فلسطين قضية المسلمين كلهم، وهي محور الصراع الإسلامي اليهودي الذي يستمر الى يوم الدين ولا يمكن أن يتحقق السلام مع اليهود إلا على قيام الدولة الإسلامية التي يسمح فيها لليهود العيش تحت ظل لوائها وحكمها، وبالتالي يكونوا ذميين يدفعون الجزية وهم صاغرون. إن العربدة الصهيونية التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني ما كان بها أن تكون لولا العقلية العربية الاسلامية الناتجة عن الضعف والتردي في جميع المجالات، وهو ما جعل العالم ينظر الى الأمة العربية الإسلامية نظرة احتقار وابتزاز واستنزاف للثروات البشرية والمادية. ومن حسن حظ الأمة العربية الاسلامية، أن حباها الله بإنتسابها الى الاسلام، فيه تعز لما تلتزم بشرع اللّه، وتحقيق العدل والمساواة بين الناس، ولكن تكون ذليلة إذا ابتعدت عن المنهج واتخذت الكافرين أولياء، وهذا الانتماء هو الذي ينقذها ويكتب خلودها ويجعلها تتفطن لحالها ولو بعد حين، وبعدما يئس الناس في نهضتها وإستيقاظها، فهي يمكن أن تنام ولكن لا تلبث أن تستيقظ لكن المؤكد أنها لا تموت ولن تموت والدليل هو ما تعيشه هذه الأمة من أهبة واضحة في جميع المجالات ولقد بدأت أمنيا تنفض الغبار على جواهرها النفسية وبدأ الشعب فيها يعرف طريقه، وقال كفى ظلما وكفى حڤرة وتهميشا واتباعا للغرب، وإتخاذ النصارى واليهود أولياء من غير المؤمنين، فكانت هذه الثورات المزلزلة لأركان عروش الطواغيت التي كانت عماد بقاء الذل والاستعمار في هذه الأمة بدءا بتونس الى مصر، مرورا بسوريا ولبنان والعراق وكل الدول العربية هي الآن في مخاض عسير لمحاولة تغيير أسلوب النظام الموالي للغرب والكاتم للصوت العربي الذي يتخذ من الممانعة والصمود طريقا في وجه الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي وأخيرا بدا جليا أن أرض فلسطين، وبعد غياب النظام المصري العميل يجب أن تعود الى أصحابها الشرعيين، ولا يمكن لهذا الحق أن يعود إلا بالصمود والبطولة والنصيحة وهذا كما قال الشاعر: » ألا إن كل أمة ضائع حقها سدى **** إذا لم يرده المدفع الضخم” مثل جولات الحوار والسلام المزعوم لا يمكن أبدا أن تعيد الحق لأصحابه، وعليه فإن الشعب الفلسطيني مطالب بالتضحية والفدا وضروري أن يستيقظ منه الآلاف بل الملايين من أجل استرجاع أرضه وحقه المشروع وأن زمان المفاوضات وجولات السلام الملوكية قد ولى فهو لا يجدي نفعا أبدا أمام التعنت اليهودي المدعوم من أمريكا الكافرة والإتحاد الأوروبي المنافق. إن التاريخ سجل بماء الذهب أن اليهود ليسوا دعاة سلام والقرآن جزم أنهم كما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله »ويسعون في الأرض فسادا واللّه لايحب المفسدين«. وإذا دعوا الى سلام ما إنما ذلك نتيجة ضعف في صفوفهم ووهن في قوتهم وهم بذلك يعدّون لفترة لاسترجاع القوة وتخطيط لهجوم قادم لمرحلة قادمة لذا فعلى الناس أن يفيقوا وأن يتعظوا بالتاريخ، ويعلموا أن الأرض المغتصبة هي حق للمسلمين وكيف يقبل منطقيا أن تتفاوض على ملك لك انتزع منك عنوة لأن العدو الذي إغتصب أرضك لا ترضى له؟؟؟؟؟، وتقتسم معه حقك المشروع. إن زمن النكسة والنكبات ولّى، وأن الجيل الحاضر هو جيل الثورات واسترجاع الحقوق الضائعة، ليس بالمهادنة وإنما بالمغالبة والمغالبة المشروعة، خاصة إذا علمنا أن هذا الجيل مثقفا وخريج الجامعات والمعاهد الكبرى، وقد تيقن، وهو يلاحظ من بعيد ومن زمان ماذا حقق المفاوضون المهادنون غير بيع الأرض والسكون عن العرض وضياع الحقوق، لأجل هذا خرج الشعب وانتفض مطلقا كلمته المدوية. الشعب يريد إنهاء الاحتلال والشعب يريد تحرير فلسطين، وهي أهبة شبيهة بأهبة أهل الكهف حين طغى الرومان واستعبد الخلق وجار ظلمهم، فخرج من رحم القصر فتية ما قبلوا الظلم وصاحوا في وجهه “ربنا ربّ السموات والأرض لن ندعو من دونه أحدا”.إنه من الآن لا أحد يتحكم في إرادة الشعوب التي هي إرادة اللّه تعالى ودعوته في التحرر من قيود العبودية لغيره سبحانه وتعالى وآن للحكام أن يدركوا هذا الأمر، فلا يتحدثون باسمه إلا بما يتوافق مع تطلعاتهم وبما حقق الفرد لكرامة هذه الأمة، فزمان التكلم باسم الشعب على حساب تطلعاته واهتماماته وقناعاته قد ولى، فالشعب أدرك الحقيقة ولن يعود الى الوراء مرة أخرى أبدا. إن الشعب الفلسطيني بدأ يرغم سياسييه على ضرورة العودة الى المقاومة الكفيلة برد الحقوق، وعدم السماح في حق العودة للفلسطينيين في الشتات، وأعتقد أن هذا الشعب سينتفض في الأيام المقبلة القليلة ضد الكيان الصهيوني، وسيرغم العالم ويجبره بضرورة الاعتراف بحقوقه المصادرة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهذا أقل ما يمكن في هذه الفترة المحتقنة والتي ننتظرها بشغف الصبر، علّه يكون التغير الجذري في الخريطة الدولية وتحقيق حتمية زوال إسرائيل من الوجود.