أوضح الدكتور والإعلامي السابق رضوان جدي، الأستاذ المختص في تشريعات الإعلام وأخلاقياته بجامعة المسيلة، بأن سن قوانين الصحافة الالكترونية وتفعيل سلطة ضبط الصحافة المكتوبة، هو صمّام الأمان لما نعيشه اليوم، من تجاذب وانتشار للأخبار المتداولة، والتي تفتقد إلى المصدر الموثوق والرسمي، وما يعرفه المشهد الإعلامي من تعدد نوعي للوسائل الإعلامية، يحتاج إلى إعادة ترتيب البيت أولا، في إطار أخلقة المهنة وحمايتها من «الدُخلاء «. كما يضع الإعلامي السابق رضوان جدي في حديثه مع «الشعب»، جملة من الملاحظات والحلول، مشبعة بزبدة الأفكار نتيجة مشاركاته المتعددة، في المؤتمرات العربية والدولية على غرار تركيا وألمانيا وتونس ومصر في مجال أخلاقيات الإعلام. «الشعب»: حرص وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة، عمار بلحيمر، على إصلاحات تدخل ضمن الالتزامات التي تعهد بها رئيس الجمهورية، ترتكز على «استقلالية الإعلام وحريته بشرط أن تحترم الحياة الشخصية للمواطن مع الابتعاد عن الشتم والقذف واحترام أخلاقيات المهنة، ما هي قراءتكم لذلك من منطلق، أنكم أستاذا بقسم الإعلام ؟ الدكتور رضوان جدي: بحكم تخصّصنا في قانون الإعلام ومشاركات دولية مع متخصّصين في أخلاقيات الإعلام من أمريكا وألمانيا والسويد، هذه الأخيرة تعتبر نموذجا عالميا رائدا في تنظيم المهنة، من خلال وضع مسافة واحدة للجمهور والقائمين بالاتصال فإن قراءتنا ترتكز على الأتي: تفعيل هذا البند المتعلق بالتصدي للانتشار الرهيب لظاهرة القذف والشتم الذي لم يقتصر ضحيتها على الشخصيات العمومية، بل تجاوزه إلى الشخصيات العادية، أصبح أكثر من ضروري خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي. الشرط الذي وضعه الوزير الجديد من أجل الحريات يصّب في مصلحة المواطن أكثر من الشخصيات العمومية، ولكنه يحتاج إلى ضبط حقيقي لمفهوم أخلاقيات المهنة. - إذا كان منطلق الحرية مرهون بالمسؤولية لضمان ممارسة هادئة للحريات، فكيف يمكنكم تصوّرها؟ الإبداع لم يتوقف في الدول الأنجلوساكسونية التي تبّنت نظرية المسؤولية الاجتماعية للإعلام، على الرغم من قداسة الفكر التحرّري عندها.. وعليه، فإن التنظيم الخاص لمؤسسات الإعلام فيما بين صحفييها، قد يساهم في ممارسة المهنة في إطار حر ومسؤول. - أعلن وزير الاتصال عن فتح ورشات تتزامن مع قرار رئيس الجمهورية لمراجعة الدستور، حيث سيترتب عنه قوانين جديدة تكرّس مبدأ الممارسة الديمقراطية، من بينها قانون الانتخابات والأحزاب والجمعيات، وكذا الصحافة، ماهي أهم التعديلات التي ترونها مهمة، انطلاقا من الحقل الجامعي الى العمل الميداني ؟ أعتقد أن التعديلات كثيرة على الصحافة بمختلف أنواعها لعلّ أهمها: - تفعيل المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات المهنة الذي لم يتشكل أعضاؤه بعد مع تغيير أسلوب التعيين إلى الانتخاب أو على الأقل تركيبة المجلس يغلب عليها الطابع الانتخابي. - تفعيل سلطة ضبط الصحافة المكتوبة وسن قوانين خاصة بالصحافة الالكترونية. - ضرورة إشراك الأسرة الجامعية المتخصّصة في سلطة ضبط السمعي البصري، خاصة إذا علمنا إقبال الجمهور الجزائري المتزايد على هذه القنوات، مما يجعل السلطة الوصية تعيد التفكير بجدية في وضع قانون خاص بهذه القنوات التي تشتغل في ضبابية وفراغ قانوني كبير. - تعتبر الأسرة الجامعية شريكا محوريا في الورشات، هل وجهّت لكم دعوات لهذا الغرض؟ وماهي أهم المرتكزات التي سوف تعتمدون عليها في حالة ما استدعيتم إليها؟ سنركز كثيرا لو وجهت لنا دعوات مماثلة، على تنظيم القطاع وتنقيته من الدُخلاء على المهنة من خلال سن قوانين خاصة بالممارسين، وملاك وسائل الإعلام وأيضا تحديد ميثاق شرف المهنة خاص بكل نوع صحفي مع الحفاظ على الخصوصية المحلية والثوابت والقيم الإسلامية والوطنية.. الأخذ في الحسبان بأن مواثيق الشرف الخاصة بالسمعي بصري تختلف عن الصحافة المطبوعة وأيضا الصحافة الإلكترونية تختلف عن التقليدية. فالجامعة وضعت مسافات أكاديمية مناسبة لتكوين الصحفي، فمثلا في الماستر لتخصّصين مختلفين فرّقت بين تشريعات وأخلاقيات السمعي بصري، وأنا أشرف عليه، وآخر لتشريعات وأخلاقيات الصحافة لفائدة تخصّص صحافة مطبوعة وأشرف عليه أيضا. - تحدث بلحيمر عن الفضاء الحيوي لتكريس الحريات، معتبرا أن المسؤولية الخاصة تقع على أصحاب المهنة، ماهي هذه المسؤولية في نظركم؟ في نظرنا، الوزير يلقي بالكرة في ملعب مسؤولي المؤسسات الإعلامية بمختلف أنواعها وأنهم عليهم التفكير-كما ذكرنا- سابقا في إعداد ميثاق شرف خاص يضبط ممارستهم للمهنة في إطار المسؤولية الاجتماعية للصحافة. - إلغاء كل أشكال الرقابة والوصاية على الممارسة الصحفية من شأنه ضمان «الظروف الملائمة لممارسة حرّة ومسؤولة للعمل الصحفي»، وفي حالة عدم توّفر هذه الظروف، ماهي البدائل لخلقها أو لفرضها؟ لا أعتقد الظروف متوّفرة في الوقت الراهن لعوامل عديدة تتعلق بالصحفي والسلطة والجمهور أيضا، وعليه يجب التركيز حاليا على عقد لقاءات وندوات من قبل مختصين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة للتحسيس بأهمية التربية الإعلامية وأيضا عقد دورات تكوينية للصحفيين بأهمية ممارسة الصحافة ضمن قواعد معينة وأن الفوضى لن تجلب إلا المشاكل وسوء التأويل الذي قد يصل بأصحابها إلى المتابعات القضائية. - ركّز بلحيمر على احترام أخلاقيات المهنة والانتقال التام إلى نظام الرقمنة؟ الاتجاه الحالي في العالم يسير نحو التخلي عن الصحافة الورقية إلى ما يسمى صحافة الموبايل، ولكن الوسائل التقنية والعلمية ضعيفة جدا لمواكبة هذا التطور، ولكن يمكن إجمالا القول بأن جمهور الصحافة الورقية تراجع بشكل كبير، خاصة وأن المعلومة وجدت منفذا لها عبر وسائط التواصل الاجتماعي أيضا، الدولة لا يمكنها تقديم الدعم الكافي للصحافة الإلكترونية بدليل وجود معوّقات واجهت بعض المواقع الإلكترونية الفتية.