تقف «الشعب» اليوم في حوارها مع الدكتور إدريس عطية أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر لمناقشة بعض مقترحات مسودة تعديل الدستور والتي تشكّل إضافة دستورية لافتة كونها تطرح لأوّل مرّة خاصة ما تعلّق بإمكانية ارسال الجيش إلى الخارج. فالجزائر تتجه من خلال هذا المقترح، إلى إجراء تغيير جذري ولافت في العقيدة العسكرية للجيش، تسمح بإرسال وحدات من الجيش خارج الحدود، سواء للمشاركة في عمليات حفظ السلام الأممية أوفي عمليات استعادة السلام في دول منطقة الجوار ضمن إطار اتفاقيات ثنائية مع الدول المعنية، وتنسحب كلمة «الدولة المعنية»، على الحكومات الشرعية المعترف بها دولياً، باقتراح من رئيس الجمهورية وبعد الحصول على موافقة البرلمان. الدكتور عطية يقول إن اللعبة الدولية تغيّرت وعلينا أن نسايرها لهذا من الأفضل أن تكون بيد الجيش ورقة ورخصة التدخل الخارجي كلما دعت الضرورة إلى ذلك، ويضيف أن أهم ما في الدستور هوالانتقال بالجيش من جيش محلي الى جيش عالمي يمكن له أن يدافع عن رؤية وسياسة بلاده في أي مكان. -«الشعب» تضمنت وثيقة مسودة تعديل الدستور الجزائري مجموعة من المقترحات، بينها ما ارتبط بدسترة مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام الأممية وأيضا مشاركتها في استعادة السلم بالمنطقة في إطار اتفاقيات ثنائية مع الدول المعنية، ما قراءتكم للمقترحين وكيف ترون شكل هذه المشاركة وما الذي يمكن أن تحققه للجزائر سياسيا وأمنيا؟ الدكتور إدريس عطية : إن البناء الدستوري للتحول في العقيدة العسكرية الجزائرية تقف على موقفين، الأول يقول بأنه ليس بالضرورة أن يشارك جيشنا في قضايا دولية لا تقرها سياستنا الوطنية لكن من الأفضل أن تكون بيده ورقة ورخصة التدخل الخارجي كلما دعت الضرورة إلى ذلك، هل يرضينا مثلا أن يسرح ويمرح على حدودنا مرتزقة وهي تعلم أن جيشنا مكبلا لا يستطيع الخروج مترا واحدا خارج حدوده الوطنية، لقد تغيرت اللعبة الدولية وعلينا أن نسايرها ولا يبقى جيشنا ينظر إلى الجيوش في الخارج تفرض سياسات دولها. لا ليس من أجل هذا إنما لكي يتمتع الجيش الوطني الجزائري بما تتمتع به غيره من الجيوش، هذا كل شيء أوقل ليصبح جيشنا قادرا على التدخل لفرض سياسة دولته كلما دعت الظروف إلى ذلك. وهناك موقف ثان يتمسك بالمانع الدستوري الذي يرفض تواجد أي عسكري خارج الحدود بحجة التخوف من أي انزلاق استراتيجي أوتوريط الجيش الجزائري في أزمات لا علاقة لنا بها. - تضمن مشروع تعديل الدستور مقترحا آخر يقضي بإمكانية إرسال الجيش إلى الخارج بعد موافقة البرلمان، ما المقصود بهذا المقترح ؟ أهم ما في الدستور الانتقال بالجيش من جيش محلي الى جيش عالمي يمكن له أن يدافع عن رؤية وسياسة بلاده في أي مكان. نحن أيضا في غنى عن خدمة مجلس الأمن تحت إطار عمليات حفظ السلام مثل القبعات الزرق، فالدول الغربية هي في الغالب من تقوم بإشعال فتيل الحروب مثل ما حدث بين الهوتووالتوتسي في رواندا وبورندي، وما نخشاه أن نكون في خدمة الدول الإمبريالية مصالحها. ما يهم هوأين مصلحتنا وكيف يجب أن ندافع عنها بكل السبل بما فيها العسكري. هذه النقطة بالذات ستجعل غيرنا يحسب لنا ألف حساب،سيكون جيشنا فاعلا على المستوى الدولي، لقد كانت عقيدة مكبلة للجيش جعلت منه جيشا محليا تلعب جيوش الدول الصغرى على حدوده وهويتفرج بسبب مانع دستوري، فالجزائر ترتبط منذ زمن باتفاقية دفاع عربي مشترك وترتبط مع الاتحاد الأفريقي باتفاقية منع ومكافحة الإرهاب والقوة الإفريقية الجاهزة بما فيها قدرة لواء شمال إفريقيا، إضافة إلى مساهماتها المتعددة في مهمات حفظ السلام شاركت الجزائر في الحروب العربية الصهيونية، أعتقد أن تفعيل الجزائر لالتزاماتها الثنائية أوالجماعية لا يعني ذلك المغامرة بتوريط الجيش في القضايا والأزمات التي تخل بمبدأ السياسة الخارجية المتعلق بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. كما أن ما يسمى بعقيدة الجيش كانت لا تسمح له بالعمل خارج الحدود نقطة سوداء في طريق جيشنا الباسل، فلا مجال للانطواء والتقوقع والانعزال والحياد، بل يجب أن نكون براغماتيين ونتحرك حيث تكون المصلحة الوطنية. بل يجب أن يتصدى لوأد طموحات الدول الأخرى ويدخل في تحالفات تخدم سياستنا الوطنية والدولية ويكرسها بحد السلاح والقوة الصلبة ان التزم ذلك. - ما تعليقكم على المقترحات التي تضمنتها مسودة التعديل ؟ نحن أمام تجديد دستوري ولسنا أمام تعديل دستوري ولا مراجعة دستورية، فالجزائر الجديدة تحتاج إلى دستور جديد وهذا لا يعني إطلاقا التخلي عن القيم الوطنية والمشترك الجماعي، فالهندسة الدستورية البرنامجية تحتاج النظر للمستقبل وتجاوز تحديات الحاضر، فالمسودة المطروحة حاليا هي أكثر جرأة من حيث تعزيز الحقوق والحريات العامة أوالموازنة بين السلطات السياسية واستقلالية القضاء، ومع ذلك فالمسودة فيها ما يقال ويناقش إما بالحذف أوالإثراء أوالإضافة، ففي اعتقادي الدستور الذي لا يحمي ثوابت الأمة والوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي ويجعل المؤسسات خادمة لها وملتزمة به، لا خير فيه وختاما نقول الجزائر الجديدة تحتاج إلى قواعد جديدة.