خلفت الحضارات المتعاقبة على الجزائر الكثير من الارصدة التراثية الشعبية المتنوعة، وأضحت مع مرور الزمن تكون ثروة وفي نفس الوقت بصمة تطبع الشخصية الوطنية وتميزها عن غيرها من الشعوب والامم . فهذه الثروة الكبيرة من الآداب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة المادية والفنون التشكيلية والموسيقية ، هو تراث مادي وغير مادي توارثناه جيلا بعد جيل وهو بذلك يدخل ضمن الموروث التراثي الإنساني الذي عمدت جل الدول على تصنيفه و حمايته بترسانة من القوانين والاتفاقات الدولية . ونحن اليوم أمام تحديات العولمة التي اتخذت كثيرا من الاشكال والالوان ، وبالخصوص جرائم تهريب الأثار التي اضحت وسيلة سهلة للاثراء ، أصبح اليوم من الضروري حماية موروثنا التراثي من الاندثار وحتى التزييف والتحريف باعتباره لصيقا بالشخصية ومقوما من مقوماتها . اذا فكل الفنون الجزائرية والمأثورات الشعبية من شعر وغناء وموسيقى ومعتقدات شّعبية وقصص وحكايات وأمثال تجري على ألسنة العامة من الناس وعادات الزواج والمناسبات المختلفة وما تتضمنه من طرق موروثة في الأداء والأشكال ومن ألوان الرقص والألعاب والمهارات، بات من المؤكد اليوم حمايتها والحفاظ عليها ، وهذا بانشاء مدارس ومعاهد لدراستها ونقلها للاجيال المتعاقبة بواسطة الكتب والمقررات المدرسية حتى لا تعرف طريق الاندثار والضياع. واذا كان القاصي أوالداني منا لا يجهل اليوم غناء التنوع التراثي الوطني بدءا بالمنطقة الشرقية والغربية ثم الشمالية والجنوبية ،فان التنوع غني ومختلف أيضا داخل هذه المناطق نفسها مما يدلل على الثراء الانساني لسكان هذه الحواضر . وما نلاحظه أن تراثنا الجزائري المتنوع هذا أصبح مهددا امام جهل العامة بقيمته الحضارية والانسانية ،فبات من المؤكد أن نرعاه ، ونحمية من الايادي العابثة لأن الحضارة بدون تراث ستصير حضارة طفيلية ترتوي من تراث الآخر دون تراثها، ونحن لا نقبل بغير أن تكون حضارتنا أصيلة لا تبعية ، تملك جذورها العميقة عمق تاريخنا الطويل .