اعترافا بمساعيهم المرافقة للسّلطات العمومية في مكافحة تفشّي فيروس كورونا، وتقديرا لانخراطهم الكامل في عملية التّضامن الواسعة النّطاق في التكفل بالعائلات في الحجر الصحي، بتوفير لهم ما يلزم من مواد غذائية وغيرها، قرّرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتّهيئة العمرانية هيكلة المبادرات الفردية والجماعية التي كان لها حضور قوي خلال الأشهر الماضية استرعت انتباه الجزائريّين نظرا لما قدّموه من خدمات جديرة بالتّنويه. هذه الدّعوة الصّادرة عن الوصاية مفتوحة على تسهيلات غير مسبوقة من النّاحية الادارية، تجاوزت كل تلك الاكراهات البيروقراطية، كل معني مطالب بأن يسجّل على موقع الوزارة ويقترب من مركز البلدية ليتلقّى الوصل خلال 10 أيام، ومنح قاعة لفائدة الأعضاء المؤسّسين لعقد المؤتمر التّأسيسي. وبمجرّد أن يتحصّل هؤلاء على الاعتماد ينشطون في إطار نظامي، ويتلقّون كل الدعم من قبل الجهات المسؤولة من أجل أداء مهامهم بكل أريحية بعيدا عن كل ضغط، ويتحرّكون في وسط يليق بطبيعة أعمالهم المرتبطة بالميدان كما كان الأمر خلال محاربة فيروس كوفيد 19. هذا التّوجه القائم على تثمين المبادرات ذات الطابع التّضامني يندرج في خضم الانشغال الخاص بالاستثمار في الموارد البشرية الحاملة لمشاريع اجتماعية، القادرة على تمتين الرّوابط الانسانية في المجتمع بعد ملاحظة أنّ المجهود الجبار المبذول خلال ذروة كورونا استطاع أن يضع الفارق بشكل يحتاج إلى المتابعة الدقيقة. وكان لابد من تضافر جهود كل هذه المساعي التّضامنية ضمن وعاء قانوني واضح، يشمل أي عمل في هذا الشأن يحمل صفة المنفعة العامة، وهذا ما سجّلناه خلال الأزمة الصحية الأخيرة، ببروز نماذج حيّة من شباب وصلوا الى آخر نقطة من القرى والمداشر خدمة للآخرين. واليوم فإنّ مفهوم الجمعيات لا ينحصر في زاوية إدارية محضة أو ذات إطار مناسباتي أو ظرفي، وإنما هو تواصل في مرافقة العناوين الكبرى التي تشهدها البلاد من باب مساعدة السّلطات العمومية في نقل الرّسائل مباشرة إلى المواطن دون أي حواجز أخرى، وهذا ما وقفنا عليه خلال الأزمة الصحية الأخيرة، حيث طفا إلى السّطح صنّاع الفعل التّضامني دون أي بروتوكولات تذكر بل إنّ الحس الوطني كان محرّكا قويّا في التّفاعل مع الأحداث بهدوء وحكمة نظرا لحساسية الموقف ألا وهو انتشار فيروس كورونا. وما على السّلطات العمومية إلا الاستثمار في هذا المسعى العفوي، من خلال العمل على تنظيمه وفق القوانين سارية المفعول، التي تسمح بأن تهيكل كل المبادرات في إطار منظّم يسمح من الآن فصاعدا باستحداث ذلك الحوار المباشر مع فعاليات المجتمع المدني عبر فتح قنوات تمكّن من اتّخاذ القرار الصّائب في هذا الشّأن.