رغم التطور الهائل الذي يعرفه العالم في ميدان التجارة الإلكترونية التي تكتسح أو تنافس التجارة التقليدية من حيث الحجم والتي يتوقع الخبراء أن تتجاوزها خلال السنوات القادمة في ظل نسب النمو العالية التي تسجلها التجارة الالكترونية، بسبب التطور السريع لتكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية. ومن بين ما أفرزه هذا التطور ظهور مصطلحات ومفاهيم جديدة، ألغت جميع القيود التي تحد من حرية الإنسان في جل نشاطاته ومعاملاته تعدت الحدود المادية والجغرافية، لتفسح المجال أمام الشركات ووحدات الأعمال في البحث عن أسواق جديدة في هدا الفضاء الافتراضي المتمثل في تكريس المعاملة الالكترونية. كما تشمل التجارة الالكترونية كل المعاملات التجارية، من بيع وشراء للسلع والخدمات وقد اعتبرها المحللون الاقتصاديون بأنها محرك جديد للتنمية الاقتصادية كونها تتميز بالسرعة والفعالية لابرام الصفاقات وترويج المنتجات والخدمات وتسويقها. إلا أن واقع التجارة الالكترونية في الجزائر وفي سبيل مواكبة التطور وتفعيل هذه الآلية في إطار ما يعرف بالحكومة الالكترونية تبقى ضعيفة الفعالية وعدم الاهتمام بها بجدية خاصة على المستوى الاقتصادي وتبني هذه التقنية الجديدة في مجال التجارة الالكترونية. ويرجع دلك إلى أن الجزائر لم تسن لحد الآن قانونا خاصا بالتجارة الالكترونية رغم الحديث عن تدارك هذا الأمر خلال تعديل القانون المدني، الذي من المنتظر أن يفرد لها مواد خاصة بها تحددها وتضبط قواعدها. ومع ذلك فقد سنت الجزائر بعض القوانين والنصوص التطبيقية التي تمس بشكل أو بآخر أحد جوانب التجارة الالكترونية كالقانون الخاص بموردي الانترنيت، أو المواد المتعلقة بالجريمة الالكترونية، أو تلك المتعلقة بالملكية الفكرية والتي تتضمن مواد متعلقة بالملكية الصناعية خاصة وأن عدة شركات عالمية تصنف الجزائر كإحدى أكبر المناطق التي ترتفع فيها نسب قرصنة البرمجيات والجريمة الالكترونية مما حذا بشركة ''مايكروسوفت'' العملاقة إلى تنصيب مكتبها الجهوي في الجزائر، غير أن هذه القوانين التي تم إصدارها جاءت بناء على إلحاحات دولية ورغبة الجزائر في الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة يجعلها تعدل وتعد ترسانة هامة من القوانين حتى تتوافق منظومتنا التشريعية مع القوانين العالمية وهو ما يعني أن الجزائر مقبلة في المستقبل القريب على إصدار قانون خاص بالتجارة الالكترونية بحكم الالتزامات الدولية التي يفرضها الاندماج العالمي ورغبة الجزائر في اللحاق بركب التطور في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال والاستفادة من المزايا التي تتيحها التجارة عبر الانترنيت علما أن عدة دول عربية كتونس، الإمارات العربية المتحدة، السعودية ومصر قطعت أشواطا هامة في المجال التشريعي الخاص بتقنين التجارة الالكترونية. ومن أشكال التجارة الالكترونية، فموردوا الإنترنيت يعتبرون مثالا واضحا لممارسة التجارة الالكترونية في الجزائر، فتزويد المؤسسات والأفراد بالإنترنيت يدخل في نطاق التجارة الالكترونية التي تعني في أبسط تعريفاتها «مجموعة التبادلات التجارية التي تتم عبر شبكة الاتصالات» وكذا الاطلاع على الإعلانات والإشهار في الشبكة العنكبوتية. إلا أن متطلبات هذه الآلية لا تتسم في الوقت الحالي بالمستوى المطلوب وعلى هذا لابد من بناء نظم تشريعية وتنظيمية تحكم التجارة الالكترونية من مختلف جوانبها، مع دعم البيئة اللازمة لها انطلاقا من إنشاء المواقع على شبكة الاتصال الالكترونية وإثباته إلى إجراءات تأمينها وحمايتها ونظم سداد المدفوعات بالإضافة إلى الاهتمام بالعنصر البشري باعتباره ماء الحياة والعمود الفقري لكل مشروع خاصة في هذا المجال المتشابك والمعقد وبالتالي زيادة عن التكوين وتأهيل الإطارات لابد من استثمار الجزائر في أبناءها واستغلال الطاقات والنخب الوطنية والاهتمام بها والحد من هجرة الأدمغة بغية النهوض بهذا القطاع وتطويره. أما على الصعيد الاقتصادي فبإمكان الدولة خوصصة قطاعات الاتصال وفتح أبواب المنافسة وهذا بغرض تخفيض تكلفة استخدام الانترنيت مما يساهم في انتشار وغرس الثقافة الالكترونية بما فيها التجارة الالكترونية باعتبار المواطن القاعدة الأساسية في العملية وبيئتها، توسيع وتفعيل كل الدعائم وأدوات هذه الآلية من أساليب الدفع الإلكتروني وإنشاء الشبكات المصرفية الإلكترونية. هناك بداية اهتمام السلطات العمومية بتكنولوجيات الإعلام والاتصال في الفترة الأخيرة بدليل تعديل إسم «وزارة البريد والمواصلات» إلى «وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال»، وسعيها لإنشاء مدينة متخصصة في هذا الميدان في سيدي عبد الله، وتحضيرها لإنشاء حكومة إلكترونية، وإعدادها لمشروع قانون حول بطاقة التعريف الإلكترونية هو الآن قيد الدراسة والانجاز على مستوى وزارة الداخلية والجماعات المحلية.