بالإضافة إلى غياب إحصاء شامل حول الاحتياجات الوطنية للأدوية، ولأسباب أخرى منها منح تسهيلات لفتح الصيدليات لكل من هب و دب، و كذا عدم ضبط قائمة المستوردين و إلزامهم بالتقيد بدفتر الشروط. و قد أثيرت هذه الإشكالية الكبيرة التي يشهدها سوق الدواء، أول أمس، خلال ندوة النقاش التي نظمها مركز الصحافة لجريدة «المجاهد» ونشطها رئيس المصف الوطني للصيادلة لطفي بن احمد إلى جانب الدكتور توافق المكلف بالتصنيع في نفس الهيئة. وقد أرجع رئيس المصف الوطني للصيادلة لطفي بن احمد إشكالية التذبذب والانقطاع الذي تعرفه الأدوية في الجزائر إلى الأسباب المذكورة آنفا، حيث أكد في تصريح ل«الشعب» على ضرورة تفعيل دور الوكالة الوطنية للدواء في المرحلة الجديدة، لان أهم المهام الذي تضطلع بها هي ضبط السوق من خلال إلزام المتعاملين في مجال بتطبيق القوانين، مشيرا إلى أن كل الدول المصنعة تمتلك وكالات وطنية و جهوية، وهذا ما جعلها تتحكم في سوقها للأدوية. و أبرز في سياق متصل، بأن إيجاد الحلول للإشكالية التي يعرفها سوق الدواء لا يقع على وزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات لوحدها، بل تقاسمها في ذلك الوكالة المذكورة و قطاعات أخرى، كالتجارة، المالية، العمل الضمان الاجتماعي. وبالنسبة للمتحدث فان الندرة التي تعرفها سوق الدواء في الجزائر راجعة من جهة إلى عدم التزام بعض المتعاملين بدفتر الشروط فيما يتعلق باحترام الآجال لتزويد السوق الوطنية بالدواء لتلبية الاحتياجات ، و من أخرى إلى غياب جهاز إحصائي يسمح بمعرفة احتياجات السوق من الدواء بالتدقيق، مؤكدا على إمكانية إنشاء هذا الجهاز، ومشيرا في نفس الوقت، إلى أن الجزائر ليست بلدا يستهلك الدواء بكثرة كما يقال ، لان قيمة استهلاك الفرد الجزائري للدواء لا تتعدى 45 دولارا سنويا، مقارنة بالدول الأوروبية التي تصل فيها القيمة إلى 200 دولار في العام، و كشف ل «الشعب»، في هذا الصدد، أن المصف سيقوم بإحصاء شامل للصيدليات والموزعين والمتعاملين. و هناك عامل أساسي ساهم في ظاهرة الندرة التي تعيشها سوق الدواء في الجزائر منذ فترة، و يتعلق الأمر بالمضاربة، و دعا الجميع إلى تقديم شكوى ضد المضاربين، مبرزا بان المصف الوطني للصيادلة قد قدم شكوى في هذا المجال للجهات المعنية، ولا بد من إلحاق العقاب بهؤلاء الأشخاص. وأكد في سياق متصل، على ضرورة تطهير قائمة المستوردين، حيث أنه بالرغم من أن الوزارة الوصية قامت بهذه العملية إلا أن القائمة ما تزال تشمل 600 موزع ، و هو رقم عدد الاعتمادات التي منحت للمتعاملين منذ سنوات عديدة، موضحا بأنه تم شطب أسماء من هذه القائمة إلا أن العدد بقي كما كان و لم يحدث عليه تغيير. أما الدكتور توافق فقد فضل مناقشة إشكالية يراها غاية في الأهمية و يتعلق الأمر بالإنتاج الوطني و مدى استجابته للاحتياجات المتزايدة للدواء، خاصة في ما يخص أمراض العصر كالسرطان. و برأيه فان الإنتاج المحلي بأقطابه الثلاثة (وسط، شرق و غرب) و عدد الوحدات التي تفوق 102 وحدة التي تنتج 2500 مليون علبة سنويا تصنع الأدوية القديمة لمعالجة أمراض في تناقص، و ليست منتوجات بيوتكنولوجية أي أن مصانع الدواء الجزائرية لا يمكنها تصنيع دواء لمعالجة داء السرطان، وبالتالي لا يمكن الاستغناء على الاستيراد في هذا المجال. وبالنسبة له فان تقوية الإنتاج الوطني لبلوغ 70 في المائة في آفاق 2014 2015 حسب ما تهدف إليه السياسة الصحية، لا يعالج مشكلة فاتورة الأدوية، لان هناك أمراض جديدة تظهر، و هذا ما يجعلنا دائما نحتاج إلى الاستيراد وبالتالي نبقى في تبعية و قد تكون أكثر حدة، إذا لم يتم استدراك الأمور، والاستفادة من التحويل التكنولوجي و المعرفي لتطوير صناعة الأدوية.