أبدت المجموعة الدولية تجاوبا مع مقاربة الجزائر في محاربة الإرهاب الخطر العابر للأوطان والحدود المخترق للسيادات الوطنية عبر فجوات أمنية وسياسية واقتصادية. وأظهرت المجموعة موقفها المبدئي من مواجهة الجماعات المسلحة التي تتكاثر وتعيش على تناقضات الدول واستهتارها بالخطر والتردد في الانخراط في المواجهة لعدم الإدراك بقوة جرائمه أو تطبيقا للقاعدة ''تخطي راسي'' . وتجلى ذلك في ندوة الجزائر بقصر الأمم التي عرفت مشاركة للأطراف الفاعلة في محاربة الإرهاب، والخروج بتوصيات تحدد آليات المواجهة المشددة على أن هذه الجريمة دولية ومواجهتها الحاسمة لن تكون دون انخراط الجميع فيها. ومن خلال قراءة مضمون التوصيات وفحصها وضبط أبعادها وخلفياتها تظهر كيف أنها كانت مستوحاة من مقترحات الجزائر وجهودها المضنية الطويلة. وهو جهد لم يتوقف على مدار السنين خاضته الدبلوماسية الجزائرية عبر مختلف الدوائر تحسس الآخر المتردد بوجوب الاندماج في إستراتيجية محاربة الإرهاب والتخلي عن الذهنية القائلة أن الظاهرة من صنع الدول الساقطة في التناحر السياسي والتآكل الداخلي المحض. وكان هذا الطرح متداول على ألسنة الكثير من الوحدات السياسية التي ردت في مناسبات عدة على أنها غير معنية بالمرة بالإرهاب الذي يتغذى من أزمات داخلية محضة وليس للشأن الدولي فيه أي دخل. ونتذكر كيف كانت ترد الدول عندما واجهت الجزائر بمفردها الجماعات الإرهابية على مدار أزيد من عشرية، وكسرت حصار غير معلن من جماعة شنعن. وتجاوزت الحملات المردد على الملا بغرض صب الزيت على النار:من يقتل من، واستبدالها بعبارة تصب في نفس الاتجاه: من يتصالح مع منڤ أثناء إقرار تدابير السلم والمصالحة. نتذكر كيف كان رد المنظمات الحقوقية وهيئات البحث ومراكز صنع القرار على طلبات الجزائر حول ضرورة التجند لمواجهة الإرهاب هذا من صنعكم .ولم تتغير الصورة وتكسب المعادلة التوازن سوى بعد اعتداءات 11 سبتمبر بنيويورك، والاعتداءات الإرهابية على ميترو باريس ولندن ومحطة القطار بمدريد.وعندها أدركت الدول التي كانت تأوي الجماعات الإرهابية وتفتح فضائياتها منابر لها للتحريض على العنف في أوطانها الأصلية تحت تسميات جهادية أنها اخطأت المقصد والهدف. وعادت إلى الطرح الجزائري وتتخذ التدابير الكفيلة لمواجهة الجماعات الإرهابية .لكن المواجهة لن تكون مثلما شددت عليه الجزائر بانتقائية والخلط المفضوح بين الإرهاب وحركات التحرر المناضلة من اجل تقرير المصير واستعادة الحرية المسلوبة من قوى احتلال. عادت هذه الأطروحات إلى الواجهة وكان لها الصدى الكبير في ندوات متعددة لعبت فيها الجزائر الدور المرجعي، وكشفت أن ما ظلت تنادي به لم يكن أمر عابر فرضه الظرف الطارئ لكن وصفات علاجية لوضع متأزم.وهو وضع لا يمكن علاجه بالتدابير الأمنية والعسكرية الخالصة لكن بسياسة شاملة تنظر في مسببات الأزمة وتداعياتها بالتكفل بهموم الناس ومشاكلهم المتراكمة التي كثيرا ما تولد حالة من التذمر والحقد.تتسلل عبرها الجماعات الإرهابية.وتتخذها فجوات في تمرير مشروعها الهدام. إنها مسألة كانت حاضرة بقوة في ندوة الجزائر حول الإرهاب.وشدد عليها الوفد الجزائر مقدما مقاربة حول السبل الكفيلة لمواجهة الجماعات المسلحة العائدة بقوة إلى منطقة الساحل مستغلا الفجوات الأمنية والشروخ المنجرعن الوضع في ليبيا. وتجمع المقاربة الجزائرية التي وجدت التجاوب الملحوظ من الحضور بين الثالوث المقدس الأمن والتنمية والشراكة.وهو ثالوث متكامل لا يقبل بينه الخطوط الفاصلة.ولا يعترف بالحدود. ثالوث تتولاه أولا دول المنطقة من خلال سياسة مشتركة تعزز بالشراكة الخارجية من خلال الدعم اللوجيستي والمعلومات والمساعدة على ملاحقة عصابات الإرهاب وشبكاته وخطوطه المنسوجة إلى ابعد الحدود.