لقد ظلّ ملف تسيير المفرغات العمومية بولاية بومرداس مفتوحا ولم يجد طريقه إلى الحل النهائي مثلما يطمح إليه مواطنو الولاية منذ سنوات رغم تعاقب المجالس البلدية والولائية المنتخبة التي حاولت أن تضع الملف على رأس الأولويات بالنظر إلى حساسية القضية وارتباطها بميدان البيئة ونظافة المحيط والصحة العمومية التي تعتبر من الشروط الأساسية والحقوق المبدأية في تجسيد مبدأ المواطنة وبناء المجتمع السليم الذي يستجيب لمتطلبات العصرنة والتحضر. وقد أدى غياب مراكز الردم التقني للنفايات والطرق الحديثة في تسيير المفرغات العمومية، بحسب ما كشف عنه المدافعون عن البيئة من جمعيات وممثلين عن المجتمع المدني في أكثر من مناسبة إلى تحول أحياء ومدن الولاية إلى شبه مفرغة عمومية بالنظر إلى كثرة الأوساخ والنفايات المنزلية المنتشرة بطرق عشوائية في الشوارع وأمام مداخل العمارات دون احترام لأوقات وأماكن الرمي المؤقتة المخصصة من قبل البلديات، وذلك راجع لغياب الرادع القانوني وثقافة احترام المحيط من قبل المواطنين، بالإضافة إلى هذا غياب الحلول البديلة التي بإمكانها معالجة القضية أو على الأقل التخفيف من حدتها، لكن الإجماع العام حول أسباب المشكلة التي تعيشها أغلب مدننا وليس بلديات بومرداس فقط بنظر عدد من المواطنين والمسيرين المحليين الذين تحدثنا إليهم مرتبط أساسا بانعدام نظرة استراتيجية شاملة من قبل السلطات المحلية لمعالجة وادارة هذه المفرغات التي تحوّلت بمثابة كابوس في الحياة اليومية للمواطن. مراكز الردم التقني للنفايات...بديل مطروح ينتظر التجسيد استفادت ولاية بومرداس مؤخرا من عدة مشاريع تخص مراكز الردم التقني للنفايات من أجل المساهمة في ايجاد حل لمشكل المفرغات العمومية التي تحولت هي الاخرى الى شبه عشوائية بسبب عدم احترام شروط التفريغ اليومي كما بدأت أخرى تشكل مع الوقت ومع المد التوسعي للأحياء العمرانية خطرا على صحة وسلامة المواطن نتيجة الروائح وعملية الحرق الذي تشهده هذه المفرغات، مما أدى أيضا إلى تزايد عدد الشكاوي المرفوعة من قبل المواطنين المتأثرين بهذه الوضعية غير الانسانية، وكان من أهم المشاريع التي كانت مبرمجة للولاية، هو مشروع الردم التقني في كل من منطقة الزعاترة ببلدية زموري وآخر ببلدية قورصو في انتظار تعميم العملية على باقي بلديات الولاية، حيث كان من المنتظر أن تنطلق بهما الأشغال نهاية سنة 2010، إلا أن المشروعين لا يزالان عالقين بسبب الكثير من العراقيل وبالخصوص على مستوى بلدية زموري، نتيجة اعتراض المواطنين وبعض الفلاحين المتخوفين من النتائج السلبية للمشروع على محاصلهم الزراعية، وهنا علّق أحد الفلاحين بالقول.. "كنا ننتظر دعما فلاحيا وماديا لاستغلال أراضينا الفلاحية لكننا فوجئنا بمشروع مفرغة عمومية تستجمع نفايات البلديات المجاورة....". ونفس الحالة شهدتها بلدية يسر شرق الولاية، حيث كان من المنتظر أن يستفيد أحد الخواص من مشروع لتسيير مفرغة البلدية بإقامة مشروع لحرق النفايات لكنه أجهض بسبب اعتراض المواطنين الذين رفعوا لائحة اعتراض للمشروع، وهنا علّق أحد المواطنين في حديثه ل"لشعب": "أن مشروع تسيير واستغلال هذه المفرغة الواقعة بمنطقة وادي جمعة لم يتم دراسته بطريق علمية ولم يرق إلى مستوى مركز الردم التقني الحديث، إنما كان عبارة عن محول يتم من خلاله حرق النفايات في الهواء الطلق للتخلص منها، مما أثار حفيظة المواطنين المجاورين نتيجة كثرة الدخان والروائح الكريهة، وبالتالي يقول هذا المواطن تمّ رفع لائحة اعتراض إلى السلطات المحلية لوقف هذا المشروع الذي أضرّ بالبيئة أكثر، مما نفع خاصة أن طريقة استفادة المسير تمت بطريقة مشبوهة خلال العهدة السابقة على حد قوله..". ونفس القضية عاشها سكان قرى ازرو بدلس لما قامت السلطات البلدية بمحاولة تغيير أو تهريب المفرغة من مكانها الأصلي إلى أحد المناطق الغابية المجاورة التي سجلت تدخلا لمحافظة الغابات أيضا في شكل اعتراض على الخطوة والأمثلة على ذلك كثيرة، ولعلّ أخطرها أيضا حسب تصريحات أحد المنتخبين السابقين عن حزب الارندي ببلدية بن شود، هو تواجد مفرغة عمومية فوق قنوات الغاز الطبيعي مع تعمد القيام بعملية الحرق، دون اكتراث للخطر الكبير على سلامة المواطن. في الأخير ومن خلال محاولتنا معرفة إبعاد وواقع هذه القضية التي عجزت عنها معظم بلديات الولاية حتى لا نقول في النهاية أن هناك بلدية نموذجية بولاية بومرداس، تمكنت بفضل عقلانية التسيير من إيجاد بديل او طريقة مثلى للتسيير لأن أغلبها فشلت ميدانيا في حماية المحيط والبيئة بشكل عام التي تأثرت كثيرا من الرمي العشوائي وهو سلوك أظهر ايضا محدودية الثقافة البيئية لدى المواطن الذي يتحمل جزء من مسؤولية هذا الوضع المتعفن الذي أضرّ كثيرا بصورة مدننا أمام أنفسنا وأمام الآخر.. ز/ كمال