دخلت بلديات ولاية بومرداس في معضلة حقيقية مع اشكالية معالجة النفايات المنزلية والأماكن المخصصة للتفريع العمومي التي لم تعد تستوعب الكميات الكبيرة من النفايات، نتيجة لازدياد حجم السكان ومشاريع التوسع العمراني التي امتدت أحيانا على حساب المساحات المخصصة للرمي وأخرى اصبحت بمحاذاة هذه المفرغات، مما ولد ردة فعل قوية من قبل المواطنين الذين قاموا بعدة احتجاجات بسبب المخلفات الخطيرة ومضاعفاتها على الصحة العمومية والمحيط العام نتيجة انبعاث الروائح الكريهة والدخان، حيث تمّ تسجيل العديد من الأمراض كالزكام والحساسية.. وقد زادت وضعية معالجة النفايات المنزلية تعقيدا بحسب المتتبعين للملف نتيجة لتعطل، إن لم نقل توقف مشاريع الردم التقني للنفايات التي استفادت منها الولاية في كل من بلدية قورصو ومنطقة الزعاترة ببلدية زموري، هذا الأخير الذي انطلقت به الأشغال ثم توقفت نتيجة لاحتجاجات المواطنين وفلاحي المنطقة الذين رأوا في المشروع خطرا حقيقيا على صحة ابنائهم واراضيهم الفلاحية، مما أوقع السلطات المحلية في مأزق في ظل غياب البدائل التي لم يعد يتقبلها المواطن بالرغم من أهمية هذه المراكز التقنية التي تستجيب للشروط العلمية والصحية وهي من الحلول المقترحة للخروج نهائيا من هذا التجاذب بين السلطات البلدية والمواطنين الذين فقدوا الثقة في المقترحات المقدمة المبنية على تجارب سابقة أدت إلى انسحاب شبه تام لهذه الأخيرة، التي اكتفت في كل مرة بحلول ترقيعية للملف في غياب استراتيجية ونظرة واقعية مدروسة للتكفل الفعلي بمشكل النفايات التي أغرقت أحياء بكاملها، وشوهت صورة مدننا بطريقة لم يعد يتقبلها عاقل، وإن كان في هذا الجانب بعض البلديات المحظوظة التي لجأت إلى الغابات ومساحات املاك الدولة للتخلص من نفاياتها في تعدٍ صارخ على المحيط البيئي وتداعياته المستقبلية على صحة المواطن، خاصة تلك المتواجدة على حافة الأودية كمفرغة بلدية يسر، التي بدأت تثير قلق المواطنين المتواجدين على مسافة حوالي 500 م في أقرب نقطة عمرانية، فإن هناك بلديات اخرى ذات الكثافة السكانية الكبيرة كخميس الخشنة، بودواو وبرج منايل تعيش الحلول الترقيعية بعدما تحولت أماكن التفريغ العمومي للنفايات إلى أزمة حقيقية وصراع يومي مع المواطن الذي يطالب بمعالجة مشكل القمامة وتنظيف المحيط وانسداد الأفق بالنسبة لهذه البلديات التي عجزت في إيجاد البدائل المطلوبة، وهنا يمكن عرض حالة بلدية برج منايل التي تعيش في مأزق حقيقي مع النفايات المنزلية التي ازدادت انتشارا بالمدينة، وخاصة بالأحياء الثانوية التي لم تعد تصلها شاحنات القمامة إلا نادرا بحسب مصادرنا المحلية، بعد أن أقدم المواطنون بداية السنة من منع شاحنات التفريغ التابعة للبلدية من التوجه إلى المفرغة العمومية على مستوى منطقة تيزي نعلي سليمان رغم محاولة السلطات المحلية الكثيرة لإقناع المواطنين بالاستمرار في العملية، مما اضطر السلطات المحلية إلى القيام بعدة محاولات لتهريب هذه النفايات نحو بلديات مجاورة كالثنية، تيجلابين ويسر إلا أنها لاقت معارضة ومنع من السكان، وبالتالي يقول مصدرنا استعانت السلطات بشاحنات الخواص للتخلص من النفايات التي غزت شوارع المدينة نحو أي اتجاه دون مراعاة للنتائج الوخيمة على الصحة العامة وتأثيرها المباشر على البيئة والمحيط، كما كان رئيس المجلس الشعبي البلدي الحالي قد وعد يؤكد مصدرنا مواطني البلدية انطلاقا من المشروع الانتخابي المعروض عليهم انذاك بأن مشكلة المفرغة العمومية تعتبر من الاولويات في برنامجه المستقبلي، لكن وبعد مرور أربع سنوات كاملة، ونحن على مشارف انتهاء العهدة الانتخابية لم يتحقق شيء للمواطن يضيف ذات المصدر خاصة وأن السطات المحلية قد راهنت على مشروع الردم التقني لبلدية زموري الذي يبدو أنه أخلط كافة الأوراق، والحل بكل تأكيد لن يكون قريبا بالنسبة لمواطني بلدية برج منايل ولباقي بلديات الولاية التي تعاني من نفس المشكل، وبالخصوص منها الساحلية التي تشهد شواطئها عدة نقاط سوداء، بإمكانها تهديد الثروة السمكية، وما ينجر عن ذلك من خلل في التوازن الايكولوجي والبيئي.وعلى العموم يمكن التأكيد في الأخير أن ملف معالجة النفيات المنزلية ومشكلة التخلص من القمامة والمفارغ العمومية يتطلب تجند كافة الأطراف والجهات، بما فيه المواطن المسؤول المباشر على حماية محيطه واحترام أماكن الرمي، بالإضافة إلى ضرورة القيام بحملات تحسيس وتوعية كبيرتين في صفوف المواطنين من أجل إقناعهم بفكرة أهمية مراكز الردم التقني للنفايات التي هي عبارة عن بديل عن أماكن التفريع العشوائي، نظرا لما تحمله من مزايا وتقنيات علمية بإمكانها التخلص السريع من المخلفات المنزلية والصناعية مع إحترامها للشروط الصحية والنطافة المحيط مع اهميتها التجارية أيضا...