ما من شك أن ما يحدث في سوريا منذ نحو عشرة أشهر، ممنهج، ومخطط له، يطال المواطن السوري في انتمائه القومي والعربي لبلده وفي هويته، من طرف قوى معادية لهذا البلد الشقيق تزعجها مواقفه الثابتة وسياسته المبنية على سيادة استقلالية قراره السياسي ووحدته الترابية. وقبل ذلك وبعده، تزعجها مبادئه الثابتة في احتضان المقاومة ودعمها والدفاع عنها. وهذه الإضطرابات السياسية مرتبطة حسب بعض المراقبين الدوليين بالشكل الإقليمي الذي رسمه الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويتبناه مع الأسف الشديد بعض القادة (العرب)، الذين تلقفوه من أجل تنفيذه لاسترضاء المخططين لهذه المؤامرة التي ستظهر آثارها المدمرة لاحقا، والتي لا تستبعد وقوف الكيان الصهيوني وراء نسج خيوطها لاقتلاع شوكة المقاومة، ونسف المثلث الذي يديرها والتي تشكل سوريا أحد أضلعه القوية. ماعسانا نقول حول هذا الذي يجري في سوريا والذي تحرص بعض الفضائيات العربية بالخصوص على إظهاره بأنه (قتل) و(إبادة) من جانب واحد، أي من طرف النظام، تحرِّض على العنف، خلال هذه الاضطرابات التي ارتبطت بقوى من الخارج أولا وقبل كل شيء قناة «الجزيرة»، التي وجّهت اهتمامها كله، و(رسالتها) الإعلامية إلى التحريض غير المنقطع ضد النظام، تحت ذريعة الحق في الإعلام، لكنه في الواقع غير ذلك إطلاقا، بل هو تضليل وتهويل مقصودان. فهذه (الرسالة) الإعلامية تصبّ في خانة الأجندة السياسية المرسومة بدقة مع سبق الإصرار، تهدف إلى تحقير الشعب السوري والاستهانة بقناعاته ومعتقداته، واخضاعه لقوى الشرّ التي تتربّص ببلده، وهذا العمل الشاذ منبوذ سياسيا وأخلاقيا ودينيا، «خصوصا» وقد اتخذ شكل تحالفات تعتدي على الآخر، وهي لا تختلف كثيرا في جوهرها عن «النازية» و«الفاشية» وإن تجملت بمساحيق حضارية كالإدعاء بالديمقراطية، ومقاومة الفكر الظلامي والسلوك الوطني... إلخ. يخطئ من يعتقد بأن الأحداث التي تعيشها سوريا حاليا ترويعا وجمرا ودماء، سببها النظام، وتخصّ الشعب السوري وتستهدفه لوحده، ولا نبالغ لو قلنا بأن الكثير من «العرب» والمستضعفين في الأرض هم في مقدمة ضحايا هذه المؤامرة التي ستمتد جمراتها لتحرقهم. إن أقسى ما في الأمر، هو «إنجرار» جامعة الدول العربية التي أقرّت عقوبات سياسية، اقتصادية، وتجارية، موجهة بالأساس ضد الشعب السوري. والأَمَرُّ والأخطر، هو ترك المجال للتأجيج والدعوة للتدويل التي ستعود حتما بالويلات على الشعب السوري وعلى المنطقة كلها.