التعهد بمواصلة مسيرة التحرر من الممارسات السلبية بمصادقة أعضاء المجلس الوطني للتجمع الوطني الديمقراطي «الأرندي»، أمس، على لائحة خاصة بالانتخابات الرئاسية ل 12 ديسمبر المقبل، التي تضمنت قرار ترشيح الأمين العام بالنيابة عز الدين ميهوبي، فإنهم رسموا كذلك قطيعة مع مسار نضالي استمر ل 22 عاما في تاريخ حزب، لم يسبق له المشاركة ولو مرة واحدة في الاستحقاقات الرئاسية، مكتفيا بتزكية مرشح، وهو أمر جعل أول مرشح عن «الأرندي» يصف القرار ب «التاريخي». لم يسبق للتجمع الوطني الديمقراطي رغم مرور أزيد من عقدين عن ميلاده، ورغم أنه طالما احتل المرتبة الثانية بعد غريمه في الساحة السياسية، حزب جبهة التحرير الوطني، أن قدم مرشحا في استحقاق رئاسي، أمر له ما يبرره إذا وضع في سياق المعطيات آنذاك، ذلك أنه ينتمي إلى تحالف ضمن أحزاب موالاة كانت تزكي مرشحا واحدة طيلة تلك الفترة، منهيا بذلك فترة غيابه عن الحدث والاكتفاء بالتزكية. في كلمة ألقاها في أعقاب تزكيته، حرص الأمين العام للارندي بالنيابة، على التأكيد بأن قرار التجمع القاضي بتقديم مرشح «تاريخي»، وسيسجل على صفحات تاريخ الحزب بأن ميهوبي الذي خلف أحمد أويحيى على رأس التشكيلة السياسية، أنهى عهد التزكية الذي كرسه سابقه وفي عهده يشارك «الأرندي» لأول مرة في انتخابات رئاسية، تزامنت واستحقاقات 12 ديسمبر المقبل، تماما مثلما سيسجل بأن ميهوبي من دشن المرحلة الجديدة بترشحه، هو أول ترشح للوزير الأسبق للثقافة. ولم يخف ميهوبي الذي لاقى ترشحه انتقادا، على اعتبار أن الحزب محسوب على الموالاة في الفترة السابقة، في معرض رده على سؤال في هذا السياق، بأنه «قبل الإقدام على الترشح تساءل كثيرا، لاسيما وأن الجزائر أنجبت خيرة الرجال أمثال يوغرطة وغيره، كما هائلا من الأسماء الكبيرة في التاريخ، تفرض عليك أن تفكر مليا قبل أن تضع بصمتك»، وهو رد بطريقته الخاصة على المرشحين. وبالنسبة للأمين العام بالنيابة، فإن «الأرندي» اتخذ «موقفا تاريخيا منسجما مع قناعات الشعب»، أمر ليس غريبا عنه مبديا في خطاب ألقاه عقب ترشيحه خلال الدورة السابعة المنعقدة أمس بفندق الرياض بسيدي فرج، متعهدا «أمام الشعب الجزائري بمواصلة مسيرة التحرر من الممارسات السلبية التي طبعت الساحة السياسية في وقت سابق للوصول بالعمل السياسي إلى المستوى التنافسي المأمول»، وذلك بالاعتماد على الشباب ليساهم بقوة في «تجسيد إرادة الشعب في التحول المؤسساتي الذي يمنح الساحة السياسية مرونة في التعامل مع القضايا الراهنة والإشكالات، وتعايشا بين النسيج الفكري والسياسي والاجتماعي الذي ظل عرضة لتجاذبات إيديولوجية وتاريخية أورهين أجندات سياسية منذ فجر الاستقلال. وعرج ميهوبي على الحوار مشيرا إلى تبنيه بشكل أوبآخر، رغم الثقة الكبيرة في المؤسسات الدستورية، التي تحملت مسؤولية الحفاظ على أمن واستقرار الدولة، علما أن «الأرندي» تماما ك»الأفلان» وغيرها مما كان يعرف بأحزاب الموالاة في المرحلة السابقة، لم تشارك في الحوار، داعيا إلى بذل المزيد من الجهد في مقاومة «الآراء والأفكار التي تحاول عن جهل أوعن قصد النيل منا وزرع الشك والإحباط في نفوس الجزائريين»، التي تنطلق حسبه من منطلق شعبوي ومزايدات سياسوية». كما رد على المنتقدين الذين طالبوا بإقصاء الأحزاب التي شاركت في الفترة الماضية في الحكم، بقوله: «نحن