«المجتمع الفنّي غير مطلّع على المرسوم التنفيذي 14-69، الذي يحدّد أساس ونسبة اشتراك وأداءات الضمان الاجتماعي التي يستفيد منها الفنانون والمؤلفون».. هو ما أكّده وزيرا الثقافة والعمل حين لقائهما بحر الأسبوع الماضي بمقرّ وزارة الثقافة. وإذا كان هذا النص القانوني مهمّا في سائر الأيام، فإن أهميته تزداد في ظلّ الأزمة الصحّية العالمية الحالية.. فما فحوى هذا المرسوم؟ وما هي الحقوق التي يمنحها للفنانين؟ تحدث وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، شوقي عاشق يوسف، الأسبوع الماضي، عن أن وزارتيْ العمل والثقافة بصدد التحضير لمشروع مرسوم تنفيذي منظم لمهن الفنانين والكوميديين «سيسمح للمعنيين بالاستفادة من نظام معين خاص بكيفية إبرام عقود العمل والأجور». قبل ذلك، كان كلّ من وزيريْ الثقافة والعمل قد أشارا، خلال لقائهما الثلاثاء الماضي، إلى غياب اطلاع المجتمع الفني على المرسوم التنفيذي رقم 14-69 المؤرخ في 9 ربيع الثاني عام 1435 الموافق 9 فبراير 2014، والذي يحدد أساس ونسبة اشتراك وأداءات الضمان الاجتماعي التي يستفيد منها الفنانون والمؤلفون المأجورون على النشاط الفني و/أوالتأليف. الفنانون والمؤلفون.. فئات خاصّة تعرّف المادة الثانية من المرسوم الفنان أوالمؤلف بكونه «كل شخص يبدع أويشارك بعمله الفني أوالأدبي أوالتقني في إبداع أوإنجاز عمل أومنتوج فني أوفي أدائه أوتنفيذه، بأي صفة كانت، وعلى جميع الدعائم». ويخضع الانتساب للضمان الاجتماعي للفنان و/أوالمؤلف إلى التصريح لدى الضمان الاجتماعي، على استمارة منصوص عليها في ملحق مرفق بالمرسوم. وتتضمن هذه الاستمارة المعلومات الشخصية للمصرّح، ويجب أن ترفق بشهادة الميلاد رقم 12، والشهادة العائلية، والوثائق التي تثبت صفة الفنان أوالمؤلف. ويسري تاريخ انتساب الفنان والمؤلف بصفته مؤمّنا له اجتماعيا بعنوان هذا المرسوم، من تاريخ أول تصريح، وذلك دون الإخلال بالحقوق المرتبطة بصفة عامل مشبه بأجير، المكتسبة بعنوان تشريع وتنظيم الضمان الاجتماعي من طرف الفنانين والممثلين والمشاركين في التمثيل قبل دخول هذا المرسوم حيز التنفيذ، حسبما تنصّ عليه المادة الثالثة من المرسوم. أما أساس اشتراك الضمان الاجتماعي المطبق على الفنانين والمؤلفين، فقد حدّدته المادة 4 من المرسوم ب»مبلغ الأجرة المتقاضاة بعنوان كل نشاط فني و/أوتأليف في حدود سقف قدره ثلاث (3) مرات المبلغ الشهري للأجر الوطني الأدنى المضمون أو عند الاقتضاء، ثلاث (3) مرات المبلغ السنوي للأجر الوطني الأدنى المضمون، عندما يصرّح بالأجرة بعنوان الدخل السنوي». فيما حدّدت نسبة اشتراك الضمان الاجتماعي ب12 بالمائة على عاتق الفنان أوالمؤلف. كما تقع الالتزامات في مجال التصريح بالأجرة ودفع اشتراكات الضمان الاجتماعي على عاتق الفنان والمؤلف وممثليهما المفوضين قانونا، ويجب أن تتم في أجل لا يتعدى ثلاثين (30) يوما، ابتداءً من تاريخ استلام الأجرة، على الاستمارة المخصصة لهذا الغرض، والمنصوص عليها في ملحق ثانٍ مرفق بالمرسوم. ونجد في هذه الاستمارة جدولا يتضمن اسم ولقب الشخص الطبيعي أوتسمية الشخص المعنوي الدافع لأجرة النشاط الفني، ونوع النشاط، وتاريخه، وتاريخ دفع الأجرة، ومبلغها، وبالاعتماد على ذلك يحدّد صندوق الضمان الاجتماعي أساس الاشتراك ومبلغ الاشتراك، وهما الخانتان الأخيرتان في الجدول. من جهة أخرى، تحسب السنوات المدنية الموالية للسنة المدنية الأولى لانتساب الفنان والمؤلف، بصفة مؤمّن له اجتماعيا، كسنوات مماثلة لفترات عمل سنوية بعنوان أداءات الضمان الاجتماعي، مع مراعاة قيام الفنان والمؤلف بالالتزامات المنصوص عليها في هذا المرسوم. حقوق وتأمينات متعدّدة يستفيد الفنانون والمؤلفون من جميع أداءات الضمان الاجتماعي على غرار العمال الأجراء وضمن نفس الشروط، مع مراعاة الكيفيات الخاصة المطبقة على الأداءات النقدية للتأمين على المرض والتأمين على الأمومة وحوادث العمل والأمراض المهنية وكذا التأمين على الوفاة، وهوما تحدده المادة السابعة (7) من المرسوم. وتُدفع التعويضات اليومية