كشف الموسيقار الكبير والمايسترو عبد الحليم كركلا في حديث حصري خص به''الشعب'' عن المشروع الفني الراقي والثمين الذي يتوق لتجسيده وإهدائه لبلد قال أنه يعشقه حد النخاع،يختزل تاريخ الجزائر من الأمير عبد القادر إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الملقب ثوريا بعبد القادر، وتحدث بحماس عن خصوصية العلاقة التي تجمعه بالجزائر التي تسكن وجده منذ أن تلمس أرضها وغازل إرثها الفني، ويسلط الضوء على موجات التململ والإحتجاج التي تشهدها المنطقة العربية. ̄ ما هو سر خصوصية العلاقة التي تجمع بين الجزائر والمايسترو كركلا، حتى هناك من وصفها بالعلاقة الحميمية والتواطئية التي تحمل العديد من الأسرار والحب؟ ̄ ̄ لا يوجد شك أنه كان هناك تجاوب كبير ما بين كركلا والتراث الجزائري، على اعتبار أنني أفتش دوما عن الآثار التي مازالت مادة خام،لتكون مادة أساسية في أعمالي، ومن خلال أول زيارة لي إلى الجزائر في سنة 1973اكتشفت التراث الجزائري،مما أسفر عن بداية العلاقة المتميزة التي تطورت بتقدير التراث العربي، وهذه المادة الفنية الثمينة تفرض على أي فنان يتعامل معها لتصبح ثرية، وتعاقبت الزيارات إلى الجزائر، ومع كل زيارة أنجب لهذا البلد الرائع عملا فنيا جديدا، ولا ننسى في الحرب اللبنانية فضل الجزائر، لأنه أول بلد احتضن الفرقة وكأنها فرقة جزائرية وفتحت الجزائر ذراعيها بدفء بمظلة الأمان لنا وكانت البلد الأول الذي لبى الدعوة بعد ابوظبي وكان لابد لنا أن نعتز بالتقدير الذي منحته لنا الجزائر . وتوالت السنوات واستمرت العلاقة الخاصة جدا بالجزائر الحبيبة،وكنت في كل مرة ألبي طلبات الديوان الوطني للثقافة والإعلام على غرار ما أنجزناه سنة 2004 من خلال مسرحية في الفاتح نوفمبر وجاءت رائعة من الروائع الفنية،ولا أخف عليك أنني شعرت أن الجزائر بالفعل وطني الثاني بعد لبنان .
̄ بالنظر إلى هذه العلاقة العميقة التي تتجاذبها مع الجزائر ماذا تشعر عندما تحترق إبداعيا لأجل الجزائر منجبا عملا ملحميا أو رائعة فنية؟ ̄ ̄ كلما أبدعت للجزائر أشعر بارتياح فني ونفسي كبير، وأجد أنني أخوض تجربة جديدة من طعم خاص أحقق فيها طموحاتي وهوسي الإبداعي، خاصة عندما أتعامل مع فنانين جزائريين . ̄ ماذا تمكنت فرقة كركلا من تحقيقه بعد مسار حافل بالإبداع المميز حسب تقديركم؟ ̄ ̄ فرقتنا صارت سفيرة للثقافة العربية تتجول لتسحر المتلقي وتبعث فيه المتعة والفرحة ملونة المشاهد بجمالية خاصة، لأننا نحرص على التركيز في عملنا بالتراث كوحدة عربية، مكنتنا من توحيد العرب فنيا، وكان كل عملا جديدا لكركلا تحضر فيه الدول العربية بشكل ساطع. ̄ كيف وجدت الجزائر في آخر مرة؟ ̄ ̄ التاريخ العربي عرف تغيرات اجتماعية عديدة وتحديات ومشاكل شهدتها حتى الدول الأوروبية،ولكل نهضة اجتماعية نهضة وركود،ولكن اليوم دون المبالغة وقفت على أن الجزائر في طريق واعد نحو الازدهار المتكامل الزراعي والثقافي والعلمي،واليوم غير الأمس لأن الجزائر مرت بسنوات سوداء أثرت على حضارتها وأخرت نهضتها،لكن في الوقت الراهن وبفضل الرؤية الثاقبة الذكية للقائد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتجربته السياسية العالمية،عرف كيف يعطي لبلده دفعا قويا ويجعلها تتحدى الصعوبات ،وكانت كل الصعوبات تنهار أمام حنكته وحسن تدبيره،ويعود له الفضل في إعادة بريق الجزائر العالمي،وهذا لا يعود الفضل فيه للتاريخ الجزائري وإنما للإنسان الجزائر بما فيه من طاقة وتحدي،وألمس في كل مرة أن الجزائر يحب كثيرا وطنه ومتشبث بها في العمق، ومستعد في أي لحظة أن يضحي من أجلها ولكن لكل بناية أساس، ولتنهض بالبنيان فلابد من الكثير من الوقت . ̄ قدمتم مؤخرا ملحمة فنية وصفت بالرائعة خلال افتتاح فعاليات تظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية التي ألهبت أرض الزيانيين وضيوفها من 41 بلدا عربيا وإسلاميا تحت عنوان'' تلمسان صدى الإيمان''، نود معرفة قيمة هذا العمل الفني على الصعيد الدولي هل يمكن أن تسثمر الجزائر في عرضه خارج نطاق حدودها وظروف إبداعه، فهل واجهتكم صعوبات ومدة إنجازه وقيمة الغلاف المالي الذي أنفق لتجسيده؟
