلوماسية الجزائرية، كانت دائما تسعى إلى تحقيق الوحدة والانسجام بين الدول الإفريقية، وكذلك محاربة التبعية للغرب وفرض شروط سوسيو اقتصادية على المجتمع الدولي، لكي لا تكون هذه القارة تابعة للشركات الاحتكارية الأجنبية. الجزائر ساهمت في تحرّر كثير من الشّعوب الإفريقية وفي كلمة ألقاها نائب رئيس جامعة أبو القاسم سعد الله، نيابة عن رئيسة الجامعة فتيحة زرداوي، أبرز الدور المهم للجزائر في إفريقيا، قائلا إنّ الجزائر معروفة دوليا بمساندتها لقضايا التحرر في العالم ككل وليس في إفريقيا فقط، وكانت قبلة الثوار في مرحلة من المراحل، مضيفا أنّ المكانة التي اكتسبتها الجزائر تعود إلى الثورة المباركة، التي أتت في مرحلة كان يظن فيها أن الأمّة الجزائرية قد محيت من الوجود بدليل احتفاء فرنسا بمئوية الاحتلال وظهور شعار “الجزائر فرنسية”، لكن فجأة تنبعث الجزائر من الوجود وتظهر الثورة. في هذا الصّدد، أكّد نائب رئيس جامعة الجزائر 02 قسم التاريخ أنّ الجزائر لم تنس تاريخها وبقيت طوال الوقت تساند قضايا التحرر في إفريقيا، كما أنّ الأهمية التي اكتسبتها هي من كون أنّ الاستعمار الفرنسي حاول طمس الثورة الجزائرية، عن طريق إعطاء التحرر لبعض الشعوب الإفريقية، وحسبه فإنّ الجزائر تدين لكثير من الشعوب الإفريقية بتحرّرها، ومن هنا بقيت الدبلوماسية الجزائرية وفية لمبادئها، وهي قضايا التحرر التي حاول العالم مساومتها عليها. وقال أيضا إن من هذه المبادئ التي بقيت راسخة إلى اليوم هي قضية الصّحراء الغريبة، التي لا تزال الجزائر تحاول الدفاع عنها بشتى الوسائل نظرا لكونها آخر قضية بقيت تعاني منها إفريقيا، بالإضافة إلى قضايا أخرى في العالم ككل.