للتأمين على المرض والتأمين على الأمومة طبقا للتشريع المعمول به على أساس أجر يومي يحسب استنادا إلى الأجرة المصرّح بها خلال الإثني عشر (12) شهرا التي تسبق اليوم الأول للتوقف عن العمل في حدود أساس الاشتراك الذي تنص عليه المادة الرابعة من المرسوم. أما الأداءات النقدية بعنوان حوادث العمل والأمراض المهنية، فتُحسب استنادا إلى أساس الاشتراك الذي تحدده المادة الرابعة، وعقد، أوعقود، النشاطات الفنية و/أوالتأليف أوأي وسيلة تثبت علاقة حوادث العمل أوالأمراض المهنية بالنشاطات الفنية و/أوالتأليف المرتبطة بها. من جهة أخرى، يساوي مبلغ رأسمال الوفاة المدفوع لذوي حقوق الفنان المتوفى، المبلغ السنوي لأفضل أجرة مصرّح بها لدى الضمان الاجتماعي، في حدود مبلغ الأساس سابق الذكر. هنالك حالة أخرى تتطرق إليها المادّة 8 من المرسوم، تتعلّق بالفنانين والمؤلفين الذين هم من جهة أخرى، مؤمّن لهم اجتماعيا بعنوان نشاطهم المهني الرئيسي، أجراء أوغير أجراء. وفي هذه الحالة، يحدّد أساس اشتراك الضمان الاجتماعي المطبق بمبلغ الأجرة المدفوعة بعنوان كل نشاط فني و/أوتأليف. أما النسبة فتعادل 2.75 بالمائة يتحملها حصريا الشخص المعنوي أوالطبيعي غير الدافع للأجرة. ويقع التصريح بالفنان والمؤلف واقتطاع ودفع اشتراكاته للضمان الاجتماعي على عاتق الشخص المعنوي أوالطبيعي غير الدافع لأجرة النشاط الفني و/أوالتأليف. ويستفيد الفنانون والمؤلفون المذكورون في هذا الإطار من أداءات حوادث العمل والأمراض المهنية طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما (المادة 9 من المرسوم). ويتعين على الفنانين والمؤلفين أن يرسلوا إلى وكالة هيئة الضمان الاجتماعي المكلفة بتحصيل اشتراكات العمال الأجراء المختصة إقليميا (الوكالة الولائية لمكان إقامة الفنان) تصريحا بالنشاط المهني والمداخيل الخاضعة لاشتراك الضمان الاجتماعي بعنوان السنة المدنية السابقة، على الاستمارة المخصصة لهذا الغرض، على أن يكون ذلك في الثلاثين (30) يوما الأولى من كلّ سنة مدنية (ونشير هنا إلى أن هذه الاستمارة الثالثة شبيهة بالاستمارة السابقة التي ذكرناها، حيث تتضمن جدولا يُذكر فيه نوع النشاط وتاريخه وتاريخ دفع الأجرة ومبلغها). كما يجب أن يصرّح المعنيون بكل توقف عن النشاط للفنان والمؤلف لدى وكالة هيئة الضمان الاجتماعي المختصة، في أجل ثلاثين (30) يوما ابتداءً من تاريخ التوقف عن النشاط. كلمات لابدّ منها من المهمّ أن يكون للفنانين والمبدعين نصوصا قانونية تخوّلهم الاستفادة من مختلف الحقوق، خصوصا فيما يتعلّق بالضمان الاجتماعي، ولكن الإعلام بهذه الحقوق والتعريف بها وبكيفية الاستفادة منها يبقى ضعيفا جدّا، وهودور يمكن لعدّة جهات أن تلعبه، سواء المؤسسات الثقافية الرسمية، أوالجمعيات والنوادي الثقافية. في الكفّ الآخر، تمتاز نشاطات، وبالتالي مداخيل الفنان، بكونها متذبذبة وغير قارّة، ومناسباتية أوموسمية إلى حدّ كبير، ما يجعل الفنانين غير الأجراء في وضع خاصّ جدّا لا يسمح بمعاملتهم معاملة الأجير ذي الأجر الثابت والقارّ. ولعلّ اقتراح تعريف جامع ودقيق للفنان يبقى، على أهمّيته، الحلقة المفقودة إلى غاية الآن. ولم يحدْ هذا المرسوم التنفيذي عن هذه القاعدة، حيث تقدّم مادته الثانية تعريفا «إجرائيا» للفنان، ولكنها حينما تعرّفه بكونه «كل شخص يبدع أويشارك بعمله الفني»، فهي بذلك تعرّف الفنان بعمله الفني، ما يوجب بدوره تعريف العمل الفني وتحديده، وهذا يجعلنا ندور في حلقة مفرغة، مركزها سؤال «من هوالفنان؟». وفي هذا الصدد، يبقى الفنان الجزائري ينتظر أن يستكمل المجلس الوطني للفنون والآداب المسار الذي أطلقه، حينما كان يترأسه كاتب الدولة الحالي للإنتاج الثقافي، والمتعلق بصدور نص القانون الذي ينقح المرسوم التنفيذي 11-209 من أجل التأسيس القانوني ل»بطاقة الهوية الفنية»، وتطوير المنصة الرقمية لقاعدة البيانات لفتح باب التسجيل على الشابكة، وانطلاق اختبارات الاستماع والمقابلات أمام لجنة المجلس للاعتراف بصفة فنان، في انتظار ورشة العمل الخاصة بمشروع قانون الفنان.