بمصادقة المجلس الشعب الوطني يوم الخميس الماضي على مشروع قانون ضبط الميزانية لسنة 2008، يكون النواب قد استعادوا أحد أهم أدوات رقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية بعد مرور أكثر من 30 سنة عن تجاهل الحكومات المتعاقبة لحق البرلمان في ممارسة الرقابة على النفقات والإيرادات في ميزانية الدولة. وخلال السنوات القليلة الماضية زاد ضغط البرلمان على الحكومة لتقديم مشروع ضبط الميزانية، التي يبدو أنها كانت مجبرة على تفعيل هذا القانون في سياق الاجراءات العديدة المتخذة من طرف الدولة لفرض المزيد من الرقابة على المال العام بصفة عامة الذي عرف خلال السنوات الماضية استنزافا غير مسبوق، درءا لكل أنواع الفساد مهما كان مصدره. توصيات عديدة خرجت بها لجنة المالية والميزانية وأهمها تقليص مدة ضبط الميزانية من 3 سنوات حسب أحكام القانون 84 / 17 المتعلق بقوانين المالية إلى سنتين فقط، قصد التحكم أكثر في مسار الإنفاق وتقليص عدد الصناديق الخاصة واللجوء إلى تحويل الاعتمادات المالية التي لا تخضع لأية رقابة قانونية فضلا عن التحكم في التوقعات والدراسات التقنية التي كثيرا ما كلفت خزينة الدولة خسائر اضافية نظرا للجوء المستمر إلى عمليات إعادة التقييم المكلفة بمشاريع هامة. وسجلت اللجنة أن في عملية إعداد قانون ضبط الميزانية لم يتم الإعتماد على الأنظمة المحاسباتية الجديدة في المعاملات المالية، ملحة على ضرورة إقحام مجلس المحاسبة في عمل الكثير من المؤسسات الوطنية بعد أن سُجلت اختلالات في طريقة الإنفاق على غرار مصاريف المهمات التي تبدو مبالغ فيها، خاصة في المؤسسات الكبرى التي تحظى بميزانيات معتبرة. الدستور في مادته 160 والقانون 84 / 17 المتعلق بقوانين المالية المعدلة والمتممة أقرا بآلية الرقابة اللاحقة على تنفيذ الميزانية، والتي جاءت بعد دراسة قانون ضبط ميزانية 2008 بجملة من التوصيات قد تساعد الحكومة على تجنب المزيد من الاختلالات التي قد تحدث في إعداد قوانين المالية القادمة في حالة ما إذا أخذتها الحكومة بعين الإعتبار، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا إلى أي مدى تعد هذه التوصيات إلزامية بالنسبة للجهاز التنفيذي، هل سيلجأ هذا الأخير على سبيل المثال إلى تقديم المزيد من التفاصيل حول التحصيل الجبائي على العائدات النفطية مثلما طلب النواب، خاصة وأن الجباية الأخرى أي العادية وردت بكثير من التفاصيل والدقة. وفي هذا الصدد ذكر محمد كناي رئيس لجنة المالية، قبل أيام أن اللجنة قدمت إقتراحا بإلزامية تقديم كل التفاصيل المتعلقة بالمداخيل وخاصة العائدات الجبائية وغيرها من التفاصيل وفقا لأحكام الدستور في الرقابة على عمل الحكومة والتي تنص إحدى مواده (160) على أن تقدم الحكومة لكل غرفة من البرلمان عرضا عن استعمال الاعتمادات المالية التي أقرتها لكل سنة.