توفر ندوة الجزائر رفيعة المستوى حول الشراكة في قضايا الامن والتنمية بين بلدان الميدان في منطقة ساحل الصحراء والشركاء من خارج المنطقة من بلدان ومنظمات ومؤسسات مالية منبرا ملائما لصياغة تصور جماعي وبلورة ميكانيزمات ملموسة لترجمة الخيارات التي تفرضها التحديات ومن ثمة مواجهة التهديدات في حينها تفاديا لما يترتب عن اي تاخر في اتخاذ القرارات في وقتها من تبعات ومضاعفات تنعكس مباشرة على الامن والسلم الجهوي والعالمي في ظل تنامي قدرات مختلف التنظيمات الارهابية وعصابات الجريمة الدولية العابرة للحدود خاصة في الظرف الراهن مع التطورات العنيفة للاحداث التي تجري في ليبيا المفتوحة على منطقة الساحل. هذه الندوة الدولية التي تحتضنها الجزائر بتفويض من دول الميدان التي تضم البلد المنظم والنيجر ومالي وموريتانيا المعنية مباشرة بمنطقة ساحل الصحراء بالقارة الافريقية تجري منذ امس في جلسات مغلقة تحضرها البلدان الاربعة للميدان بالمنطقة مع مشاركة ثمانية وثلاثين وفدا تمثل منظومة الاممالمتحدة والشركاء الثنائيين خاصة الدول الخمس لمجلس الامن الدولي ومؤسسات مالية وكذا عدد من المنظمات الجهوية. وفي تصريح عرضه عبد القادر مساهل وزير منتدب مكلف بالشوون المغاربية والافريقية في ختام الجلسة الافتتاحية العلنية اشار الى حتمية الانخراط الجماعي في مكافحة ظاهرة الارهاب على اعتبار التهديد الشامل يقتضي ردا شاملا مشيرا الى ان هذه الندوة الاولى من نوعها مفتوحة لكافة الشركاء حول اشكالية في ضوء توصل بلدان الميدان الى تحديد مشترك للخطر والذي تحمله نشاطات الجماعات الارهابية ومنظمات الجريمة المنظمة مع ادراج التنمية كاحد الابعاد التي توفر ضمانات الامن. واضاف ان العمل يتم مع الاممالمتحدة والمنظمات الجهوية في هذا الإطار مع العمل على تنمية اطار قانوني يدعم بآليات تتصل في اتجاه جملة من الابعاد المندمجة الاول سياسي دبلوماسي والثاني عسكري بانشاء هيئة اركان مشتركة لبدان الميدان والثالث بعد امني حول تبادل الاستعلامات من منطلق الوقاية واستباق الاحداث والبعد الرابع تنموي باطلاق مشاريع صغيرة وجوارية مباشرة مع السكان المحليين لكسر العزلة الاقتصادية ومكافحة الفقر مع إستحداث مشاريع مهيكلة كبرى مثل الطريق العابر للصحراء الذي تواصل الجزائر في توسيع انجازه وصيانته ويتميز بابعاده الاقليمية واعتباره احد ركائز التنمية في المنطقة. ودعا مساهل الى ارساء حوار معمق وتأسيس شراكة قوية من خلال دفع قوي للتعاون مع الشركاء من خارج منطقة الساحل حول محاور واضحة تتمثل في الاستعلامات وتوفير الامكانيات اللازمة وبالاخص التجهيزات الخاصة والدقيقة والالتزام بمكافحة ورفض الفدية التي تمثل مصدر تمويل للجماعات الارهابية وقد جرمها مجلس الامن الدولي. وقد تميزت الجلسة الافتتاحية العلنية بتداول عدد من مسؤولي الوفود المدعوة على منبر قاعة المؤتمرات اجمعوا فيها على التنديد بالجريمة الارهابية التي ضربت اكاديمية شرشال العسكرية عشية عيد الفطر المبارك مثمنين الجهود التي تتحملها الجزائر في مواجهة الارهاب وهو الامر الذي لا يعد وليد اليوم وانما جابهت الظاهرة منذ مطلع التسعينات وعانت لوحدها في تلك السنوات الجهنمية التي تعرض فيها الامن والتنمية لمخاطر حقيقية تمت ازاحتها بفضل قوة تحمل الشعب الجزائري واصراره على رفض العنف في الممارسة السياسية مهما كانت الشعارات براقة. ولطالما نادت الجزائر حينذاك الى محاصرة الظاهرة وكبح جماحها باعتبار الارهاب المتحالف مع الجريمة المنظمة خطر لا تحده جغرافيا ولا قيم ويحرق كل من تستر عليه او شجعه وكان للعالم ان انتظر تفجيرات 11 سبتمبر ليستفيق على الخطر وقوة التهديدات ومن ثمة يعاد صياغة توجه دولي لا يزال ينتظر التبلور اكثر وهو ما يرتقب ان تنجزه ندوة الجزائر التي تتواصل اليوم في جلسات مغلقة قد تثمر ورقة طريق دولية لا تحمل مفاهيم غامضة او مغالطة تكون فيها للدول الوطنية كامل الاختصاص والصلاحية في معالجة التهديدات وتعاون بلدان الساحل مع دعم مادي ونوعي وتمويلات تنموية من الشركاء مع ضبط تطورات الازمة الحاصلة في ليبيا. وبالفعل انتجت ازمة ليبيا العنيفة عناصر اخرى زادت من قوة التحديات بسبب تنقل غير مضبوط للاسلحة بما فيها الثقيلة وغياب حكومة مركزية مما يضع الدول المعنية بتلك التطورات امام مسؤولياتها واستخلاص العبر خاصة وان المنظمات الارهابية وعصابات الجريمة المنظمة وجدت في الامر ضالتها وهو ما يحمل مخاطر اخرى ينبغي ازالتها بتعاون دولي صريح وواضح. ومن بين المتدخلين ممثل وفد فرنسا الذي اعلن موقف بلاده بتاكيد اختصاص بلدان الميدان في مكافحة الارهاب وان لا احد يحل محلهم مع تعاون جهوي وعمل جماعي لتلك البلدان مع اشارته الى ان التهديد يعني الجميع ومن ثمة للشركاء دور في دعم بلدان الجهة في محاور التنمية والتكوين. كما اشار الى اهمية الدور الذي تقوم به الجزائر في معالجة ظاهرة الارهاب وخوض معركته بشجاعة. فيما دعا ممثل الوفد البريطاني الى التعاون واقامة استراتيجيات جهوية بينما طالب مسؤول وفد النيجر باستثمارات سوسيواقتصادية في منطقة ساحل الصحراء وتاطيرها لفك العزلة ومكافحة الفقر ذلك ان الخطر يهدد الجميع بما فيه الشركاء من خارج المنطقة.