سياسة القمع المغربي أجبرت 250 ألف صحراوي على التشرّد يكشف رئيس منظمة عدالة البريطانية، سيد أحمد اليداسي، في هذا الحوار مع «الشعب» كواليس تحايل المفوضية الأوروبية على قرار محكمة العدل، موضحا أنها تحالفت مع المغرب وقفزت على الشرعية الدولية بهدف تصفية موارد الصحراء الغربية لصالح الاحتلال، مؤكدا أن أغلب نواب البرلمان الأوروبي يرفضون هذه السياسة التي تعارض قرار المحكمة الأوروبية. »الشعب»: ما مضمون القرار الأخير للمفوضية الأوروبية حول اتفاق الصيد البحري مع المغرب؟ اليداسي: حكم المحكمة الأوروبية كان واضحا وقضي بأن اتفاقية التجارة مع المغرب لا تنطبق على الصحراء الغربية، حيث أكدت المحكمة إنه «إقليم متميّز ومستقل» عن المغرب، ولا يتم الاتفاق إلا بموافقة صريحة من «شعب الصحراء الغربية» ممثلة في جبهة (البوليساريو)، كما أكد أنه لابد من التفاوض مع البوليساريو في حال أي اتفاق قد يشمل مياه الإقليم الصحراوي المحتل، مؤكدا أنها الطريقة الوحيدة لاحترام قرارات المحكمة التي نصّت على ضرورة استشارة الشعب الصحراوي. لا سيادة مغربية على الإقليم الصحراوي ما موقفكم من هذا التلاعب رغم وضوح قرار المحكمة الأوروبية؟ أؤكد أن الموارد الصحراوية، والتي هي حق للشعب الصحراوي لا يجوز السيطرة عليها من قبل جهة أجنبية لا من المغرب ولا الاتحاد الأوروبي، لأن أرض الصحراء الغربية لا تقع تحت سيادة أي منهما، ويجب على الجهة التي تنوي استغلال ثرواتها أن تحافظ عليها، وأي اتفاق لن يتم إلاّ باستشارة ممثل الشعب الصحراوي (جبهة البوليساريو). لكن كيف تفسّرون ما تقوم به المفوّضية الأوروبية في هذا السياق؟ اليداسي: صحيح، ما تقوم به المفوّضية الأوروبية والمغرب من محاولات وتجاهل حكم المحكمة والقانون الأوروبي والدولي، يهدف منذ اللحظة الأولى إلى تصفية الموارد الصحراوية لصالحهم، ولذلك أحكموا مجموعة من السياسات واستخدموا لذلك أدوات غير قانونية وأعدوا وثيقة اتفاق بدون حتى استشارة أعضاء البرلمان الأوروبي، وهوما وقفت عليه خلال زيارتي قبل أيام إلى بروكسل، حيث أكد لي بعضهم خلال هذه اللقاءات أنهم فوجئوا عند توصلهم بهذه الوثيقة التي لم يستشاروا قط حول محتواها، مستغربين عدم تراجع المفوضية الأوروبية ومراجعة محتوى هذه الوثيقة وإقدامها على الهروب إلى الإمام في فرض التصويت على محتوى هذه الوثيقة. ما هي حيثيات الاتفاق وطبيعة المناطق التي شملها؟ اليداسي: الأمر يتعلق بالمناطق التي احتلها المغرب عام 1975، والتي تعتبر وفق القانون الدولي أراض موضوع تصفية استعمار مدرجة في لوائح اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة نتيجة حرب توقفت بقرار دولي سنة 1991، بين المغرب كقوة محتلة وجبهة البوليساريو كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي، ودعوة المجتمع الدولي إلى تنظيم استفتاء من اجل تقرير مصير هذا الشعب، وأؤكد هنا إنه لا يمكن تجاهل كل هذه الأمور، وأن دور الاتحاد الأوروبي هودعم الشرعية الدولية وليس تعقيد الأمور وان يكون طرفا في خرق هذه الشرعية وفي نهب ثروات شعب إقليم غير متمتع باستقلاله. قلتم أن القانون واضح في هذه المسألة، لكن المغرب المحتل مستمر في نهب ثروات الشعب الصحراوي، كيف ؟ @@اليداسي: المفوضية الأوروبية في وثيقتها المزمع التصويت عليها، قالت أن قرار محكمة العدل الأوروبية كان واضحا، وأنا أعلمت بعض النواب في البرلمان الأوروبي أن مسألة استشارة الشعب الصحراوي المتمثل في جبهة البوليساريو لابد منه، حيث أن القانون الوحيد المنصوص عليه ﺼﻪ هو ﻣموافقة الشعب الصحراوي، أي موافقة جبهة البوليساريو. في هذا الإطار، أشير إلى أنه في الوقت ذاته الشعب الصحراوي لا يستفيد من ثرواته لأن المغرب يعتمد سياسة تقوم على مجموعة من المصالح، تتعلق بالاستفادة من هذه المناطق واستمرار نهب ثرواتها إلى أبعد زمن ممكن، وإشغال سكان الأرض الأصليين بالبحث عن رزقهم الفردي والمصالح الخاصة نتيجة سياسة التفقير والتهميش التي ينهجها بحقهم، ويحاول استبعاد بشتى الطرق، كل ما يمكن ان يرتبط بالدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي في تقرير المصير أوموارده الطبيعية. 250 ألف صحراوي يواجهون كابوس التشرّد بات واضحا من كلامكم أن الاحتلال المغربي ينتهج أسلوبا جديدا في استغلال ثروات الشعب الصحراوي؟ هو ما يحصل بالفعل في المناطق المحتلة حيث تصاعد التهجير القسري والمتكرر للصحراويين، وهومستمر نتيجة سياسة التفقير والتهميش والقمع، إذ يمكن القول انه وعلى مدى ثلاث وأربعين عاماً من أثار الاجتياح المغربي لإقليم الصحراء الغربية التي شكلت ولم تزل أكبر عملية تهجير قسري شهدتها شمال أفريقيا، حيث أجبرت القوات المغربية أكثر من 250 ألف مواطن صحراوي على ترك ديارهم واللجوء إلى دول الجوار، واستمرار سياسة القمع والتفقير في حق الشعب الصحراوي في أرض مناطقه المحتلة الغنية، نراه يجبر فئة كبيرة من الصحراويين على الهجرة إلى مناطق أخرى من العالم. أمام هذا الوضع الخطير ما الذي يمكن أن تقوم به منظمة عدالة البريطانية؟ اليداسي: يجب على البرلمانيين في الاتحاد الأوروبي أن يفهموا أنه إذا تمت الموافقة على وثيقة الاتفاق غير الشرعية التي قدمتها المفوضية الأوروبية، فإن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي وهي جبهة البوليساريو ستعود مباشرة إلى محكمة العدل الأوروبية، وستعلن هذه المحكمة مرة أخرى أن هذه الاتفاقية باطلة، وستبدأ دورة التقاضي بأكملها ببساطة مرة أخرى، ونحن سنقوم بتوسيع لقاءاتنا مع النواب لتوضيح الحقائق المغيبة. ولهذا أقول انه حان الوقت لاحترام حكم محكمة العدل الأوروبية بدلا من استمرار التقاضي، وأؤكد مرة أخرى انه يتحتم على الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي أن يتخذ كلّ الإجراءات اللازمة لإلزام المغرب والمفوضية الأوروبية بالوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الأوروبي والدولي ومبادئ حقوق الإنسان، التي قام عليها الاتحاد الأوروبي، وكذا القانون الدولي الإنساني، ومطالبتهم بوقف كل السياسات والممارسات التي تمسّ بحقوق الشعب الصحراوي.