لسنا مشجبا تعلق عليه خسارات الآخرين وخيباتهم»، لأن المسألة تكمن استطرد ميهوبي في «تحول فكري وثقافي وسياسي يعيشه المجتمع الجزائري، بدأت إرهاصاته قبل سنوات لتكون مسيرات فبراير الماضي ترجمة له «مذكرا بتقديم وثيقة إلى الشركاء لبناء دولة الكفاءات لا المكافآت، دولة تكافؤ الفرص والعمل المنتج، لا الريع والربح السريع والتحايل على القوانين، دولة الحرب على الرداءة والفساد». قيادة الجيش تحملت ثقل الأزمة بشجاعة وجرأة ومسؤولية وأكد التزام الحزب بخدمة مصلحة الوطن، مشددا على ضرورة الاستعداد بقوة لهذا الموعد المصيري الهام، قصد «تمكين الرئيس المقبل من تحقيق آمال وتطلعات الشعب الجزائري، وبناء مؤسسات قوية»، كما فتح قوسا في كلمته وجه خلاله «تحية إجلال وإكبار للجيش الوطني الشعبي، الذي تحملت قيادته ثقل الأزمة الحالية بكل شجاعة وجرأة ومسؤولية»، متمكنة من «وضع القطار على السكة بعد أن سعت بعض الأطراف إلى دفعه نحو الانحراف». والتاريخ والأجيال القادمة ستنصف دور الجيش في هذه اللحظة، الذي قام بدور لا يقل أهمية عن الذي قام به جيش التحرير وفق ما يعده «الأرندي»، «جيش لا يزال يضم مجاهدين في صفوفه، صادقين شرفاء لا تغرهم المناصب ولا تغويهم المكاسب في سبيل تضحيات جديدة من أجل حماية الوطن»، مسجلا التزام المؤسسة «بالإطار الدستوري وتجنب أي ثغرة يدخل من خلالها أعداء الوطن في الداخل وعملائهم في الخارج، بهدف بث الفوضى وزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد»، ونجحت في «كبح كل المؤامرات الرامية إلى إدخال البلاد في مرحلة انتقالية تنطوي على مخاطر ومجازفات». حالة استثنائية غير مسبوقة من انخراط الشعب في العملية السياسية وبرأي ميهوبي، فان الجزائر «تشهد حالة استثنائية غير مسبوقة من انخراط الشعب الجزائري في العملية السياسية»، متحدثا عن «اتساع دائرة الوعي وتقلص مساحة المقاطعة»، مبديا ارتياحه لاقتناع الشعب بأن تطبيق المادتين 7 و8 من الدستور تتم عبر الصندوق، الحصن المنيع لتجنب طوفان الفوضى واللااستقرار»، الحدث السياسي والديمقراطي الأهم في تاريخ الجزائر»، داعيا بعد الإعلان عن ترشحه الشركاء السياسيين والخصوم، إلى المساهمة في إنجاح الجدث والتأسيس لتقاليد وأخلاقيات سياسية جديدة. وخلال ندوة صحفية نشطها على هامش الأشغال التي استمرت في جلسة مغلقة، رد ميهوبي الذي تعهد بإلغاء مصطلح الإقصاء السياسي، على كل الأسئلة وفي مقدمتها انتقاد ترشحه لانتمائه إلى تشكيلة تم انتقادها، وقال في هذا الشأن «حزبنا مكرس في الساحة السياسية منذ أكثر من 20 سنة، وأمزجتهم وراء مواقفهم، فليقدموا فاتورة فترات تسييرهم للرأي العام»، ذاهبا إلى أبعد من ذلك باتهام أحزاب المعارضة بتشكيل لجان مساندة. ولا يشاطر الرأي الجازم بانقسام الجزائريين بخصوص موقفهم من الانتخابات، لأن الشعب الذي خرج إلى الشوارع مطالبا بتطبيق المادتين 7 و8 من الدستور، سيمارس سيادته من خلال الصندوق، والمقياس الإقبال على استخراج بطاقات الناخبين وفق الأصداء التي بلغته، وكذلك لأن الوضع الحالي لا يطاق ولا يحتمل. وأقر ميهوبي بمواجهة صعوبات في عملية جمع التوقيعات لتأخر تنصيب اللجان علما أن حزبه قام بسحب 100 ألف استمارة.، كما دافع عن حصيلته في وزارة الثقافة، وتحدث عن ترميم عين الفوارة التي كلفت 340 مليون سنتيم، وعن لقائه مع «ريفكا».