يصر العاهل المغربي محمد السادس، على تحميل الجزائر مسؤولية فشل حل قضية الصحراء الغربية رغم أنها لا ناقة لها ولا جمل فيها حيث لا يتوانى في كل خطاب يلقيه بمناسبة ذكرى مسيرة «العار» المصادفة ليوم 6 نوفمبر من كل عام، في توجيه كل الاتهامات «للشقيقة» الجزائر لأنها احتضنت شعبا شردته قوات والده باستعمال كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، وتعقبه هو بنفس الأساليب وأكثر حينما أصبح يتنصل من كل القوانين الدولية والمواثيق التي أقرت بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ويلح على إدماج بلاد تعتبرها اللجنة الرابعة للأمم المتحدة آخر مستعمرة إفريقية فيما يسميه «الجهوية المتقدمة».ناقض «أمير المؤمنين» في خطابه الموجه لشعبه عشية إحياء ذكرى مسيرة العار، نفسه مرات عديدة، حيث في الوقت الذي مد فيه يده «المبتورة» إلى الجزائر لإقامة «نظام مغاربي جديد»، يتجاوز ما أسماه «الانغلاق والخلافات العقيمة، ليفسح المجال للحوار والتشاور، والتكامل والتضامن والتنمية، ويكون «محركا حقيقيا للوحدة العربية، وفاعلا رئيسيا في التعاون الأورو- متوسطي وفي الاستقرار والأمن في منطقة الساحل والصحراء، والاندماج الإفريقي»، عاد وطعنها في الظهر «مثلما تعود» حينما اتهمها بممارسة «أبشع أساليب الحرمان والقمع والإهانة، للصحراويين المتواجدين في مخيمات تندوف»، معتبرا ذلك «تنكرا لكرامتهم وحقوقهم الأساسية المشروعة». ويكون الملك المغربي، قد نسي وهو يتحدث عن حقوق وكرامة الصحراويين، أنه هو «الجلاد» وليس «الضحية» فقد أباد شعبا بأكمله بعد أن واصل السير على خطى والده الحسن الثاني بتهجير شعب قصرا من أرضه، وبدل أن يتحلى بالشجاعة الكافية لحل نزاع الصحراء الغربية الدائر رحاه منذ 36 سنة بتطبيق القرارات الدولية في هذا الشأن، راح يرتكب أبشع الجرائم في حق مواطنين عزل هربوا من بطشه وفضلوا خيم من قطع القماش على حياة الذل تحت إمرة حاكم مستعمر، وتكفي شهادات المنظمات الدولية المختصة، بما فيها المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي أكدت أن «جنوده» ارتكبوا ويرتكبون الانتهاكات الجسيمة والمتصاعدة لحقوق الإنسان في حق المواطنين الصحراويين العزل في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية وجنوب المغرب، ومنها التدخلات العسكرية الوحشية في أقديم إيزيك بالعيون المحتلة في نوفمبر 2010 وفي الداخلة في شهر فيفري وسبتمبر المنصرمين، دليلا على تنكره وحكومته لحقوق شعب مشروعة. وواصل السادس يقول، «نجدد رفضنا لهذا الوضع غير الإنساني المهين، وللمناورات السياسوية الدنيئة، لخصوم وحدتنا الترابية، الذين يتجاهلون، بشكل سافر، كل النداءات الدولية، بما فيها دعوات مجلس الأمن الدولي، والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لإجراء إحصاء يضمن الحق الإنساني والطبيعي لإخواننا بتندوف، في الحماية القانونية وتمكينهم من كافة حقوقهم»، قافزا بذلك على حقائق كثيرة وأهمها أنه من يرفض الامتثال للقرارات ودعوات مجلس الأمن وهيئة الأممالمتحدة بالإصرار على مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لنزاع الصحراء الغربية في وقت أقرت الأممالمتحدة الاستفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي. ويصر ملك المغرب، على تحميل الجزائر مسؤولية فض النزاع القائم بين المغرب والصحراء الغربية رغم أن الأممالمتحدة تعتبرها بلدا ملاحظا وليست طرفا في النزاع. ولم تتوقف تناقضات الملك المغربي عند هذا الحد، بل تمادت إلى تجاهل القيادة الشرعية للشعب الصحراوي المتمثلة في جبهة البوليزاريو، حيث قال إن «إشراك الممثلين الحقيقيين لسكان أقاليمنا الجنوبية، ضمن دينامية جادة، كفيل بوضع حد نهائي لمزاعم الذين ينصبون أنفسهم ممثلين حصريين لساكنة المنطقة، وذلك في محاولة يائسة منهم، لإخفاء غياب أي سند قانوني، أو دعم شعبي، أو شرعية ديمقراطية، لتمثيلهم للساكنة الصحراوية»، في وقت هو يجلس مع من أسماهم ب «الممثلين الحصريين» للصحراويين على طاولة المفاوضات التي تجري تحت الرعاية الأممية. ويكون الملك قد وجد في خطابه «العدائي» للجزائر، متنفسا ومخرجا من المشاكل الداخلية التي تعرفها مملكته في الآونة الأخيرة بارتفاع مطالب التغيير في شوارع الدارالبيضاء والرباط، وفي قضية الصحراء الغربية «شماعة» يعلق عليها إخفاقاته ووأزماته المتواصلة.