أكد أمس وزير الدولة السيد أبو جرة سلطاني في حديث خص به يومية ''الشعب'' أن استمرار ارتفاع أسعار النفط لأزيد من ثلاث سنوات متواصلة، تجاوز فيها سعر البرميل الواحد 100 دولار، مكن الجزائر من الاحتياط للخمسة سنوات المقبلة، وجعلها في الوقت الراهن في منأى من تداعيات الأزمة المالية العالمية. وعلى هامش الندوة التي نظمها مركز ''الشعب'' للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان ''الأزمة المالية... تحاليل وتوقعات''، أوضح السيد أبو جرة في معرض رده على احد الأسئلة حول تداعيات الأزمة على الجزائر، أن تخصيص جزء هام من مداخيل النفط لانجاز مشاريع استراتيجية على سبيل المثال الطريق السيار شرق غرب، الجامعات، الإصلاح الفلاحي ،السدود، من شانه تهيئة فضاءات خصبة للمستثمرين وتسهيل عمليات الاستثمار والشراكة من خلال انجاز البنى التحتية. مضيفا ان هذه الاستراتيجية البسيطة لا تضمن سوى المدى القصير، مما يستدعي الشروع في التفكير لإيجاد سياسة اقتصادية وتبني برا مج مصرفية مكملة لاقتصاد المحروقات في بلادنا. من جهة أخرى، وبشان قراءته للازمة، أشار السيد سلطاني أن الأزمة المالية كانت متوقعة لأسباب عديدة أهمها خروج العالم من الثنائية القطبية بين الاتحاد السوفياتي والولاياتالمتحدةالأمريكية، بالإضافة إلى توسع وتطور نطاق الحرب على الإرهاب لتشمل الحروب على الأنظمة والدول، مما كلف الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها أموالا ضخمة حملت نظامها الاقتصادي خسائر جد باهظة. وحسب وزير الدولة، فانه من بين الأسباب التي عجلت بظهور أزمة مالية ومصرفية عالمية، هو تعدد الكوارث الطبيعية إلى جانب التحول من استعمال الطاقة الوحيدة المتمثلة في النفط، إلى البحث عن زراعة منتوجات طاقوية جديدة كلفت خزينة الدول الباحثة والمستثمرة أموالا طائلة. وفي ذات السياق، أشار المتحدث أن انهيار البورصات الكبرى في العالم على غرار بورصة ''وال ستريت'' وبورصة لندن، تسبب في انهيارات ضخمة لمصارف دولية أخرى بسبب تشابه طبيعة التسيير وإدارة رؤوس الأموال، مفسرا قيام هذه الدول بضخ مبالغ معتبرة من السيولة المالية في رصيد بنوكها ومصارفها، بسعيها إلى الحفاظ على الثقة ودعم الاقتصاديات القومية لهذه الدول التي لا زالت خاضعة لثلاثة عملات رئيسية، اليورو، الدولار، والين. أما بخصوص التنسيق الأوروبي الأمريكي لتخطي الأزمة المالية العالمية، فاعتبر ضيف جريدة ''الشعب'' ذلك دفاعا بحتا عن المصالح القومية واحتياطا لتداعيات اكبر، بدليل أن المصالح الأساسية تبقى متبادلة بين الطرفين. وبصفته رئيس حركة مجتمع السلم، ذكر السيد أبو جرة سلطاني أن حزبه نظم بمقر الحركة ندوة وطنية في ال 16 أكتوبر الجاري، بمناسبة انقضاء شهر على ما سمي بزلزال 16 سبتمبر ,2008 وذلك تحت عنوان ''الأزمة المالية في العالم.. واقع وآفاق''، بحيث فتحت النقاش على حقيقة ما تقوم به المصارف الكبرى لا سيما في نيويوركولندن من تدوير للمال بسيولات ضخمة و المضاربة بالعقارات. كما تم التطرق ضمن منبر الندوة إلى إشكالية محاولة جعل العالم كله يقوم على المديونية، سواء الأشخاص أو المؤسسات والدول من خلال تعميم قروض الاستهلاك، بحيث خلص المشاركون في الندوة إلى ضرورة ضبط سياسة القروض الاستهلاكية في الجزائر، وإيجاد بنوك مكملة للبنوك الجزائرية، خاصة البنوك المشتركة والمختلطة منها، موصيا باستثمار أموال وريوع النفط في إقامة إستراتيجية مستقبلية. وفي الأخير، كشف السيد أبو جرة سلطاني أن حركته تنوي تنظيم ندوة دولية حول واقع وتداعيات الأزمة إذا ما استمر الوضع على حاله في الأسابيع القليلة القادمة. ------------------------------------------------------------------------