اختتمت، أمس، المائدة المستديرة الثانية بسويسرا، للدفع بالتسوية السياسية للنزاع في الصحراء الغربية، وحضرها وفد عن جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ووزير الخارجية المغربي، إلى جانب الجزائر وموريتانيا كبلدين ملاحظين. وأصدرت الأممالمتحدة بيانا أوضحت فيه أن هذه الطاولة المستديرة تأتي تماشياً مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2440 الذي يحث على الدخول في مفاوضات مباشرة تضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. أضاف البيان أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، هورست كولر، قد التقى رؤساء الوفود المشاركة في الطاولة المستديرة قبيل انطلاق الجلسات، معبرا عن أمله في أن تتواصل الروح الإيجابية التي أظهرتها الوفود خلال الطاولة الأولى شهر ديسمبر الماضي والتي احتضنتها مدينة جنيف. إلى ذلك، أشار بيان الأممالمتحدة إلى أن لقاءات الطاولة المستديرة تهدف الى إتاحة الفرصة للطرفين لمناقشة العناصر الضرورية للتوصل إلى حل يتماشى مع روح قرار مجلس الأمن الأخير 2440، حسب تعبير بيان الأممالمتحدة الذي تلقت وكالة الأنباء الصحراوية نسخة منه. تمحور اليوم الأول للمائدة المستديرة، حول ثلاث نقاط و هي غرس الثقة والتي ألح عليها المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي، إضافة إلى دراسة اللائحة الأخيرة لمجلس الأمن بغية التوصل لقراءة مشتركة وكذا إمكانيات اعادة إطلاق اتحاد المغرب العربي كأحد الرهانات الإقليمية. شروط التقدّم أكد ممثل البوليساريو بفرنسا، أبي بشرايا البشير، أن إحراز تقدم في مباحثات جنيف، ومسار التسوية الأممي بشأن قضية الصحراء الغربية المحتلة بشكل عام، مرهون بمدى استعداد نظام الاحتلال المغربي لدفع نصيبه من فاتورة السلام، بالامتثال إلى الشرعية الدولية والالتزام الكامل بقرارات هيئة الأممالمتحدة ذات الصلة بقضية تصفية الإستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا. كما أوضح الدبلوماسي الصحراوي، أن الديناميكية الجديدة التي أطلقها المبعوث الأممي لحل النزاع الصحراوي-المغربي، تعد فرصة تاريخية أمام النظام المغربي، للدفع بمسار التسوية في اتجاه التوصل إلى حل سلمي يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير،وإنهاء معاناة الشعب المغربي الذي يعاني هو الأخر من غياب لحقوقه الأساسية، نتيجة لاستمرار المخزن دفع أموال مواطنيه، من أجل شراء أصوات تدعم احتلاله العسكري لأجزاء من أراضي الجمهورية الصحراوية. جدد أبي بشرايا التذكير أن إجتماع المائدة المستديرة، الذي انطلقت أشغاله، أمس الأول، في بورسين بمقاطقة فود (سويسرا) برئاسة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الى الصحراء الغربية هورست كوهلر بحضور وفود طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو والبلدين المجاورين الجزائر وموريتانيا، يدخل في إطار تفعيل قرار مجلس الأمن رقم 2440، الذي شدد على ضرورة جلوس طرفي النزاع على طاولة المفاوضات المباشرة، دون شروط مسبقة، من أجل التوصل إلى حل عادل ونزيه يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير وفقا لمبادئ ومقاصد هيئة الأممالمتحدة. أضاف الدبلوماسي الصحراوي، أن الجولة الثانية من المحادثات، تناقش مجموعة من المواضيع المهمة، من بينها مسألة تفكيك جدار العار الذي يقسم الصحراء الغربية إلى جزأين ونزع الألغام الأرضية، ثم تبادل الزيارات العائلية بين مخيمات العزة والكرامة والأراضي المحتلة، بالإضافة إلى ملف المعتقلين السياسيين في السجون المغربية. يذكر أن المائدة المستديرة الأولى كانت قد انعقدت بقصر الأممالمتحدة في ديسمبر الماضي بجنيف. تعتبر المائدة المستديرة الثانية حول الصحراء الغربية خطوة «إضافية» لمسار تسوية النزاع الذي تمتد جذوره إلى أكثر من 40 سنة والذي جعل من الصحراء الغربية آخر مستعمرة أفريقية. نشطاء حقوقيون صحراويون: حق تقرير المصير لا يقبل المساومة نشط أعضاء الوفد الصحراوي المشارك في أشغال الدورة العادية الأربعين لمجلس حقوق الإنسان الأممي، إلى جانب ممثلي بعض منظمات الحقوقية المشاركة في هذا الحدث، ندوة حول أجندة 2030 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2015، حيث أكدوا خلالها أن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير لا يقبل المساومة أو التفاوض. في هذا الصدد، أوضحت الحقوقية الصحراوية نجلاء محمد لمين في تدخلها، أول أمس الخميس، أن تحقيق الأهداف المتعلقة بالأجندة مرتبط بإرساء الأمن والسلام، خاصة في الصحراء الغربية التي يعيش شعبها تحت وطأة الإحتلال العسكري المغربي منذ أربعة عقود ونيف، في انتظار تحمل الأممالمتحدة مسؤوليتها وإجراء إستفتاء تقرير المصير كحل سلمي لهذا النزاع، وفقا لمبادئ وقرارات هيئة الأممالمتحدة. أضافت نجلاء: «كل البلدان التي صادقت على مواد الأجندة، تعهدت بتنفيذها» لإحقاق تنمية مستدامة، وبالتالي فلا يحق أن يستثنى الشعب الصحراوي من ممارسة حقه المشروع، للإنتقال هو الأخر إلى تنمية مستدامة حقيقية كسائر شعوب العالم، بدل الإندفاع وراء المصالح الإقتصادية دون مراعاة القانون وحقوق الشعوب المستضعفة، لما يشكله ذلك من خطر على مستقبل الأمن والسلم في العالم. من جانبه، منسق اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان في فرنسا، حسان ميليد أعلي، أكد على أن حق تقرير المصير غير قابل للتفاوض، وبأن التنمية المستدامة تعتبر غير شرعية وتنتهك القانون الدولي طالما كانت على حساب الموارد الطبيعية للشعب الصحراوي التي تتعرض لنهب الممنهج من قبل المغرب بتواطؤ من الإتحاد الأوروبي. أختتم المتحدث كلمته، بالتأكيد على أن الأجندة التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يمكن أن تستمد شرعيتها إلا عبر احترام القانون الدولي، لا سيما حق تقرير المصير، وأي شيء يخالف الحقوق الأساسية للشعوب، يعد تهديدا حقيقيا للسلم والأمن الدوليين. انطلقت أشغال الدورة العادية الأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في 25 فيفري الماضي وتستمر إلى غاية 22 مارس الجاري.