من المرتقب أن يعرض مشروع القانون النموذجي الإفريقي لمكافحة الإرهاب، الذي بادرت به الجزائر على الاتحاد الإفريقي في غضون الشهر الداخل خلال قمة رؤساء الدول، وتأتي هذه الخطوة في أعقاب مصادقة خبراء دول القارة السمراء عليه نهاية الأسبوع بالجزائر، ويكرس رغبة القادة الأفارقة في تبني مرجع قانوني موحد. يكتسي القانون النموذجي لمكافحة الإرهاب أهمية بالغة، لاسيما وأنه يأتي في ظرف تعمل فيه القارة السمراء عموما ودول الساحل على وجه التحديد على مكافحة الإرهاب، ويضاف هذا المكسب الذي لعبت فيه الجزائر دورا بارزا معتمدة في ذلك على تجربتها في مكافحة الإرهاب إلى مبادرة تجريم دفع الفدية على اعتبار أنها تشكل مصدرا من مصادر تمويل الإرهاب . وصادق خبراء البلدان الإفريقية نهاية الأسبوع الأخير على مشروع القانون النموذجي الإفريقي حول الإرهاب، تحسبا لعرضه خلال قمة رؤساء الدول للاتحاد الإفريقي للموافقة، المزمع عقدها في جانفي المقبل، حسبما أكده مفوض السلم والأمن رمضان لعمامرة، الذي اعتبر مشروع القانون النموذجي بمثابة أداة شاملة تهدف إلى تأطير وتوضيح وتوجيه إفريقيا في مجال مكافحة الإرهاب لا سيما من خلال توحيد التشريعات. واستنادا إلى التوضيحات المقدمة على لسان ذات المسؤول، فان الأمر يتعلق أولا بتكريس وتطبيق مبدأ قانون العقوبات الدولي، المتمثل في المتابعة أو التسليم فور الاعتراف على الصعيدين الدولي والإفريقي، بأن الأعمال الإرهابية جديرة بالعقاب. مشددا على ضرورة وضع جهاز حتى لا يتمكن الإرهابيون أينما كانوا من الفرار، مشيرا إلى أن القانون النموذجي يتضمن فصلا يُعرف الأعمال الإرهابية ويحدد المساعدة القضائية وتطوير القدرات والمساعدة بين البلدان الإفريقية، كما يتضمن جانبا حول تجريم دفع الفديات، حسبما مدير المركز الإفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب فرانسيسكو كايتانو خوزي ماديرا، واصفا إياها ''بالنقطة جد هامة بالنسبة لنا لأننا نساهم بدفعنا للفدية في تمويل الإرهاب''، مؤكدا على أهمية تطبيق اتفاقية الاتحاد الإفريقي وبروتوكولاته ومخطط عمله. وكان الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، قد أكد لدى افتتاح أشغال اجتماع الخبراء بأن ڤوضع إطار قانوني لمكافحة الإرهاب يشكل أمرا ضروريا لدولة القانون وشرطا أساسيا لتنظيم وتنسيق عمل مختلف المؤسسات المعنية بمكافحة الإرهابڤ، موضحا بأن مكافحة الإرهاب تتطلب وضع معايير وقواعد قانونية تؤهل مصالح الدولة للعمل في إطار القانون ومنح مكافحة الإرهاب الإطار القانوني «اللازم». وأفاد في نفس السياق، بأن ''الهدف الأساسي لهذا الاجتماع يتمثل في وضع مشروع قانون نموذجي في متناول الدول الإفريقيةڤ يكون بمثابة مرجع لبعث وترقية وتدعيم على المستوى الوطني تنفيذ الالتزامات المنبثقة عن معايير حددها الاتحاد الإفريقي والمجموعة الدولية في مجال مكافحة الإرهاب ومن شأنه تعزيز القدرة المؤسساتية للبلدان الإفريقية على مكافحة الإرهاب. ولعل ما يميز هذا القانون النموذجي، ينبغي أنه قابل للتوسيع وشامل يضم كل الإجراءات القانونية للوقاية من الأعمال الإرهابية ومكافحتها بما فيها تجريم العمل الإرهابي ووضع قنوات تعاون، ويتعلق الأمر أيضا بتعزيز المراقبة على مستوى الحدود وتبادل المعلومات والتعاون القضائي ومكافحة تمويل الإرهاب وتكوين كفاءات في هذا المجال ما يجعل منه نموذجا يتضمن حصيلة المعايير الدولية وتلك التي تبنتها القارة، دون إغفال التطورات التي تعرفها ظاهرة الإرهاب مثل الجريمة عبر الانترنت. للإشارة، فإن الجزائر كانت قد تزودت بترتيب قانوني وطني «منسجم وكامل» يشمل كل الجوانب المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وبادرت بسلسلة من القوانين والتنظيمات من أجل تأهيل أجهزة الدولة والمؤسسات الوطنية لقيادة منظمة وتنظيمية لعملية مكافحة الإرهاب، كما أن قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية يجرمان كل نشاط أو عمل يشجع أو من شأنه أن يشجع على مساعدة أو تمويل أو تسهيل النشاطات التي تقوم بها الجماعات والتنظيمات الإرهابية.