لبست العاصمة، منذ أول أمس، حلة بيضاء من الثلوج المتهاطلة عليها بدون انقطاع تقريبا، تحولت بحق إلى »الجزائرالبيضاء« ، وبدت بمظهر غير مألوف، وغير مسبوق، لم نشهده منذ سنوات طويلة جدا. استيقظ سكان العاصمة، وخاصة من يقطنون في أعاليها يوم السبت الماضي، على مناظر بديعة، غير مصدقين أن الأمر يجري بالجزائر، حيث غطت الثلوج وبكثافة كل ما يقع عليه نظرهم، زادتها روعة وتناغما تلك الثلوج المتهاطلة على الأشجار والمساحات الخضراء عموما، في لوحة جميلة، أبدعت الطبيعة في رسمها. في هذا المشهد البديع ورغم برودة الطقس الشديدة والتي بلغت أقل من الصفر، في بعض الأحيان لم يفوت سكان المناطق المعنية بتساقط الثلوج الفرصة للتمتع بالثلوج، وكل حسب طريقته الخاصة، إما باستغلال الأماكن القريبة من سكناهم، أو التنقل عبر السيارات للتمتع أكثر بالمناطق الخلابة التي صنتعها ثلوج العاصمة في مختلف شوارعها وأزقتها. الملفت للانتباه أن انشغال السكان عموما بالحدث الطبيعي، غطى إلى حد كبير على بعض العادات السيئة في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والمتمثلة في المفرقعات والألعاب النارية، حيث لوحظ تراجع كبير في وهيجها ليلة الاحتفال بمولود المصطفى عليه أفضل الصلوات والسلام التي صادفت أول أمس السبت والذي قد يعود أيضا إلى سلسلة الحملات الدينية الحاثة على ضرورة تجنب الطرق السلبية في احياء هذه الذكرى، والإقتداء بالسيرة النبوية، المليئة بالمثل العليا لخاتم الأنبياء والرسل. وإذا كانت المناظر البديعة قد تركت أثرا طيبا في نفوس العاصميين وأمتعتهم بتساقط جميل للثلوج، إلا أن ذات الثلوج تسببت في مآسي ومعاناة فئات أخرى، سواء من حيث صعوبة التنقل لقضاء الحاجيات الضرورية، بعد أن تسبب تهاطل الثلوج في توقف الحركة المرورية في الكثير من النقاط عبر العاصمة، أو توقف العمل والدراسة، بسبب غياب وسائل النقل، غداة التهاطل الكثيف للثلوج، مثلما حدث على مستوى كلية الحقوق التي الغيت بها كل الامتحانات المقررة، بعد أن تعذر على كل الطلبة الالتحاق بمدرجات الكلية. ومن جهة أخرى، ونظرا لتكدس الثلوج على الطرقات بسبب استمرار برودة الطقس، فإنه من المتوقع أن تتراجع إلى حد كبير حركة تنقل العربات وشاحنات التموين، مما قد تسبب في إحداث نوع من التذبذب في عملية التزود بالحاجيات الأساسية والمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، الأمر الذي قد يتطلب خطة استعجالية لتفادي أي ارباك يحدث أو ندرة في بعض المواد، مثلما بدأت تبرز أولى ملامحها على مستوى الأسواق، وعكسها الارتفاع المحسوس في الأسعار في اليومين الماضيين.