بعد جهد جهيد، وعندما أَفْرغَ قاموسه من «الاتهامات» الموجهة للسلطة خلال خرجاته الماراطونية ومن الحل والترحال، بحثا عن كسب المصداقية التي فقدتها كل الأحزاب دون استثناء جراء ابتعادها عن هموم وانشغالات المواطنين وانحيازها إلى خدمة مصالحها وبسط نفوذها لتحقيق المزيد من المكاسب المادية والاستحواذ على أغلبية المناصب القيادية.قلت بعد جهيد جهيد، اعترف موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية ب «الجريمة» التي اقترفها (هو وغيره من قادة الأحزاب) في حق الشعب والجزائر، عندما قال: «انتهجنا الارتجالية في اختيار المترشحين»، وهذا يفيد بما لا يقبل التأويل، أن مقاييس الترشيحات لم تحترم، واعتمدت مقاييس أخرى تتمثل في «الشكارة» والجهوية والعشائرية والمحاباة والموالاة، دون أدنى اعتبار للمصداقية والنظافة والثقافة والتكوين.. إنه إقرار صريح، والإقرار سيد الأدلة. إن غياب المقاييس الحقيقية في المترشحين المنتخبين، أنتج مجالس شعبية فاشلة وجامدة، ليس بإمكانها التفاعل مع متطلبات التنمية والتجاوب مع تطلعات المواطنين وإيجاد الحلول لانشغالاتهم والإحصاءات التي قدمتها وزارة الداخلية تؤكد أن أغلب البلديات عاجزة.. أما ما تعلق بالتجاوزات والاختلاسات وإبرام صفقات غير مشروعة، فحدث ولا حرج، فكم من رئيس بلدية وعضو منتخب يقبع في السجن، وآخرون أمام المحاكم يواجهون مصيرا مجهولا. لهذا كان أحرى بقادة بعض الأحزاب الذين يوجهون سيلا من التهم لوزارة الداخلية، لا سيما فيما يتعلق بنزاهة الانتخابات وعدمها، والتنبؤ بالتزوير قبل حدوثه، أن يتحلوا بالأمانة والصدق مع مناضليهم، واحترام مقاييس الترشح التي يتغنون بها، حتى لا ينتجوا لنا منتخبين عاجزين مفسدين انتهازيين أنانيين، همهم بطونهم وليس شعبهم ووطنهم. لهذا، أقول لقادة الأحزاب الذين يقولون ما لا يفعلون، ويوجهون غيرهم ويتناسون أنفسهم غيروا ما بأنفسكم قبل أن تطالبوا بالتغيير.. وقبل كل شيء، نحن كلنا جزائريون ونعرف بعضنا جيدا.