''ملحمة تلمسان صدى الإيمان'' تعد من أهم الأعمال الفنية العالمية تعطي للجزائر مستوى ثقافي وحضاري معاصر،ويصنف ضمن الأعمال الرائعة والمتألقة وطنيا والأعمق إنسانيا والأهم فنيا،خاصة وأنه ارتكز على مواهب جزائرية فيها العديد من الشباب. واستغرقت فترة تجسيد الملحمة ستة أشهر،ولا أخف عليك أننا واجهنا كل الصعوبات،في ترجمته الإبداعية على اعتبار أن الوقت كلن ضيقا،غير أن ما خفف عنا الإرادة القوية للرجل الأول في الديوان الوطني للثقافة والإعلام الأخضر بن تركي . وأشير إلى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة طلب من وزيرة الثقافة أن يقدم هذا العمل الفني خارج الجزائر حتى يرسخ فكرة النهضة في الجزائر . وأذكر أن وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي كان لها تأثير مباشر في إنجاز هذا العمل الملحمي الفني، ولا أخفي أنها أضاءت مخيلتي منذ بداية الطريق بتطلعات ثقافية وفنية قيمة مبنية على المعرفة والحكمة ورسمت لي خارطة طريق ليتضمن العمل رسائل آنية من الماضي، وتكون عبرة للحاضر
̄ من فضلك هل يمكن معرفة القيمة المالية التي تطلبها إنجاز مثل هذا العمل الفني الذي يكتسي خصوصية، إن أمكن؟ ̄ ̄ أتعجب أنكم دائما تحرصون على طرح مثل هذه الأسئلة، لكن عندما ينجح العمل من المفروض لا يسأل كم كلف ماديا ...
''أعتقد أن القدر اليوم يستجيب لنداء الشعوب العربية ''
̄ تشهد البلاد العربية على غير العادة موجة جديدة من التململ والاحتجاج،والثورة على أوضاعها الراهنة، كيف يصنف كركلا هذه الانتفاضات كما يحلو للبعض تسميتها، ضد الأنظمة تارة وتارة أخرى ضد الأوضاع المعيشية والاجتماعية الصعبة؟ ̄ ̄ فولتير أبو الثورة الفرنسية والشعراء يحسنون جيدا قراءة تجربته، فإذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر، وأعتقد أن القدر اليوم يستجيب لنداء هذه الشعوب العربية . ̄ ما هو العمل الإبداعي الكبير الذي يسكن طموحك وتتمنى أن تهديه للجزائر كجوهرة خالدة؟ ̄ ̄ كل ما يغنى من أبيرات في رائعة من عبد القادر إلى عبد القادر أي اقصد من فترة الأمير عبد القادر إلى الفترة الحالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي كان ملقبا في صفوف المجاهدين بعبد القادر خلال حرب التحرير المجيدة، وتحيي هذه الملحمة الماضي وجميع الرموز من مجاهدي الجزائر وتمنح الحق لكل واحد منهم لأن يكون أيقونة، وتزود الطفل الجزائري بمعارف تتضمن أهمية الرمز وزرع في الجيل الجديد ما كان يحمله المجاهدون لوطنهم الجزائر، حتى تبقى هذه الرموز حية خالدة في نفوس الأجيال القادمة، وليعيش الزمن الحاضر على مجد الزمن الماضي ولننطلق إلى جزائر تجمع بين الزمنيين.
̄ نود رؤية راهن وتوقعات القضية الفلسطنية،القضية الأم في عيون المبدع العربي الكبير كركلا، نود أن نستمد منك أملا ينبثق من احتراقك ورقي تفننك في إخراج أكبر الأعمال الصامدة الصارخة في وجه النسيان والتناسي؟ ̄ ̄ القضية الفلسطينية قضية شرف العرب،وصاحب القضية أثر على مسيرة القضية، والذي قسم الشعب الفلسطيني، وتعد مرحلة خطيرة غير أنه اليوم عادت الفرحة إلى قلوب العرب لكي تعود القضية الفلسطينية إلى أهلها وإلى الحلة والثوب الفلسطيني الجديد وتقوم الاعوجاج الآني . ̄ ماذا تقول للفلسطينيين؟ ̄ ̄ ابقوا مع أنفسكم لتكون العرب معكم، ولا تتركوا العالم يشمت بكم وبنا . ̄ قبل أن نفترق نترك لك مساحة نرغب أن تكون للشباب الموهوب لتنير طريقهم؟ لا تخف على نفسك فأنت موهوب من عند الله...