يفسّر عدد كبير من الفنيين وخبراء الكرة، تراجع مستوى آداء المنتخب الوطني في المدة الأخيرة، بفترة فراغ عادية تأتي بعد الوصول إلى أعلى مستوى، وحتى اللاعبون أنفسهم يعتبرون الأمر مجرد كبوة حصان، سيتم تجاوزها بالعمل والمثابرة. لكن المعطيات الموجودة حاليا في المنتخب، تشير إلى أن المشكلة ليست ذهنية فقط، بل هنالك أسباب عديدة ساهمت في نقص المستوى، يجب التوقف عندها وأهمها وضعية اللاعبين المحترفين في النوادي الأوروبية والذين يمثلون 95٪ من تعداد الفريق الوطني. إذ يمكن القول أن قلعة ''الخضر''، بدأت بالتصدّع بعد مونديال جنوب إفريقيا الأخير مباشرة، فبعد موسم شاق جدا وما صاحبه من ضغط كبير، دخل اللاعبون في عطل مفتوحة دامت أكثر من أشهر، وهو ما أخر إلتحاقهم بالتربصات التحضيرية لنواديهم، وبعضهم بقي دون فريق إلى آخر يوم من سوق الإنتقالات على غرار حسان يبدة، رفيق حليش، رايس مبولحي ونذير بلحاج، الشيء الذي جعلهم يخوضون مباراة الغابون الوديّة، ومباراة تانزانيا الرسمية ب30٪ فقط من إمكانياتهم الفنية والبدنية، والنتيجة معروفة. وما إن بدأت الإصابات، التي صارت إن لم تقعد لاعبا شهرا، تفقد الآخر 3 أشهر وأكثر، والحصيلة بلغت 7 لاعبين أساسيين أمام إفريقيا الوسطى، إذا إستثنينا مراد مغني الذي يعاني منذ سنة مع إصابته. فقد غاب حليش وبودبوز ل15 يوما وزياني ومطمور وعمري الشاذلي لثلاثة أشهر، وڤديورة وفؤاد قادير ل6 أشهر، وكل الإصابات حدثت قبل أيام فقط من التنقل إلى إفريقيا الوسطى، وعليه، فقد مرت مرحلة الذهاب على هؤلاء بين عيادات نواديهم ومقاعد الإحتياط. من الإصابات إلى التهميش كما أن للتهميش دورا كبيرا في تدهور مستوى محترفينا، فهو شبح يطاردهم أينما حلّوا وارتحلوا، وإن تجنبوه موسما، وجدوه في التالي، فقد صار عادة قديمة تعرقل مشوار اللاعبين، وأخطر ما فيه أنه يمسّ ركائز المنتخب وأبرزهم زياني الذي أبعد طيلة مرحلة الإياب في ناديه فولسبورغ الألماني، ليفاجئ قبل أيام فقط بأنه لن يدخل في حسابات مدربه رغم التطمينات التي تلقها بداية الموسم، وهو الآن في رحلة البحث عن نادي يلعب له. الأمر نفسه، يحدث مع رفيق حليش الذي لم تدم فرحته طويلا باللعب في أفضل دوري في العالم، فمنذ إنضمامه إلى فولهام الإنجليزي لم يلعب سوى 5 دقائق لحد الآن. أما البقية فلا يشاركون إلا احتياطيين في دقائق معدودات على غرار مهدي لحسن في ناديه راسينغ سنتندار الإسباني ومطمور بعد تعافيه من الإصابة في مونشنغلادباخ ويبدة في نابولي ونذير بلحاج الذي تدنى مستواه في قطر، مما كلفه الإبعاد مؤقتا من طرف بن شيخة، هو وغزال الذي مازال مصابا وجمال عبدون بسبب نقص المستوى أيضا، وجبور الذي تألق في الدوري اليوناني هذا الموسم تعرض للطرد مؤخرا من فريقه بسبب شجاره مع مدربه، حسب الصحف اليوناينة. لو كان الجميع مثل بوڤرة..! ويبقى الإستثناء الوحيد، مجيد بوڤرة الذي يلعب بصفة مستمرة في ناديه كلاسغو رينجرز، فمكانته هناك لا نقاش فيها وهو ما يفسّر حصوله على جميع الجوائز السنوية، في الجزائر فنال جائزة أفضل لاعب للمرة الثانية على التوالي وجائزة أفضل رياضي وكان من بين المرشحين بجائزة أفضل لاعب إفريقي لسنة 2010، فلو كان جميع اللاعبين مثله يلعبون بصفة منظمة لتغيّرت المعطيات وما أحدث كل هذا التخوف من عدم التأهل لكأس إفريقيا 2012، وهناك أيضا كل من رياض بودبوز وجمال مصباح يقدمان مستوى جيد في ناديهما. ويبقى عبد الحق بن شيخة هو المعني الأول بكل هذه الأمور، فمنذ أن تقلد العارضة الفنية للخضر في ظروف صعبة جدا، لم يخض أي معسكر إستعدادي بتعداد مكتمل، كما أن المهمة، التي تنتظره أمام المغرب وفي بقية التصفيات تعتبر بمثابة التحدي الأكبر في مشواره التدريبي، وعلى ما يبدو فإنه قد فهم الوضع جيدا، مما جعله يبحث عن العصافير النادرة التي بإمكانها تعويض كوادر الفريق، ولكنه إذا وجد الحلّ فإنه لا يملك الوقت فلا توجد سوى 5 أيام قبل مباراة تونس الودية في 9 فيفري القادم ونفس المدة في شهر مارس قبل المواجهة الحاسمة أمام المنتخب المغربي والتي نتمنى أن يعود جميع اللاعبين إلى مستوياتهم قبلها. هذا ما يلام عليه سعدان لا أحد ينكر حنكة وقدرة رابح سعدان التدريبية، فهو الذي حقق أكبر نجاحات المنتخب الوطني بتأهيليه 3 مرات إلى كأس العالم آخرها مونديال جنوب إفريقيا. لكن ما لم ينجح فيه هو عدم تأسيس طريقة لعب خاصة رغم مكوثه 3 سنوات على رأس العارضة الفنية، فكانت إنتصاراتنا في التصفيات المؤهلة لكأس العام وإفريقيا تعتمد على سلاح الكرات الثابتة وليس على لعب جماعي ونسوج كروية جميلة ماعدا في بعض المباريات. وعندما ضاع سلاح الكرات الثابتة لم نسجل أي هدف في المونديال. لذلك، فإن خليفته عبد الحق بن شيخة، بدأ من نقطة الصفر مع ''الخضر''، فهو يبحث على طريقة لعب جديدة تمكن من تسجيل الأهداف وعن لاعبين جدد يعطون الإضافة اللازمة بسبب تقهقر المستوى العام للفريق. ويبقى على جميع اللاعبين المحترفين المثابرة والعمل من أجل إسترجاع أماكانهم في نواديهم واستعادة مستوياتهم ليعود ذلك بالفائدة على المنتخب الذي يتكون من مجموعة والمجموعة مكونة من فرديات.