قفزت أسعار النفط مجددا في معظم الأسواق العالمية في نهاية الاسبوع الماضي، بسبب استمرار الأحداث الدموية في ليبيا، وانسداد الأفق حول أية تسوية محتملة بين نظام القذافي و معارضيه، حيث ارتفعت عقود مزيج برنت لشهر ماي إلى 7،118 دولار للبرميل وبزيادة ثلاثة دولارات خلال الأسبوع المنصرم، بينما سجلت عقود النفط الأمريكي في نهاية التعاملات نفس الفترة ارتفاعا آخر ببلوغها مستوى 94، 701 دولار، لم يسجل منذ أوت 2008، وهي الفترة التي شهدت زيادة قياسية في أسعار الخام. تقلبات أسعار النفط نحو الارتفاع على العموم، لا تعود بحسب المراقبين إلى اختلال واضح في امدادات النفط، التي ظلت متواصلة رغم تراجع انتاج ليبيا ب 03،1 مليون ب / ي مقابل 6،1 مليون ب / ي قبل اندلاع الأحداث في ليبيا، وإنما إلى عوامل نفسية مرتبطة بهذه الأحداث. وحسب تقارير غريبة ومسبح قامت به وسائل إعلام أجنبية، وفي غياب تقارير شهرية لأوبيك حول مستوى إنتاج هذه الأخيرة، فقد سجل تراجع في الانتاج من 43، 29م ب / ي في شهر فيفري إلى 13، 296 م ب / في شهر مارس الماضي، وهو رقم يبقى بعيدا عن المستوى الرسمي الذي أقر في اجتماع وهران نهاية سنة 2008، عندما قرر أعضاء المنظمة تخفيض الانتاج في تلك السنة ب 2،4 مليون ب / ي لمواجهة تراجع الأسعار التي هوت من 147 دولار إلى 37 دولار فقط في مدة لا تتعدى خمسة أشهر متأثرة بالأزمة الاقتصادية العالمية. لكن التعافي النسبي في الاقتصاد العالمي وتوالي الانتفاضات في عدد من الدول العربية منذ ديسمبر الماضي، أحدث طفرات قياسية في أسعار النفط، إلى أن بلغت في 24 فيفري الماضي مستوى 120 دولار للبرميل، مع التصعيد المفاجىء والمأساوي الذي عرفته ليبيا، أول احتياطي نفطي في افريقيا وثاني مصدر فيها، بعد نيجيريا ب 8، 1 مليون ب / ي. وظلت الأسعار تتأرجح في مستوى مرتفع، ومرشحة لأن تعرف المزيد من التذبذب خلال المرحلة القادمة، في ظل الغموض الذي لايزال يكتنف تطور الأوضاع في منطقة الشمال الافريقي. ويمجع معظم أعضاء أوبك على عدم وجود أية ضرورة لعقد اجتماع طارىء لبحث وضعية السوق النفطية، التي تبدو مستقرة، طالما أن الامدادات النفطية متواصلة دون انقطاع وأن المنتجين يراقبون تطور الأسواق، مثلما أكد على ذلك وزير الطاقة الاماراتي يومين، الذي استبعد عقد لقاء طارىء أو استثنائي لتقييم الوضع نظرا لعدم وجود أي نقص في المعروض. وإن كان اعضاء في اوبك لا يرون أي داعي لعقد اجتماع طارىء قبل الاجتمااع العادي المقرر في جوان القادم، فإن دولار في المنظمة مثل العربية السعودية بدرجة أكبر وأخرى مثل الامارات والكويت وأنڤولا والعراق، سارعت إلى رفع انتاجها لتعويض تراجع الامدادات النفطية الليبية، حيث أن السعودية التي تعد أكبر مصدر للخام في العالم رفعت انتاجها إلى 9 ملايين ب / ي، وتنوي رفعه مجددا خلال هذا الشهر. زيادة انتاج السعودية، لم ينعكس مباشرة على مستوى الأسعار على النحو الذي يرضي إلى حد ما كبار المستهلكين وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وذلك بالنظر إلى عدم جودة خاماتها مقارنة مع الخام الليبي، لذا فإنها تسعى حاليا إلى تسويق نوع جديد من النفط الخفيف الذي يحتوي على نطبة مخفضة من الكبريت لتفويض النقص الكبير الذي خلفه تراجع انتاج النفطي الليبي العالمي الجودة. يبدو الظاهر أن سياسة أوبك النفطية لم تتغير منذ اجتماع الجزائر قبل أزيد من عامين لعدم اتخاذها قرارا رسميا برفع انتاجها النفطي، لكن الواقع يقول شيئا آخر، وتعكسه درجة التزام كل دولة عضو في المنظمة بحصصها الانتاجية التي لم تتعد في أحسن الحالات 60٪ وسط عودة الخطاب القديم حول جدوى المنظمة في السيطرة على السوق النفطية، ومحاولات تقويض دورها في توجيه الأسعار، حيث لم يتوان وزير الطاقة الفنزويلي علي روديغيز في اتهام لغرب عموما وأمريكا على وجه التحديد بمحاولة السيطرة على نفط ليبيا من خلال العملية العسكرية التي يشنها التحالف الدولي ضد ليبيا على إعتبار أنها أحد الدول التي عارضت مع فنزويلا الحوار بين مستهكلي ومنتجي النفط معتبرا أن أوبك مهددة بالزوال بسبب أحداث ليبيا.